نص الكتاب :
لقد فاجأ شبكات المنتديـات على الإنترنت لئيـم وكـذاب ( موقع مفكرة الإسلام ) لإكتشافه الفريد الرائع لمهدي دولة الكويت ، هكذا نسبه للدولة على الخصوص وهول بالمحاكم والقضايا مستعديا الدولة على المهدي ، ما ينم عن خسة طبعه وأنه ممن يجيز التحاكم للقوانين الوضعية !! ، والمحاكم الدستورية !! .
هكذا ابتدأ الكشف عن خبثه ولؤمه من هو وراء خبر ( موقع مفكرة الإسلام ) في مهدي المشرق ، ولم يكتفي بذلك بل زاد على كذباته وجهالاته وتلبيساته التي من العجب أن حوتها وريقات معدودة لم تتجاوز الثلاث ورقات ، خلت من أي برهان وحجة في معارضة الدعوة المهدية وبراهينها ، إلا من كذباته ولؤمه العجيب ، التي يستشف منها زيادة على عداوته الدينية المذهبية ، عداوته كذلك القبلية !! ، ولعله من تلك القبائل التي عرف عن بعض أفرادها عداوة القبيلة التي عرف المهدي بالانتساب إليها .
وقد نسب منافق وكذاب ( المفكرة ) قبيلة المهدي للعراق ! ما ينم عن شدة عداوته وخسة طبعه كذلك ، إذ قال في خبره : فلما لم يقدر أن يدعي أنـه المهدي لأنه من قبيلة عنـزة من العراق . . اهـ .
وبهذا يكشف عن عداوته القبلية ، وعنـزة ما كان منشأها العراق لتنسب له وهي من أعرق وأقدم قبائل العرب تاريخا ، وحتى لو صح ذلك لا يجوز الطعن بذلك ونسبتها للعراق على سبيل التنقص .
وهـذا المنافـق المندس جبناً أن يبدي للمهدي رأسه خلف ( موقع مفكرة الإسلام ) يظهر أنه لم ينشأ ويؤسس موقعه ذاك إلا لخدمة وتلميع وجه سلاطين هذا الزمان ، إذ يصفهم في موقعه بـ( معالي السمو ) و ( حضرة المتعال ) و ( الإمام الوالي ) وهلم جَـرى في مسالك النفاق ، يبجل متبجحا ، مَن ذَمَّهُم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفهم بأنهم لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته ، وأن في زمنهم يكثر الظلم والجور والقراء الفسقة ، أمثال هذا المنافق كاتب ( مفكرة الإسلام ) ولا أدري كيف يدعي الغيرة لدين الله وسنة المصطفى وهو يجمع لذلك ما سبق ، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توعد من صدَّق هؤلاء بكذبهم وأعانهم على ظلمهم وغشى أبوابهم أنه لن يرد عليه الحوض ، كما جاء ذلك في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أعاذك الله من إمارة السفهاء ) قال : وما إمارة السفهاء ؟ قال : ( أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي ولا يستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم ، فأولئك ليسوا مني ولست منهم ، ولا يردون علي حوضي ، ومن لم يصدقهم على كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون عليّ حوضي ) رواه عبدالرزاق والحاكم وابن حبان والطبراني .
ومن الملاحظ أن ابن حبان والطبراني قاموا بحذف لفظة سفهاء!! من الحديث ، وأما عبدالرزاق والحاكم فأثبتوها ، وهذا الصنيع بألفاظ الحديث داخل فيما قررته من قبل بتلاعب بعض المحدثين بألفاظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة الرواية بالمعنى وجواز الاختصار والحذف ، وفي هذا كما هو ظاهر إفساد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن إمارة السفهاء من أشراط الساعة ، وحذفها من خبر كعب بن عجرة يفسد المعنى وهو على خلاف وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الحديث كما سمع . وكما كان فعل بعض القوم هكذا قديما في الرواية والتحريف لها ، صار هؤلاء المعاصرين يعبثون من أجل هؤلاء الأمراء إلا أنه ليس في لفظ الروايات وإنما في تأويل ما دلت عليه الروايات ، هكذا أمضينا تاريخنا بين عابثٍ وعبث !! ، يخشون طارقة من الله تنزل على خليجيتهم وسعوديتهم !! ، يحسبون سفاهة المكنة من دفع أقدار الله تعالى وصدق أنبائه .
وعن عابس الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ما يفيد أن زمن هؤلاء هو آخر الزمان الذي هو زمننا هذا ، والأمراء أمراء هذا !! ، فقال : ( إني أبادر خلالا سمعتهن من رسول الله تكون في آخر الزمان يتخوفهن على أمته فيقول : بادروا بالموت ستا إمرة السفهاء . . ، وذكر معهم ونشو يتخذون القرآن مزامير يقدمونه يغنيهم وإن كان أقل منهم فقها ) رواه أحمد وصححه أبو عمر في التمهيد .
وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج قوم آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية يقرؤون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) متفق عليه . واقتران وجود هؤلاء وأولئك الحدثاء السفهاء بالذكر في عصرنا لأظهر برهاناً على أن تحقق هذه الأخبار هو في وقتنا هذا . ومن ألفاظ حديث عابس عند الطبراني في الأوسط بلفظ : ( إمرة الصبيان ) وعلى هذا يجب أن يصدق المؤمن على وفق أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وجود هؤلاء مجتمعين في تحقق التأويل ، كما أنه منصوص عليه ما يوجب التصديق بأنهم باجتماعهم هذا يكونون من أظهر أشراط الساعة ، كذلك يجب الإيمان والتصديق بوجوب النفرة منهم جميعا وعداوتهم في الله وبغضهم فقد اتفقت الأحاديث وتواطأت على ذمهم والتحذير منهم ، وبينت أن تحالفهم غير مبارك وغير مقدس !! .
وورد في حديث حذيفة المـرفوع الإشـارة إلى ذلك بقوله : ( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي ، وسيقوم فيهم رجال !! قلوبهم قلوب الشياطين !! في جثمان إنس ) قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال : ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخـذ مالك ، فاسمع وأطع ) . وفي لفظ : ( تسمع وتطيع للأمير الأعظم !! ) .
