الفصل الخامس والخمسون

ويذهب رسول الله ليجمع كل الأنبياء الذين يكلمهم راغبا إليهم أن يذهبوا معه ليضرعوا إلى الله لأجل المؤمنين ، فيعتذر كل أحد خوفا ، ولعمر الله أني أنا أيضا لا أذهب إلى هناك لأني أعرف ما أعرف ، وعندما يرى الله ذلك يذكر رسوله كيف أنه خلق كل الأشياء محبة له ، فيذهب خوفه ويتقدم إلى العرش بمحبة واحترام والملائكة ترنم : ( تبارك اسمك القدوس يا الله إلهنا ) ومتى صار على مقربة من العرش يفتح الله لرسوله كخليل لخليله بعد طول الأمد على اللقاء ، ويبدأ رسول الله بالكلام أولا فيقول : ( إني أعبدك وأحبك يا إلهي ، وأشكرك من كل قلبي ونفسي ، لأنك أردت فخلقتني لأكون عبدك ، وخلقت كل شيء حبا فيّ لأحبك لأجل كل شيء وفي كل شيء وفوق كل شيء ، فليحمدك كل خلائقك يا إلهي ) حينئذ تقول كل مخلوقات الله ( نشكرك يا رب وتبارك اسمك القدوس ) الحق أقول لكم أن الشياطين والمنبوذين مع الشيطان يبكون حينئذ حتى أنه ليجري من الماء من عين الواحد منهم أكثر مما في الأردن ، ومع هذا فلا يرون الله ، ويكلم الله رسـوله قائلا : ( مرحبـا بك يا عبدي الأمين ، فاطلب ما تريد تنل كل شيء ) فيجيب رسول الله : ( يا رب أذكر أنك لما خلقتني قلت أنك أردت أن تخلق العالم والجنة والملائكة والناس حبا فيّ ليمجدوك بي أنا عبدك ، لذلك أضرع إليك أيها الرب الإله الرحيم العادل أن تذكر وعدك لعبدك ) فيجيب الله كخليل يمازح خليله ويقول: ( أعندك شهود على هذا يا خليلي محمد ؟ ) فيقول بإحترام: ( نعم يا رب ) فيقول الله : ( اذهب وادعهم يا جبريل ) فيأتي جبريل إلى رسول الله ويقول : ( من هم شهودك أيها السيد ؟ ) فيجيب رسول الله : ( هم آدم وإبراهيم وإسماعيل وموسى وداود ويسوع ابن مريم ) فينصرف الملاك وينادي الشهود المذكورين الذين يحضرون إلى هناك خائفين .

فمتى حضروا يقول لهم الله : ( أتذكرون ما أثبته رسولي ؟ ) فيجيبون : ( أي شيء يا رب ) فيقول الله : ( أني خلقت كل شيء حبا فيه ليحمدني كل الخلائق به ) فيجيب كل منهم : ( عندنا ثلاثة شهود أفضل منا يا رب ، فيجيب الله : ( ومن هم هؤلاء الثلاثة ؟ ) فيقول موسى : ( الأول الكتاب الذي أعطيتنيه ) ويقول داود : ( الثاني الكتاب الذي أعطيتنيه ) ويقول الذي يكلمكم : يارب إن العالم كله أغراه الشيطان فقال إني كنت ابنك وشريكك ، ولكن الكتاب الذي أعطيتنيه قال حقا أني أنا عبدك ، ويعترف ذلك الكتاب بما أثبته رسولك ، فيتكلم حينئذ رسول الله ويقول : ( هكذا يقول الكتاب الذي أعطيتنيه يا رب ، فعندما يقول رسول الله هذا يتكلم الله قائلا : ( إن ما فعلت الآن إنما فعلته ليعلم كل أحد مبلغ حبي لك ) وبعد أن يتكلم هكذا يعطي الله رسوله كتابا مكتوب فيه أسماء كل مختاري الله ، لذلك يسجد كل مخلوق لله قائلا : ( لك وحدك اللهم المجد والإكرام لأنك وهبتنا لرسولك ) .