الفصل الخامس والأربعون


ثم جاء الملاك جبريل يسوع وكلمه بصراحة حتى أننا نحن أيضا سمعنا صوته يقول : ( قم واذهب إلى أورشليم ) فانصرف يسوع وصعد إلى أورشليم ، ودخل يوم السبت الهيكل وابتدأ يعلم الشعب ، فأسرع الشعب إلى الهيكل مع رئيس الكهنة والكهنة الذين اقتربوا من يسوع قائلين : يا معلم قيل لنا أنك تقول سوءا فينا لذلك احذر أن يحل بك سوء ، أجاب يسوع : الحق أقول لكم أني أقول سوءا عن المرائين فإذا كنتم مرائين فإني أتكلم عنكم ، فقالوا : من هو المرائي قل لنا صريحا ، قال يسوع : الحق أقول لكم أن كل من يفعل حسنا لكي يراه الناس فهو مراء ، لأن عمله لا ينفذ إلى القلب الذي لا يراه الناس فيترك فيه كل فكر نجس وكل شهوة قذرة ، أتعلمون من هو المرائي ، هو الذي يعبد بلسانه الله ويعبد بقلبه الناس ، إنه بغي لأنه متى مات يخسر كل جزاء ، لأن في هـذا الموضـوع يقول النبي داود : ( لا تثقوا بالرؤساء ولا بأبناء الناس الذين ليس بهـم خلاص لأنه عند الموت تهلك أفكارهم ) بل قبل الموت يرون أنفسهم محرومـين من الجزاء ، لأن (( الإنسان )) كما قال أيوب نبي الله : ( غير ثابت فلا يستقر على حال ، فإذا مدحك اليوم ذمك غدا ، وإذا أراد أن يجزيك اليوم سلبك غدا ، ويل إذا للمرائين لأن جزاءهم باطل ، لعمر الله الذي أقف في حضرته أن المرائي لص ، ويرتكب التجديف لأنه يتذرع بالشريعة ليظهر صالحا ، ويختلس مجد الله الذي له وحده الحمد والمجد إلى الأبد ، ثم أقول لكم أيضا أنه ليس للمرائي إيمان ، لأنه لو آمن بأن الله يرى كل شيء وأنه يقاص الإثم بدينونة مخوفة لكان ينقي قلبه الذي يبقيه ممتلئا بالإثم لأنه لا إيمان له .

الحق أقول لكم أن المرائي كقبر أبيض من الخارج ، ولكنه مملوء فسادا وديدانا ، فإذا كنتم أيها الكهنة تعبدون الله لأن الله خلقكم ويطلب ذلك منكم فلا أندد بكم لأنكم خدمة الله ، ولكن إذا كنتم تفعلون كل شيء لأجل الربح ، وتبيعون وتشترون في الهيكل كما في السوق ، غير حاسبين أن هيكل الله بيت للصلاة لا للتجارة وأنتم تحولونه مغارة لصوص ، وإذا كنتم تفعلون كل شيء لترضوا الناس ، وأخرجتم الله من عقلكم ، فإني أصيح بكم أنكم أبناء الشيطان ، لا أبناء إبراهيم الذي ترك بيت أبيه حبا في الله ، وكان راضيا أن يذبح ابنه ، ويل لكم أيها الكهنة والفقهاء إذا كنتم هكذا لأن الله يأخذ منكم الكهنوت .