وقد بلغ الأمر بهؤلاء الأبالسة أصحاب قلوب الشياطين ، أن ينزلوا خبر هذا الأمير الأعظم على أمراء وقتهم المذمومين ، وهو خبر في ذكر المهدي !! ، فانظر كيف يحرفون الدين ويعبثون بتأويل الأخبار مع أنهم يتهمون المهدي بالبهتان والكذب ، وهم في حقيقة الأمر المحرفون الكاذبون .
وقد بلغت الأخبار من الكثرة التي جمعت ذكر هؤلاء مقترنين ما ينذهل له المؤمن لو جمعه وتفكر به ، كحديث أبي هريرة المرفوع : يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة وفقهاء كذبة . وعن عبد الرحمن الأنصاري رفعه : من اقتراب الساعة كثرة القراء وكثرة الأمراء . وعن حذيفة حين سأل متى يترك الأمر والنهي ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوان ذلك : ( إذا صار الفقه في شراركم والملك في صغاركم ) .
وأعجب ما وقفت عليه في ذكر هؤلاء السفهاء الحديث المروي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقبض الله العلماء قبضا ، ويقبض العلم معهم ، فينشأ أحداث ينـزو بعضهم على بعض نزو العير على العير ، ويكون الشيخ فيهم مستضعفا ) . وهذا من عجائب حديث أبي سعيد في المهدي ، وللحديث شواهد عدة من غير زيادة ذكر هذا الشيخ الذي لا وجه لحمله إلا على المهدي الذي سيكون مستضعفا بينهم وواقع الحال مصدق لهذا الخبر وشاهد له ، ولا وجه لوضع مثل هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أعل بعضهم هذا الحديث لهذه الزيادة ، والله أعلم .
بداية قصة ( مفكرة الإسلام ) مع المهدي : ابتدأت بدراويش وفدوا على المهدي في منزله وقد كانوا بلحى ضخمة يحسب من يراها أن أحكم العرب لابد أن يكون مع هذا الوفد ، وادَّعوا أنهم من شرقية جزيرة العرب ، وأنهم أتوا بعد أن سمعوا الكثير عن هذه الدعوة فأحبوا أن يتبينوا بأنفسهم الحق في هذه الدعوة ، وقد كذبوا بزعمهم وتظاهرهم بالاسترشاد ، وكم كانوا متحفظين مبهوتين من إجاباته العلمية الشرعية على استفساراتهم ما يدل على سعة علمه واطلاعه بفضل الله ، وشدة جهلهم وقلة درايتهم . ولم يتمكنوا من المناقشة بحال وآثروا الفرار مقتصرين على أخذ الكتب والوعد بالعودة من أجل التبين والاستفسار ، ولم يلبث بعدهم إلا زمنا قليلا حتى هاتف منافق الزلفي مدعيا أن اسمه سلمان المطيري !!، وابتدأ كذلك على سنة كبيري اللحى بزعم الاسترشاد ، وما لبث أن بان جهله وجداله وظهر بأن لا علم له عن خبر هذه الدعوة المباركة التي من سنين والكثير من مشايخ السعودية قد عرفوا خبرها وانتشر بينهم ذكرها ، ولما بـان للمهدي جهل المتحدث بالهاتف ، الذي بلغ به الضلال أن زعم أن ليس هذا زمان المهدي وأوان خروجه ، وأن ذلك إنما يكون بعد فناء الحضارة! حـتى أن المهدي تحمله الملائكة أو الريح !! من المدينة إلى مكة .
ولما ظهر منه هذا الجهل والتقول على أمر المهدي أُغْلِق حينها في وجهه الهاتف وأُنهْيت المكالمة ، ولعل هذا ما دفع المطيري !! للحنق على دعوة المهدي وأنه هو وراء خبر ( مفكرة الإسلام ) والمناسب أن يكون اسمها ( مفكرة الإستسلام ) فالإسلام بريء من تلميع أمراء آخر الزمان .
إني لا أشك أن وراء خبر هذه ( المفكرة ) ذاك المطيري المنافق ووفد الدراويش من الحدثاء السفهاء الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبرهم وأن خروجهم يكون آخر الزمان ، كيف لا وقد نص على ذكر ما قاموا به ذلك الخبر الجائر الظالم الذي خلا من موضوعية ومحايدة القناة الإخبارية ، وكانت صياغته صياغة المخاصم الألد .
ومن خبث طويتهم أنهم ينصفون في نقل أخبار شارون اليهود ولم ينصفوا مهدي المشرق حبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي في أول رؤى بعثه ، تم فيها معانقة وتقبيل رسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلم له .
ذاك الخبر الجائر الكاذب الذي اقتبس كاتبه من جهالات الحميد في كتابه اتهام المهدي بإدعاء النبوة ظلما وجورا وهو من هذا الاتهام أبرأ من البتول وذئب اخوة يوسف ، وقد رُدَّ على الحميد أبي حصان الكذاب في كتاب ( فتح المنان ) وأُبطلت هذه الفرية ، وكشف عن زيفها .
ويعد ذكر ( موقع مفكرة الإسلام ) لفرية الحميد مع نفيها بكتاب مسطور صحيح النسبة للمهدي دليلا على كذب ( موقع مفكرة الإسلام ) وانعدام تقواه من الله ما يدل على خسة طبع من وراءه وفجورهم ، سواء كـان المطيري أو غيره . ومن الغريب أنهم لم يعزوها للحميد في كتابه وهو الرد الوحيد على المهدي وما ذلك إلا لتغطية كذبهم في زعم اكتشافهم المفاجئ وكشفهم للتو عن المهدي المختبئ !! خلف القصر الأحمر !! ، وحتى لا يُذهِبوا زخم اكتشافهم العظيم !! ، وقد كذب هؤلاء الملاعين فخبر المهدي قد بلغ الجزيرة من قبل سنوات عشر ، ومازال مشايخ الجزيرة يلوذون وراء بعضهم البعض عن دعوتـه وبراهين صدقها إلا مـا كان من الحميد أبي حصان ، ومن أراد معرفـة قدر ومنزلة الرجلين المهدي وأبو حصـان فليراجع كتاب ( فتح المنان في رد أباطيل أبي حصان ) وكتاب ( الحق المستبين ) .
