الفصل السادس والثلاثون

 


فدهش التلاميذ دهشا عظيما لعصيان الملائكة ، حينئذ قال يسوع : الحق أقول لكم إن من لا يصلي فهو شر من الشيطان ، وسيحل به عذاب أعظم ، لأنه لم يكن للشيطان قبل سقوطه عبرة في الخوف ، ولم يرسل الله له رسولا يدعوه إلى التوبة ، ولكن الإنسان وقد جاء الأنبياء كلهم إلا رسول الله الذي سيأتي بعدي لأن الله يريد ذلك حتى أهيء طريقه ، يعيش بإهمال بدون أدنى خوف كأنه لا يوجد إله مع أن له أمثلة لا عداد لها على عدل الله ، فعن مثل هؤلاء قال داود النبي : ( قال الجاهل في قلبه ليس إله لذلك كانوا فاسدين وأمسوا رجسا ًدون أن يكون فيهم واحد يفعل صلاحا ً) صلوا بدون انقطاع يا تلاميذي لتعطوا ، لأن من يطلب يجد ، ومن يقرع يفتح له ، ومن يسأل يعط ، ولا تنظروا في صلواتكم إلى كثرة الكلام لأن الله ينظر إلى القلب كما قال سليمان ( يا عبدي أعطني قلبك ) الحق أقول لكم لعمر الله أن المرائين يصلون كثيرا في كل أنحاء المدينة لينظرهم الجمهور ويعدهم قديسين ولكن قلوبهم ممتلئة شرا ، فهم ليسوا على جد في ما يطلبون ، فمن الضروري أن تكون مخلصا في صلاتك إذا أحببت أن يقبلها الله ، فقولوا لي من يذهب ليكلم الحاكم الروماني أو هيرودس ولا يكون قصده موجها إلى من هو ذاهب إليه وإلى ما هو عازم أن يطلبه منه ؟ ، لا أحد مطلقا ، فإذا كان الإنسان يفعل كذلك ليكلم رجلا فماذا على الإنسان أن يفعل ليكلم الله ، ويطلب منه رحمة لخطاياه شاكرا إياه على كل ما أعطاه .

الحق أقول لكم إن الذين يقيمون الصلاة قليلون ، ولذلك كان للشيطان تسلط عليهم ، لأن الله لا يحب أولئك الذين يكرمونه بشفاههم ، الذين يطلبون في الهيكل رحمة بشفاههم ، ولكن قلوبهم تستصرخ العدل ، كما تكلم إشعيا النبي قائلا : ( أبعد هذا الشعب الثقيل على ، لأنهم يحترمونني بشفاههم أما قلبهم فمبتعد عني ) ، الحق أقول لكم إن الذي يذهب ليصلي بدون تدبر يستهزئ بالله ، من يذهب ليكلم هيرودس ويوليه ظهره ؟ ويمدح أمامه بيلاطس الحاكم الذي يكرهـه حتى الموت ؟ ، لا أحد مطلقا ، ولكن الإنسان الذي يذهب ليصلي ولا يعد نفسه لا يكون فعله دون هذا ، فإنه يولي الله ظهره والشيطان وجهه ، لأن في قلبه محبة الإثم التي لم يتب عنها ، فإذا أساء إليك أحد وقال لك بشفتيه : ( اغفر لي) وضربك ضربة بيديه فكيف تغفر له ؟ هكذا يرحم الله الذين يقولون بشفاههم ( يا رب ارحمنا ) ويحبون بقلوبهم الإثم ويهمّون بخطايا جديدة .