الفصل الرابع والثلاثون
وكان أمام الباب واحد كانت يده اليمنى متيبسة إلى حد لم يتمكن معه من استعمالها ، فوجه يسوع قلبه لله وصلى ثم قال : لتعلموا أن كلماتي حق أقول باسم الله امدد يا رجل يدك المريضة ، فمدها صحيحة كأن لم تصبها علة ، حينئذ ابتدأوا يأكلون بخوف الله ، وبعد أن أكـلوا قليلا قال يسوع أيضا : الحق أقول لكم أن إحراق مدينة لأفضل من أن يترك فيها عادة رديئة ، لأن لأجل مثل هذا يغضب الله على رؤساء وملوك الأرض الذين أعطاهم الله سيفا ليفنوا الآثام ، ثم قال بعد ذلك يسوع . متى دعيت فاذكر ألا تضع نفسك في الموضع الأعلى ، حتى إذا جاء صديق لصاحب البيت أعظم منك لا يقول لك صاحب البيت ( قم واجلس أسفل ) فيكون باعثا لك على الخجل ، بل اذهب واجلس في أحقر موضع ليجيء الذي دعاك ويقول ( قم يا صديق واجلس هنا في الأعلى ) فيكون لك حينئذ فخر عظيم ، لأن من يرفع نفسه يتًّضع ومن يضع نفسه يرتفع ، الحق أقول لكم أن الشيطان لم يخذل إلا بخطيئة الكبرياء ، كما يقول النبي إشعيا موبخا إياه بهذه الكلمات : ( كيف سقطت من السماء يا كوكب الصبح يا من كنت جمال الملائكة وأشرقت كالفجر ، حقا إن كبرياءك قد سقطت للأرض ) ، الحق أقول لكم إذا عرف إنسان شقاءه فإنه يبكي هنا على الأرض دائما ، ويحسب نفسه أحقر من كل شيء آخر ، ولا سبب وراء هذا لبكاء الإنسان الأول وامرأته مائة سنة بدون انقطاع طالبين رحمة من الله ، لأنهما علما يقينا أين سقطا بكبريائهما ، ولما قال يسوع هذا شكر ، وذاع ذلك اليوم في أورشليم الأشياء العظيمة التي قالها يسوع والآية التي صنعها ، فشكر الشعب الله مباركين اسمه القدوس ، أما الكتبة والكهنة فلما أدركوا أنه ندد بتقاليد الشيوخ اضطرموا ببغضاء أشد ، وقسوا قلوبهم نظير فرعون ، ولذلك طلبوا فرصة ليقتلوه ولكنهم لم يجدوها .
Powered by Backdrop CMS