ووالله الذي رفع السماء من غير عمد للمهدي أقدر ما يكون على رد كذبات منافقي موقع المفكرة الإسلامية وتلبيساتهم في مصنف مبسوط ، ولو لم تتجاوز ورقات خبرهم الثلاث ، إلا أنها ثلاثا كاذبة فاجرة حوت في سطورها من الكذب والزور ما لو فصل في بيان بطلانها لأتاكم العجب .
ولقد بلغت بهم الجرأة أن يدعي الكذبة من غير حياء من الله وخلقه ، وشهد الله ومن كان في المجلس تلك الساعة كيف كانوا أذلة بين يدي المهدي ، من تزعم ( مفكرة الإسلام ) أنهم مراسليها ، ولا أدري كيف تسنى لهم مجادلة المهدي في مسألة التحديث والإرسال والوحي على زعم خبر مفكرة الإسلام الكاذب ، وهي مسائل قد بسط الكلام فيها في كتب المهدي بكل جلاء ، وفصل فيها بأوضح بيان خصوصا في رده على ضال بريدة القصيم ، الحميد أبي حصان . أما منافق الزلفي المطيري فلم يأتي بحديثه عبر الهاتف على ذكر الإرسال والتحديث والوحي ، وغير صحيح زعم صائغ الخبر الكاذب في موقع ( مفكرة الإسلام ) ودعواه وكأن المهدي كان مراوغا في مسألة إرسال المهدي من الله تعالى ، بل القول في إرسال المهدي ظاهر في القرآن والسنة ولا مراوغة في ذلك ، والوحي له في الرؤيا ليتحقق بعثه كما أنه لا تنفيه الشريعة ، قد شهد به واقع حال بعث المهدي ، وإنما المراوغة محققة من صاحب الخبر وأمثاله من منافقي هذا العصر ، الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يقولون بإرساله وهؤلاء يجحدون .
وأنا أدعو صاحب الخبر للمناظرة هنا في القلعة بعد تقدمه بإسمه ، ليتم الأمر بكل جلاء ، حتى يعرف الناس من منا كذاب مراوغ . ورحم الله ابن تيمية رحمة واسعة فمن درر كلماته قوله : من أعظم أسباب ظهور الإيمان والدين ، وبيان حقيقة أنباء المرسلين ، ظهور المعارضين لهم من أهل الإفك المبين اهـ .
ووالله إن هؤلاء ليتواصون الآن على منعي من الكشف عن حقيقة أن المهدي لا يكون خروجه آخر الزمان إلا بعثا وإرسالا من المولى عز وجل ، تجنيدا من إبليس اللعين لطمس إظهار هذه الحقيقة الشرعية ، ألا ترونهم يلجؤون للأكاذيب والتحريف والظلم ، وأنا ألجأ للصدق والبيان والقول بالقسط والعدل . ومن أظهر جهالات أصحاب الخبر الكاذب زعمهم المعارضة بأن الوحي مختص بالأنبياء ، وهذا كما أنه غير صحيح شرعا ، فقد جاء القرآن بخبر الوحي لأم موسى ومريم والأسباط ، كذلك يعد هذا الاعتراض من جهلهم ، فالمهدي مرسل من الله تعالى فكيف لا يوحى له ، وسواء كان الوحي له من خلال الملاك مباشرة أو من خلال الرؤيا ، فكل ذلك من أجزاء الوحي والنبوة ، والشأن إنما هو في منعهم أن تكون الرؤيا من أجزاء الوحي والنبوة اليوم ، ولذا تراهم ينكرون أن يتلقى المهدي وحي الله خلال الرؤيا !! .
ولما كان منتدى القلعة غير معني في بسط هذا الرد فسأوجز وأقتصر على طعنه في النسب فقط وأفضح مدى جهلهم في تبين أمر المهدي وخبره ، وبيان أنهم ما أتوا إلا بالكذب والبهتان ، وبما أن بعض المنافقين ممن كان لعله نفخ في قفاه قد تلقف خبر مفكرة الإسلام ونشره في منتدى القلعة ! هنا مـا تحتم على أثره الرد عليه في القلعة ، وكذلك أنتهز الفرصة هنا بعد إذن مشرفي القلعة وأدعو منافقي وكذابي ( مفكرة الإسلام ) لمناظرتي هنا كاشفين عن حقيقة أسمائهم إن كانوا رجالا بالحق يذبون عنه !! .
قال اللئيم الكذاب في موقع ( المفكرة ) مفتريا على المهدي وقبيلته : فلما لم يقدر أن يدعي أنه المهدي لأنه من قبيلة عنـزة من العراق اهـ .
أقول : هذا كذب صريح وقح ، فالمهدي قد نص على مهديته من سنوات عديدة ماضية ، أعلن ذلك بعدما تيقن صحة هذا التعيين وعلمه علما خاصا وعاما بهداية الله تعالى له واجتبائه ، وقد بسط في بيان براهين هذا الأمر العظيم عدة كتب ، ومن سنوات وهي تدار على مشيخة السعودية وأمراء آخر الزمان ، ولم يجرؤوا على الرد عليها إلا سفيه بريدة القصيم ( الحميد أبي حصان ) وقد رد عليه المهدي وبين تهافت استدلالاته وشدة جهالاته في معارضته الدعـوة المهديـة ، ومـن الغريب كما قلت سابقا أن لئيم الخبر في ( موقع المفكرة ) لم يشر لذلك الرد ما يدل على شدة لؤمه وفجوره في المخاصمة ، وحتى لا يفسد على الدهماء وغيرهم مفاجأة سبق خبره وترهاته التي أوردها ذاك المعتوه الكذاب ، مثل قوله : وأنه مُحَدَّثْ ، والمحدث يصلح أن يقال أنه رسول كما في قـراءة ابن عباس قوله تعالى : ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث . . ﴾(1) اهـ .
