الفصل الخامس والثمانون

قال يسوع: إذا فعل إنسان سوءا أو تكلم بسوء وذهب أحد ليصلحه ويمنع عملا كهذا فماذا يفعل هذا ؟ ، أجاب التلاميذ : إنه يفعل حسنا لأنه يخدم الله الذي يطلب على الدوام منع الشر كما أن الشمس تطلب على الدوام طرد الظلام ، فقال يسوع : وأنا أقول لكم أنه بالضد من ذلك متى فعل أحد حسنا أو تكلم حسنا فكل من يحاول منعه بوسيلة ليس فيها ما هو أفضل منه فإنما هو يخدم الشيطان بل يصير رفيقه ، لأن الشيطان لا يهتم بشيء سوى منع كل شيء صالح ، ولكن ماذا أقول لكم الآن ؟ ، إني أقول ما قاله سليمان النبي قدوس وخليل الله : ( من كل ألف تعرفونهم يكون واحد صديقكم ) ، فقال متى : ألا نقدر إذاً أن نحب أحدا ؟ ، فأجاب يسوع : الحق أقول لكم أنه لا يجوز لكم أن تكرهوا شيئا إلا الخطيئة ، حتى أنكم لا تقدرون أن تبغضوا الشيطان من حيث هو خليقة الله بل من حيث هو عدو الله ، أتعلمون لماذا ؟، إني أفيدكم ، لأنه خليقة الله وكل ما خلق الله فهو حسن وكامل ، فلذلك كل من يكره الخليقة يكره الخالق ، ولكن الصديق شيء خاص لا يسهل وجوده ولكن يسهل فقده ، لأن الصديق لا يسمح باعتراض على من يحبه حبا شديدا ، احذروا وانتبهوا ولا تختاروا من لا يحب من تحبون صديقا ، فاعلموا ما المراد بالصديق ؟ ، لا يراد بالصديق إلا طبيب النفس ، وهكذا كما أنه يندر أن يجد الإنسان طبيبا ماهرا يعرف الأمراض ويفقه استعمال الأدوية فيها هكذا يندر وجود أصدقاء يعرفون الهفوات ويفقهون كيف يرشدون للصلاح ، ولكن هنالك شر وهو أن لكثيرين أصدقاء يغضون الطرف عن هفوات صديقهم ، وآخرين يعذرونهم ، وآخرين يحامون عنهم بوسيلة عالمية ، ويوجد أصدقاء ـ وذلك شر مما تقدم ـ يدعون أصدقاءهم ويعضدونهم في ارتكاب الخطأ وستكون آخرتهم نظير لؤمهم ، احذروا من أن تتخذوا أمثال هؤلاء القوم أصدقاء ، لأنهم أعداء وقتلة النفس حقا .