الفصل الخامس والأربعون بعد المائة
لعمر الله لقد كان في زمن إيليا خليل الله ونبيه إثنا عشر جبلا يقطنها سبعة عشر ألف فريسي ، ولم يكن بين هذا العدد الغفير منبوذ واحد بل كانوا جميعا مختاري الله ، أما الآن وفي إسرائيل أكثر من مائة ألف فريسي فعسى أن شاء الله أن يوجد بين كل ألف مختار واحد ، فأجاب الفريسيون بحنق : أنحن إذا جميعا منبوذون وتجعل ديانتنا منبوذة ؟ ، أجاب يسوع : إني لا أحسب ديانة الفريسيين الحقيقيين منبوذة بل ممدوحة وإني مستعد أن أموت لأجلها ، ولكن تعالوا ننظر هل أنتم فريسيون ؟ ، إن إيليا خليل الله كتب إجابة لتضرع تلميذه اليشع كتيبا أودع فيه الحكمة البشرية مع شريعة الله أبينا ، فتحير الفريسيون لما سمعوا اسم كتاب إيليا لأنهم عرفوا بتقليداتهم أن لا أحد حفظ هذا التعليم ، لذلك أرادوا أن ينصرفوا بحجة أشغال يجب قضاؤها ، حينئذ قال يسوع : لو كنتم فريسيين لتركتم كل شغل ولاحظتم هذا لأن الفريسي إنما يطلب الله وحده ، لذلك تأخروا بإرتباك ليصغوا إلى يسوع الذي عاد فقال ، ( إيليا عبد الله ) لأنه هكذا يبتدئ الكتيب ( يكتب هذا لجميع الذين يبتغون أن يسيروا مع الله خالقهم ، إن من يحب أن يتعلم كثيرا يخاف الله قليلا ، لأن من يخاف الله يقنع بأن يعرف ما يريده الله فقط ، إن من يطلب كلاما مزوقا لا يطلب الله الذي لا يفعل إلا توبيخ خطايانا ، على من يشتهون أن يطلبوا الله أن يحكموا إقفال أبواب بيتهم وشبابيكه ، لأن السيد لا يرضى أن يوجد خارج بيته حيث لا يحب ، فاحرسوا مشاعركم واحرسوا قلبكم لأن الله لا يوجد خارجا عنا في هذا العالم الذي يكرهه ، على من يريدون أن يعملوا أعمالا صالحة أن يلاحظوا أنفسهم لأنه لا يجدي المرء نفعا أن يربح كل العالم ويخسر نفسه ، على من يريدون تعليم الآخرين أن يعيشوا أفضل من الآخرين لأنه لا يستفاد شيء ممن يعرف أقل منا نحن ، فكيف إذاً يصلح الخاطئ حياته وهو يسمع من هو شر منه يعلمه .
على من يطلبون الله أن يهرب من محادثة البشر ، لأن موسى لما كان وحده على جبل سينا وجد الله وكلمه كما يكلم الخليل خليله ، على من يطلبون الله أن يخرجوا مرة كل ثلاثين يوما إلى حيث يكون أهل العالم ، لأنه يمكن أن يعمل في يوم واحد أعمال سنتين من خصوص شغل الذي يطلب الله ، عليه متى تكلم أن لا ينظر إلا إلى قدميه ، عليه متى تكلم أن لا يقول إلا ما كان ضروريا ، عليهم متى أكلوا أن يقوموا عن المائدة وهم دون الشبع ، مفكرين كل يوم أنهم لا يبلغون اليوم التالي ، وصارفين وقتهم كما يتنفس المرء ، ليكن ثوب واحد من جلد الحيوانات كافيا ، على كتلة التراب أن تنام على الأديم ، ليكف كل ليلة ساعتان من النوم ، عليه أن لا يبغض أحدا إلا نفسه ، عليهم أن يكونوا واقفين أثناء الصلاة بخوف كأنهم أمام الدينونة الآتية فافعلوا إذاً هذا في خدمة الله مع الشريعة التي أعطاكم إياها الله على يد موسى ، لأنه بهذه الطريقة تجدون الله ، وأنكم ستشعرون في كل زمان ومكان أنكم في الله وأن الله فيكم ، هذا كتيب إيليا أيها الفريسيون لذلك أعود فأقول لكم لو كنتم فريسيين لسررتم بدخولي هنا لأن الله يرحم الخطاة .
Powered by Backdrop CMS