يزعم بذلك هذا المعتوه الكذاب أن هذا المفهوم في عقيدة المهدي ودعوته ، وكذب هذا المنافق الفاجر المفتري الظالم فهذا الكلام لا يقوله إلا جاهل معتوه وما نسبه للمهدي هذا الخبيث إلا ليلصق به تهمته إياه بما اتهمه به ، والقول بإرسال المهدي من الله تعالى مرده للتصديق بخبر آيات سورة الدخان وأخبار المصطفى أن ذلك كائن آخر الزمان ، وقد نص على ذلك عليه الصلاة والسلام مع تأكيده على بعث المهدي آخر الزمان من الله تعالى ، وقد عرف العقلاء أن ليس للبعث المضاف إلى الله تعالى إلا معناً واحداً في اللغة والشرع ، وهو الإرسال ، وهذا عين ما قرره المهدي في دعوته تصديقا لخبر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فجاء هذا المنافق الكذاب وأمثاله فأنكروا هذا الإيمان والتصديق من المهدي ، وإلى الآن لم يأتوا في معارضة ذلك بأدلة شرعية إنما الكذب واللؤم والبهتان ، ومن فرق مـا بين معنى قـوله تعـالى : ﴿ هــــــو الــذي بعث في الأميين رسـولا منهم . . ﴾(2)وقوله تعالى : ﴿ وقــــال لـهـــم نبيهـم إن الله قــــد بعث لكـــم طـالـــوت ملكــا . . ﴾(3) وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( ليبعثن الله عزوجل في هذه الأمة خليفة يحثي المال حثيا ولا يعده عدا )(4). فهو في تفريقه هذا يعد عابثا بدلالات الكتاب والسنة ، وأسأل الله تعالى أن يفرق عليه أمره ويشتت عليه شمله .
ومما يدل أيضا على أن معنى البعث هنا الإرسال قوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى لحيان بن هذيل(5). وغير هذا كثير مما يفيد هذا المعنى .
وحتى لا أطيل ويأخذني الكلام في التفصيل سأقتصر كما قلت سابقا على إبطال قوله في النسب والقبيلة في أمر المهدي استفتاحاً ، فلعل القلعة تتكرم وتفسح المجال لهذه المنازلة ما بين المهدي ومنافقي موقع ( مفكرة الإسلام ) ، وأعيد هنا وأدعوهم للكشف عن رؤوسهم إن كانوا رجالا للحق وأن يذبوا عن دينهم بكل صدق وأمانة أمام الله والناس ، وليأتوني هنا على الملأ حتى يعرف قراء القلعة من الكذاب الجاهل اللئيم الأشر .
ومما ذكرته سابقا في كتبي ومقالاتي في بعض المنتديات : أن كل من زعم أن المهدي إذا خرج لن يكون إلا معلوم النسب في بني هاشم عند الناس ، يعد متقولا على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كاذبا عليهم بالغيب ، ولا يمكن القطع بذلك مع اختلاط الأنساب بين العرب والعجم وبين بعضهم ، وإنما الصحيح حين يتحقق خروجه أنه سيكون هاشميا قرشيا في علم الله تعالى ، أما في علم الناس فلا يقطع بذلك إلا بعد تحقق أمره تحققا قاطعا ولو كان من بني هاشم فقد يلحق بهم من ليس منهم وهذا مشاهد معروف سابقا فكيف الآن ، وإن كان معلوم النسب فيهم وصح صدق تحقق بعثه كان كذلك ، وأيضا إن كان معلوم النسب في غيرهم وصح صدق تحقق بعثه كان كذلك ، ولو عرف نسبه في غير بني هاشم ، فعلم الله تعالى مقدم على علم الناس ، والحكم والعبرة في صحة ثبوت بعثه ، إرساله من الله تعالى ، لا في صحة نسبه في قريش أو لغيرهم فليتنبه لذلك فهو الحق والفصل .
والقول في تعيين المهدي اليوم عائد إلى براهين صدق بعثه ، لا لنسب ولا لغيره ، إنما الحاكم في ذلك صحة البراهين ، والله تعالى يقول : ﴿ . . تلك أمانيهم . قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . . ﴾(6) ولقد جعل الله تعالى من أظهر براهين صدق تحقق بعث المهدي وإرساله من المولى عزوجل ، الزلازل المتواترة التي تحققت في السنوات الأخيرة وما تحققت إلا تصديقا لبعثه وإرساله من المولى عزوجل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك : ( أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل ..)(7).
كما أن ذلك كان تابعا لأكبر وأظهر علامات بعثه وهو الدخان المبين المنصوص عليه في كتاب ربنا عزوجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، الدال على وقته وعينه مع ما اقترن بذلك كله من ظهور الفتن التي نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحققها ، وبين أن المهدي إنما يكون بعثه عند ظهورها وتحققها ، وأخص ما يريد بذلك ( فتنة السُرَى ) !! روى حديثها نعيم وأبو داود والحاكم وغيرهم . وفي حديثها أن لها دخانا ، وقد أوضح لفظ رواية نعيم أنه يخرج من تحت قدمي رجل من أهل البيت يزعم أنه من النبيصلى الله عليه وسلم وليس كذلك وهو صدام العراق !! ، وقد تأول الخطابي أن الدخان في الحديث المراد به التمثيل وليس كذلك ، بل الصحيح أنه دخان حقيقي ، ولفظ روايـة نعيم صريح فيه ، ورحم الله يحيى بن معين إذ قال : لو لم نكتب الشيء من ثلاثين وجها ما عقلناه (8).
وهذا الدخان هو من أشراط الساعة العظام ومنشأه آبار بترول الكويت المحترقة ، وهي نار المشرق أول أشراط الساعة العـظام التي تلاها الدخان ثم أمر يأجوج ومأجوج ثم بعث المهدي ، وبهذا تحققت أربعة من أشراط الساعة العظمى ، ويلي ذلك بحول الله وقوته وتقديره العظيم ، الصيحة أو خسف المشرق ، لا أدري أي ذلك أسبق .
