الفصل التاسع والعشرون
حينئذ قال فيلبس : ما أعظم هي رحمة الله للذين يحبونه ، قل لنا يا معلم كيف وصل إلى معرفة الله ، أجاب يسوع : لما بلغ إبراهيم جوار بيت أبيه خاف أن يدخل البيت ، فانتقل إلى بعد البيت وجلس تحت شجرة نخل حيث لبث منفردا ، وقال : ( لا بد من وجود إله ذي حياة وقوة أكثر من الإنسان لأنه يصنع الإنسان ، والإنسان بدون الله لا يقدر أن يصنع الإنسان ) ، حينئذ التفت حوله وأجال نظره في النجوم والقمر والشمس فظن أنهـا هي الله ، ولكن بعد التبصر في تغيراتها وحركاتها قال: ( يجب ألا تطرأ على الله الحركة ولا تحجبه الغيوم وإلا فني الناس ) ، وبينما هـو متحير سمع اسمه ينادى : ( يا إبراهيم ) ، فلما التفت ولم ير أحد في جهة قال : ( إني قد سمعت يا إبراهيم ) ، ثم سمع كذلك اسمه ينادى مرتين أخريين ( يا إبراهيم ) ، فأجاب : ( من يناديني ؟ ) ، حينئذ سمع قائلا يقول : ( انه أنا ملاك الله جبريل ) ، فارتاع إبراهيم ، ولكن الملاك سكن روعه قائلا : ( لا تخف يا إبراهيم لأنك خليل الله ، فإنك لما حطمت آلهة الناس تحطيما اصطفاك إله الملائكة والأنبياء حتى إنك كتبت في سفر الحياة ) ، حينئذ قال إبراهيم ( ماذا يجب علي أن أفعل لأعبد إله الملائكة والأنبياء الأطهار ؟ ) ، فأجاب الملاك : ( اذهب إلى ذلك الينبوع واغتسل ، لأن الله يريد أن يكلمك ) ، أجاب إبراهيم : ( كيف ينبغي أن اغتسل ؟ ) ، فتبدى له حينئذ المـلاك يافعا جميلا واغتسل من الينبوع قائلا : افعل كذلك بنفسك يا إبراهيم ) ، فلما اغتسل إبراهيم قال الملاك ( ارتق ذلك الجبل لأن الله يريد أن يكلمك هناك ) ، فارتقى إبراهيم الجبل كما قال له الملاك ، ولما جثا على ركبتيه قال لنفسه ( متى يا ترى يكلمني إله الملائكة ؟ ) ، فسمع صوتا لطيفا يناديه ( يا إبراهيم ) ، فأجابه إبراهيم : ( من يناديني ؟ ) ، فأجاب الصوت : ( أنا إلهك يا إبراهيم ) ، أما إبراهيم فارتاع وعفر بوجهه الأرض قائلا : ( كيف يصغي عبدك إليك وهو تراب ورماد ؟ ) ، حينئذ قال الله ( لا تخف بل انهض لأني قد اصطفيتك عبدا لي واني أريد أن أباركك وأجعلك شعبا عظيما ، فاخرج إذا من بيت أبيك وأهلك وتعال اسكن في الأرض التي أعطيكها أنت ونسلك ، فأجاب إبراهيم : ( إني لفاعل كل ذلك يا رب ولكن احرسني لكي لا يضرني إله آخر ) ، فتكلم الله قائلا : ( أنا الله أحد ، ولا إله غيري ، أضرب وأشفي ، أميت وأحي ، أنزل الجحيم وأخرج منه ، ولا يقدر أحد أن ينقذ نفسه من يدي ) ، ثم أعطاه الله عهد الختان وهكذا عرف الله أبونا إبراهيم ، ولما قال يسوع هذا رفع يديه قائلا : الكرامة والمجد لك يا الله ، ليكن كذلك .
Powered by Backdrop CMS