الفصل الستون بعد المائة

 


حينئذ قال الذي يكتب : إن دانيال النبي لما وصف تاريخ ملوك إسرائيل وطغاتهم كتب هكذا : ( إتحد ملك إسرائيل مع ملك يهوذا ليحاربا بني بلعال ( أي المنبوذين ) الذين كانوا العمونيين ، ولما كان يهوشافاط ملك يهوذا وأخاب ملك إسرائيل جالسين كلاهما على عرش في السامرة وقف أمامهم أربع مائة نبي كذاب ، فقالوا لملك إسرائيل : ( اصعد ضد العمونيين لأن الله سيدفعهم إلى يديك وستبدد عمون ) ، حينئذ قال يهوشافاط : ( هل يوجد نبي هنا لإله آبائنا ؟ ) ، أجاب أخاب : ( يوجد واحد فقط وهو شرير لأنه دائما يتنبأ بالشر عليّ ، ولقد وضعته في السجن ) ـ وهو إنما قال (( يوجد واحد فقط )) لأن كل الذين وجدوا قتلوا بأمر أخاب ، حتى أن الأنبياء كما قلت يا معلم هربوا إلى رؤوس الجبال حيث لا يسكن بشر ـ ، حينئذ قال يهوشافاط : ( احضره إلى هنا ولنر ما يقول ) ، لذلك أمر أخاب أن يحضر ميخا إلى هنا ، فأتى بقود في رجليه ووجهه مضطرب كشخص يعيش بين الموت والحياة ، فسأله قائلا : ( تكلم يا ميخا باسم الله أنصعد ضد العمونيين أيدفع الله مدنهم إلى أيدينا ؟ ) ، أجاب ميخا : (اصعد اصعد لأنك ستصعد مفلحا وتنزل أشد فرحا ! ) ، حينئذ أطرى الأنبياء الكذبة ميخا قائلين : ( إنه نبي صادق لله ) وكسروا القيود من رجليه .

أما يهوشافاط الذي يخاف إلهنا ولم يحن ركبتيه قط للأصنام فسأل ميخا قائلا : ( قل الحق يا ميخا إكراما لإله آبائنا كما رأيت عقبى هذه الحرب ) ، أجاب ميخا : ( إني لأخشى وجهك يا يهوشافاط لذلك أقول لك أني رأيت شعب إسرائيل كغنم لا راعي لها ) ، حينئذ قال أخاب مبتسما ليهوشافاط : ( لقد أخبرتك أن هذا الرجل لا يتنبأ إلا بسوء ولكنك لم تصدق ذلك ) ، فقال حينئذ كلاهما : (كيف تعلم هذا يا ميخا ؟ ) ، أجاب ميخا : (( خيل لي أن قد التأمت ندوة من الملائكة في حضرة الله ، وسمعت الله يقول هكذا : ( من يغوي أخاب ليصعد ضد عمون ويقتل ) ، فقـال واحد شيئا وقـال آخر شيئا آخر ، ثم أتى ملاك فقـال : ( يا رب أنا أحارب أخاب فأذهب إلى أنبيائه الكذبة وألقي كذبا في أفواههم وهكذا يصعد ويقتل ) ، فلما سمع الله هذا قال : ( اذهب وافعل هكذا فإنك تفلح ) )) ، فحنق حينئذ الأنبياء الكذبة ، فصفع رئيسهم خد ميخا قـائلا : ( يا منبوذ الله متى عبر لك ملاك الحق من عندنا وجاء إليك ، قل لنا متى جاء إلينا الملاك الذي حمل الكذب ؟ ) ، أجاب ميخا : ( إنك ستعرف متى هربت من بيت إلى بيت خوفا من القتل أنك قد أغويت ملكك ) ، فتغيظ حينئذ أخاب وقال : ( أمسكوا ميخا وضعوا القيود التي كانت في رجليه على عنقه واقتصروه على خبز الشعير والماء إلى حين عودتي ، لأني لا أعرف الآن بأية ميتة أنكل به ) ، فصعدوا وتم الأمر حسب كلمة ميخا ، لأن ملك العمونيين قال لخدمه : ( احذروا أن تحاربوا ملك يهوذا أو عظماء إسرائيل بل اقتلوا عدوي أخاب ملك إسرائيل )) ، حينئذ قال يسوع قف هنا لأنه يكفي هذا لغرضنا .