ومن أبين الأدلة في تعيين فتنة صدام ، فتنة السُرى التي كـان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر من شرها ويعظم خبرها ويكثر من ذكرها ، ما رواه خالد بن معدان أيضا عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم عمودا أحمـر قبل المشرق في رمضان ، فادخروا طعام سنتكم ، فإنها سنة جوع )(9). وروى هذا الحديث الوليد بن مسلم وعيسى بن يونس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان بلفظ : ( إنه ستبدو آية ، عمودا من نار يطلع من قبل المشرق ، يراه أهل الأرض كلهم ، فمن أدرك ذلك فليعد لأهله طعام سنة )(10).
وهذا من الحديث عجب والرحمن ، ويعد واللهِ أصرح حجة في تعيين غزو صدام للكويت بأنه هو الفتنة المنتظرة ، التي كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يروون عنه التحذير من شرها ، فانظر هل يحدثك عن هذه الفتنة مثل هذا العالم الخبير صلى الله عليه وسلم .
ويعد هذا الحديث من دلائل نبوته عليه السلام ، فقد وقع الأمر بالخارج على وفق ما أخبر ووصف ، وبهذا يكون قد نصح للأمة وحذر من مغبة هذه الفتنة وعاقبتها ، حتى أنه كان يوصي بادخار الطعام لسنة ، وفي هذا المنتهى بالنصح والشفقة منه عليه السلام لأمته .
ومن كمال نصحه ، وصف هذه الفتنة والتعريف بحالها حتى كأن الناس يرونها رأي العين وواقع الحال في هذه الفتنة يشهد بذلك ، فهل ينكر أحد أن جيش صدام طـرد من الكويت وأهلها قد أنهكهم الجوع والخوف ، ثم ما لبثوا حتى أتاهم شهر رمضان وهم أجوع الناس على وجه الجزيرة ، وهذا من حالهم في تلك الفتنة معلوم عند أهل الكويت وغيرهم ممن كان يرسل المساعدة ممن حولهم من الناس ، وفي هذا مصداق ما في حديث عباده : أنها سنة جوع .
ثم أيضا إن هذا الحديث لم ينفرد بذكر تلك العلامة أعني عمود النار وشهر رمضان في سنة الجوع ، بل في لفظه من رواية الوليد وعيسى بن يونس ما هو أصرح في الدلالة مما ذكر في الحديث المتصل من طريق عبادة وذلك بقوله : ( عمودا من نار يطلع من قبل المشرق ، يراه أهل الأرض كلهم ) فقوله : ( يراه أهـل الأرض كلهم ) . هذا لا يمكن أن يكون له توجيه معقول إلا بما هو حاصل في زماننا ، وتحقق في فتنة صدام ، فَعُمُد النار المشتعلة من آبار البترول ، قد بثت صورها عبر الأقمار الصناعية ، وتناقلتها وكالات الأنباء العالمية بالصور الحية المباشرة وتمكن من رؤيتها كل أهل الأرض ، لأهمية الحدث عند الناس ، الحدث الذي هز العالم كله وأشغله ، فسبحان الله ما أظهر هذه العلامة منفردة ، فكيف إذا ما جمعت إلى أخواتها .
ومن العجيب أن الشيخ يوسف بن يحي السلمي في كتابه عقد الدرر فيما جمعه من أحاديث المهدي المنتظر ، اعتبر عمود النار من المشرق علامة لخروج المهدي ونقل في ذلك عن الحسين بن علي(11). وكان يقول في كتابه : ولعل ظهوره في هـذه السنين قـد يقع ، فكل أمـر إذا ضـاق اتسع . وكان من اعتقاده أنـه قد أدرك الفتن الموعودة (12). ولا أدري لو أدرك هذا الرجل فتنة صدام ورأى عمد النار والدخان ماذا سيفعل ! . هذا كان من الأحياء ، فدع عنك موتى هذا الزمان الذين لا يرى أحدهم ما هو أبعد مـن نجديته المغبرة !! .
قال الإمام يوسف السلمي في الباب الرابع فيما يظهر من الفتن الدالة على ولايته : عن أبي عبدالله الحسين بن علي قال : إذا رأيتم علامة في السماء نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي ، فعندها فرج الناس وهي قدام المهدي عليه السلام . وعن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال : إذا رأيتم نارا من المشرق فتوقعوا فرج آل محمد إن شاء الله تعالى . ثم قال : ينادي منادي من السماء بإسم المهدي ، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب(13). فأما حديث أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، فقد رواه نعيم بن حماد وبإسناد ليس بالقوي(14)(15).
وأبو جعفر من أئمة المسلمين وعلماء الدين ، ولأقواله من الحرمة والقدر ما يستحقه من هو بمنزلته في الإمامة والعلم ، إلا أن الرافضة يكثرون الكذب عليه وعلى أمثاله من أئمة أهل البيت ، حتى إنه بلغت بهم الوقاحة وعدم التقوى إلى الحد الذي لا يعقل ولا يصدقه إلا المجانين من أمثال الرعاع الذين يصدقون هكذا كذب سخيف لا يعقل من أتباع الرافضة الملاعين ، فهل يمكن أن يُدَّعَى كلام ثم ينسب للمهدي فَيُصدَّق الكاذب على هذا ، إنها مذاهب السراديب . ولو كان في هؤلاء عاقل لصاح في إيران الملالي قبحهم الله وعظم لعنتهم ، قائلا أين المهدي لا يخرج في حمايتكم ليقول ما شاء وينصر الدين كيفما يريد ، وقـد كان قدماؤهم يدعون أن المانع من الخروج ، خشية أن يقتل !!.
