الفصل الرابع والعشرون

(( مثل جلي كيف يجب على الإنسان أن يهرب من الولائم والتنعم ))

 

.لما قال يسوع ذلك بكى قائلا : الويل للذين هم خدمة أجسادهم ، لأنهم حقا لا ينالون خيرا في الحياة الأخرى بل عذابا لخطاياهم ، أقول لكم أنه كان نهم غني لم يهمه سوى النهم ، وكان يولم وليمة عظيمة كل يوم ، وكان واقفا على بابه فقير يدعى لعازر وهو ممتلئ قروحا ويشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة النهم ، ولكن لم يعطه أحد إياه بل سخر به الجميع ، ولم يتحنن عليه إلا الكلاب لأنها كانت تلحس قروحه ، وحدث أن مات الفقير واحتملته الملائكة إلى ذراعي إبراهيم أبينا ، ومات الغني أيضا واحتملته الشياطين إلى ذراعي إبليس حيث عانى أشد العذاب ، فرفع عينيه ورأى لعازر من بعيد على ذراعي إبراهيم ، فصرخ حينئذ الغني : ( يا أبتاه إبراهيم ارحمني وابعث لعازر ليحمل لي على أطراف بنانه قطرة ماء تبرد لساني الذي يعذب في هذا اللهيب ) ، فأجاب إبراهيم : ( يا بني اذكر أنك استوفيت طيباتك في حياتك ولعازر البلايا ، لذلك أنت الآن في الشقاء وهو في العزاء ) ، فصرخ الغني أيضا : ( يا أبتاه إبراهيم إن لي في بيت أبي ثلاثة إخوة فأرسل إذا لعازر ليخبرهم بما أعانيه لكي يتوبوا ولا يأتوا إلى هنا ) ، فأجاب إبراهيم : ( عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم ) ، أجاب الغني : ( كلا يا أبتاه إبراهيم بل إذا قام واحد من الأموات يصدقون ) ، فأجاب إبراهيم : ( إن من لا يصدق موسى والأنبياء لا يصدق الأموات ولو قاموا ) ، وقال يسوع : انظروا أليس الفقراء الصابرون مباركين الذين يشتهون ما هو ضروري فقط كارهين الجسد ، ما أشقى الذين يحملون الآخرين للدفن ليعطوا أجسادهم طعاما للدود ولا يتعلمون الحق ، بل هم بعيدون عن ذلك بعدا عظيما حتى أنهم يعيشون هنا كأنهم خالدون ، لأنهم يبنون بيوتا كبيرة ويشترون أملاكا كثيرة ويعيشون في الكبرياء  .