والحاصل أنه لما كان عامة مدعي التشيع لأهل البيت من السفلة والرعاع الذين لا علم لهم ولا خبرة بالأسانيد التي تروى بها الأخبار ، راجت عليهم الأكاذيب والخزعبلات ، من مثل قال المهدي وفعل المهدي وهو لم يخلق بعد . وكم من حديث عن أهل البيت انفرد الرواة عندهم بتناقله هو ساقط من حيث التوثيق لعدم أمانة النقلة عندهم ، ولكثرة الكذب في رواتهم ، اختلط الباطل بالحق الذي عندهم ، فصاروا بهذا جناة على روايات أئمة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا الحديث لم ينفرد به رواة الشيعة والحمد لله ، فهناك ما يشهد له عند أهل السنة والحديث ، مما يمكن النظر في سنده . وأما حديث الحسين بن علي فذكره السلمي والمتقي الهندي في كتاب البرهان من غير ذكر إسناده والله أعلم من أين نقلوه . ومجموع هذه الأحاديث في عمود النار من المشرق ، يدل على أن لحديث الحسين أصلاً ، ولعلهم نقلوه عن النعماني صاحب كتاب الغيبة من كبار الرافضة في القرن الثالث ، فقد رواه باللفظ المنقول هنا(16). وأنا وقفت على الكتاب فوجدته ظلمات متراكمة نسأل الله السلامة ، وليس هو ممن يعتمد على إسناده ، والنعماني ولو كان متقدما فليس هو ممن يعتد بثقته ولا أمانته ، ويدعي الكاذب في كتابه أن القرآن الآن ليس هو كما أنزل ، ويروي عليه لعنة الله ، عن علي قوله : كأني بالعجم يعلمون الناس القرآن كما أنزل(17). وهذا وأمثاله كانوا يتحايلون لإدخال مجوسيتهم على الإسلام بدعوى حب أهل البيت .
ومن الشواهد لحديث خالد بن معدان في عمد النار ، ما روي عن عبدالرحمن بن جبير عن كثير بن مرة الحضرمي قال : آية الحدثان في رمضان علامته في السماء ، بعدها اختلاف في الناس ، فإن أدركتها فأكثر من الطعام ما استطعت(18). وروى عنه أيضا عبدالرحمن بن جبير قوله : إني لأنتظر ليلة الحدثان في رمضان منذ سبعين سنة(19). وهذا موافق لما ذكر عن عبادة والحسين . وكثيرٌ من ثقات التابعين وعلمائهم ، أدرك أربعين من أصحاب بدر ، وانتظاره لهذه العلامة التي لا تكون إلا عند الفتنة والاختلاف ، دال على تحقق أمر عظيم دعاه للانتظار كل هذا العمر ، وهو لم ينفرد بهذا التشوق ، فقد سبقه ابن عباس لذلك ، فقد روى ابن أبي مليكة قال : غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال : ما نمت البارحة حتى أصبحت ، قلت : لم ، فقال : قالوا طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق . ذكره ابن كثير في تفسيره وقال : أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم ، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن .
وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوها ممـا فيه مقنع ، ودلالة ذلك ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة ، مع أنه ظاهر القرآن .
قال تعالى : ﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾(20) أي بين واضح يراه كل أحد اهـ(21).
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : أخرج عبدالرزاق من طريق ابن أبي مليكة هذا الحديث ، وأخشى أن يكون تصحيفا ، وإنما هو الدجال بالجيم الثقيلة واللام(22).
قلت : ما كان ابن عباس لتطيب نفسه لمقدم الدجال ، فقد روى الحديث أبوعمر بن عبد البر عن ابن أبي مليكة قال : دخلت على ابن عباس فقال : سلوني فإني أصبحت طيبة نفسي ، أخبرت أن الكوكب ذا الذنب قد اطلع فخشيت (23) أن الدخان قد طرق ، وسلوني عن سورة البقرة وسورة يوسف (24) . والصحيح أن قول ابن عباس إنما هو عن الدخان وليس الدجال ، ودليل ذلك فرح نفسه لما ظن الدخان طرق . والحديث رواه الحاكم في المستدرك وصححه وقال : هو على خلاف عبدالله بن مسعود أن آية الدخـان قد مضى(25). ومن هذا يتضح بأن انتظار كثير بن مرة لآية الحدثان إنما يريد بذلك الدخان المنبعث من عمود النار الذي يخرج من المشرق ، ومجموع هذه الأخبار يدل على هذا .
ويجدر التنبيه هنا على إغفال المهدي رده على ابن عباس وبيان وهمه في ظنه أن الدخان إنما يأتي من خارج السماء وسيكون تفصيل الرد عليه في مكان آخر .
قال العلامة صلاح الدين العلائي : أما قول ابن مسعود في تفسير الدخان بما حكى ، فقد خالف جماعة من الصحابة منهم علي وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم ، قالوا : إن الدخان كبير يوري النيران !!! ، لم يأتي بعد ، بل يجيء في آخر الزمان من أشراط الساعة ، وهذا هو الصحيح لما روى مسلم عن حذيفة بن أسيد ، وهو نص صريح في أن الدخان لم يأتي بعد اهـ(26) .
قلت : من أين للعلائي أنه يوري النيران ؟! ، هل أتى به من التراب أم من ركامة الخراب ؟! ، أفتوني يا أعوان الشيطان على طمس أخبار سيد الأخيار ، من أين أتى بذلك العلائي .
والحدثان أول الأمر وابتداؤه ، والمراد به هنا حدث عظيم عام ، قال ابن خلدون في مقدمته المشهورة في الفصل الثالث والخمسين في حدثان الدول والأمم وفيه الكلام على الملاحم : أكثر ما يعتني بذلك ويتطلع إليه الأمراء والملوك في آماد دولتهم ، ولذلك انصرفت العناية من أهل العلم إليه . وكل أمة من الأمم يوجد لهم كلام في مثل ذلك من ملك يرتقبونه أو دولة يحدثون أنفسهم بها ، وما يحدث لهم من الحرب والملاحم ومدة بقاء الدولة ، وعدد الملوك فيها ، والتعرض لأسمائهم ، ويسمى مثل ذلك الحدثان(27).
ومن الأحاديث التي تدل على أن الدخان من الآيات المنتظرة التي تكون قبل الساعـة ، حديث حذيفة بن أسيد قال : اطلع النبي علينا ونحن نتذاكر ، فقال : ( مـا تذاكرون ؟ ) قالوا : نذكر الساعة . قال : ( إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ) ذكر : ( الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف ، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم )(28). وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة )(29).
والقول بأن عمود النار هو مصدر الدخان المنتظر ليس هو بدعا من القول وليس القول بذلك واعتقاده ضلاله ، بل القائل بخلاف ذلك هو الضال المضل والراد على الله ورسوله خبرهما ، المكذب لله ورسوله ، بل لا ينكر ذلك إلا من هو أضل وأجهل خلق الله ، وذلك لأن العالم كله قـد أدرك ورأى الأمر الفظيع الذي قام به صدام وجيشه ، عندما اقتحم أرض الكويت ، ومن ثم قام بحرق آبار البترول ، التي امتدت ألسنتها إلى عنان السماء ينبعث منها دخان ما رأى الناس مثله قط ، انقلب نهار الناس ليلا دامس(30) . ثم إن دلالة اقتران عمد النار والدخان وجودا في هذه الفتنة ، وكلها قد صحت بها الأخبار ، أقوى حجة على أن هذا الحدث هو الذي يعنيه رسول الله بأخباره ، سواء عمد النار أو الدخان ، وزد على هذا كله ما ذكر من حديث ابن عمر أن رسول الله لما ذكر فتنة السُرى فتنة صدام العراق ، قال : ( دخنها من تحت قدمي رجل ) . وفي حديث حذيفة أن رسول الله لما ذكر الشر الذي يكون في آخر الزمان ، ويريد هذه الفتنة ، قال : ( وهدنة على دخن !! ) .
والكلام في الحديثين عن الدخن على حقيقته ، ولا يعقل أنه يريد التشبيه المجازي في كلا الحديثين ، وقد جاءت الفتنة بالدخان والنار كما أخبر عليه السلام ، وعقدت الهدنة والدخان يسد ما بين المشرق والمغرب ، فصح بذلك أن تكون الهدنة على دخن ، وقد تأول بعضهم ذكر الدخن هنا على حسب ما بلغه علمهم . وروي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليت شعري متى تخرج نار من جبل الوراق فتضيء لها أعناق الإبل بالبصرى !! سروجـا كضوء النهار )(31). وقوله : ( سروجا ) . إن سلم من التصحيف فهو صريح في أنها أكثر من نار ، وهـو عين ما حصل في فتنة صدام العراق ، إذ أشعل الآبار فصارت سروجا أحالت ليل أرض الكويت إلى نهار . أما قوله في الحديث : جبل الوراق ، وبصرى . فمن أراد معرفة مـا المراد مـن هـذا ، عليه مراجعة الفصل الرابع من كتاب ( وجوب الاعتزال ) .
وكل هذا البيان مما أعرض عنه منافقي مفكرة الإسلام وأتوا بجهالاتهم يخادعون الجهلة والغافلين بأنهم على شيء من العلم في معارضة الدعوة المهدية ، ولم يلتفتوا لدلالة كل ذلك وغيره مما بسط في كتب المهدي ، الذي زعموا في أمره أنه دجل وضلال مضادة لأمر الله وأخباره ، عليهم من الله ما يستحقون . وبات سعيهم كله في حياكة الكذب والترهات في وجه براهين هذه الدعوة العظيمة ذات الأصول المتينة والبينات القويمة ، وبلغ من لؤمهم الأمر إلى حد ادعاء أنهم استخرجوا مني الكتب بالدس والخديعة كذبا على الناس وعلي ، وحقيقة الأمر أن تلك الكتب منتشرة في الجزيرة ولا يحتاج الحصول عليها الكذب والتحايل ، حتى أن كتاب ( رفع الإلتباس ) كان سبب كتابته سؤالا موجها للمهدي من علي الخضير من أدعياء المشيخة وقراء القصيم !! . وهذا يدل على تأصل ورسوخ النفاق في أفئدتهم وأنهم ممن قدر لهم عداوة المهدي وعداوة من أرسله .
وكون نسبي يرجع إلى ( عنـزة ) إنما أشكل على هؤلاء المنافقين أصحاب ( موقع مفكرة الإسلام ) ولم يعلموا من فرط غبائهم وقلة علمهم واطلاعهم أن مشايخهم الذين يقلدونهم لم يقدروا بعد على معارضة وإبطال حجج دعوة المهدي ، ويجيبوا على رد شبهتهم التي لمح لها هؤلاء المنافقين وهي مسألة ( النسب ) ، فقد ذُكِرَ في كتاب ( وجوب الاعتزال ) ما روي عن حنظلة بن نُعيم العنـزي !! ، قال : كنت فيمن وفد على عمر رضي الله عنه ، فجعل يسأل رجلا رجلا : ممـن أنت ، ومن أنت ؟ حتى انتهى إلي فقال : ممن أنت ، ومن أنت ؟ فقلت : أنا حنظلة ، من عنـزة . فأومأ عمر نحو المشرق ، وفرج أصابعه ، وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( عنزة حي من ها هنا ، مبغى عليهم منصورون ) رواه الطبراني وقال : تفرد به أبو غاضرة ، ولم يروَ عن عمر إلا بهذا الإسناد(32). قلت : حديث حنظلة بن نُعيم العنـزي رواه أحمد في المسند والبزار وأبو يعلى في الكبير وأبو بشر الدولابي في ( الكنى ) ، وقول الطبراني لم يروَ عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أبو غاضرة . فيه نظر فقد تابعه المثنى بن عوف عند أحمد في المسند وفي الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الشيباني . وقال الهيثمي : رواه أبو يعلى بإسنادين , أحدهما رجاله ثقات . قلت : لعله يريد متابعة المثنى بن عوف .
وله شاهد روي عن سلمة بن سعد العنـزي !! ، وفيه أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وجماعة من أهل بيته وولـده : فاستأذنوا ، وانتسبوا إلى عنـزة . فقال : ( بَخْ ، بَخْ ، نعم الحي عنـزة مبغى عليهم منصورون ، مرحبا بقوم شعيب وأختان موسى ) ذكره أبو عمر في الاستيعاب فقال : لم يروه غير ابنه سعـد(33). وقال صاحب الإصابة : رواه الطبراني وفي الإسناد من لا يعـرف ، وأخرجه ابن قانع(34). واستبعد ابن كثير أن يكون المراد عنـزة ربيعة ، وتأول أنهم من العرب العاربة(35)، وهو تأويل فاسد وقول بالظن .
وعلى اعتبار صحة هذين الخبرين وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال ذلك ، فلا يحمل كما قلت إلا على أن المهدي سيعرف نسبه في وقته أنه من عنـزة ، وهو عند الله تعالى من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلالة بني هاشم . ومفاد الخبر عن سلمة بن سعد تكرمة لنبي الله تعالى شعيب إذ أن نسبه في عنـزة ، فشرفت عنـزة كون نبي الله شعيب من نسبها ، وكذلك بكون المهدي سيعرف في عدادها في وقته ، وفي هذا اجتماع فضيلتين للمهدي ، فضيلة النسب في قـوم شعيب ، وكذلك فضيلة النسب لأهـل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا كله على اعتبار صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للحديثين ، ومن الملاحظ أن هاذين الخبرين نصّا على أمرين :
الأول : وصفهم بأخص صفة للطائفة المنصورة ، وهي النصرة .
الثاني : حصر ذكرهم في المشرق ، وهذا لا يمكن حمله إلا على أمر المهدي ، فما هناك ما يوجب لعنـزة النصرة من الله إلا أن يكون المراد بذلك المهدي ، كما أنه لا يمكن تقييد فضيلة عنـزة هنا بناحية المشرق إلا أن يكون المـراد بذلك أمر المهدي وبعثه ، فهو الذي نصت عدة أحاديث على أن أمره إنما يكون من ناحية المشرق .
قال أبو علي إسماعيل القالي في أماليه تعليقا على قول الشاعر :
أنا من ضِئْضِئِ صدقٍ ** بَخْ ومِنْ أكْرَم حُذْل
والحُذل : الحِجْر . وبَخْ بَخْ ، يقال للإنسان إذا عُظِّمْ . وقال في موضع آخر من معانيها : التعجب من الشيء اهـ(36). أقول : لا وجه لتعظيم عنـزة في ذلك الحديث على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون ذلك محله المهدي .
فهذا ردي على منافقي ( موقع مفكرة الإسلام ) على سبيل الاختصار وليعذرني أهل القلعة على الإطالة فقد كانت والله رغما عني . وأقول لأولئك المنافقين موعدكم الإطالة الكبرى !! إن شـاء الله ، يا ضخام اللحى
( 1 ) سورة الحج (52) . زاد ابن عباس في قراءته للآية : ( محدَّث ) . ذكره البخاري في الصحيح معلقا بصيغة الجزم ، قال الحافظ : إسناده صحيح . الفتح (7/42-51) . وهي قراءة لأبي بن كعب ذكر ذلك البيهقي في كتاب الاعتقاد (ص 315) .
( 2 ) سورة الجمعة (2) .
( 3 ) سورة البقرة (247) .
( 4 ) رواه أحمد في المسند .
( 5 ) المرجع السابق .
( 6 ) سورة البقرة (111) .
( 7 ) رواه أحمد في المسند .
( 8 ) تاريخ يحيى بن معين (2/211) .
( 9 ) رواه الطبراني في الأوسط (1/221) وحسنه السيوطي في الجامع وذكر المناوي أن له شواهد . وذكر الهيثمي أن رجاله ثقات غير ابنة خالد بن معدان لم يعرفها اهـ . قلت : هي عبدة ، روى عنها إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ، وكـان الأوزاعي أمر بسؤال أم عبد الله ابنة خالد بن معدان عن هدي أبيها ، وكـان ذلك سبب إتيان تلاميذ الأوزاعي عبدة . ذكـره أبو زرعة الرازي في تاريخه (1/350) .
( 10 ) رواه نعيم (1/227) .
(11) ذكره السلمي في عقد الدرر ( ص 171) .
( 12 ) المرجع السابق ( ص 60 ) .
( 13 ) المرجع السابق ( ص171) . وذكره المتقي الهندي في البرهان (2/632) . ورواه نعيم مختصرا الحديث على النداء (1/337) .
( 14 ) رواه نعيم باختصار ، ورواه النعماني الرافضي في كتاب الغيبة بلفظ : إذا رأيت نارا من المشرق شبه الهردي العظيم، فتوقعوا فرج آل محمد . وهذا من الرواية . والحق لله لا يمكن أن ينقل إلا عن النبي ، لمطابقته في الوصـف لعمد نار البترول في الكويت . والهردي ما صبغ الهرد ، وهو الكركم ويستعمل صباغا ويكون أصفر فاقعا .
( 15 ) رواه نعيم في الفتن (1/337) .
( 16 ) الغيبة للنعماني ( ص 179) .
( 17 ) الغيبة للنعماني ( ص 218 ) .
( 18 ) رواه نعيم (1/227) .
( 19 ) المرجع السابق (1/232) .
( 20 ) سورة الدخان (10) .
( 21 ) تفسير ابن كثير (4/147) .
( 22 ) الفتح (8/573) .
( 23 ) أقول لعل ما دعى الحافظ لقوله باحتمال وقوع التصحيف في لفظ الحديث ما أحال كلمة الدجال إلى الدخان قول ابن عباس في الخبر : خشيت . ففهم ذلك أنه من الكراهة ، وليس كذلك بل قوله هنا (خشيت) من باب توقع الشيء ، فالأفعال في هـذا الباب على ضروب ثلاثة : منها اليقين ، وبابه علمت . ومنها توقع الشيء ، وبابه رجوت وخفت وخشيت .
( 24 ) بيان العلم وفضله (1/115) .
( 25 ) المستدرك (4/459) .
( 26 ) التنبيهات المجملة على المواضع المشكلة ( ص 62 ) .
( 27 ) مقدمة ابن خلدون ( ص 587 ) .
( 28 ) رواه مسلم ، شرح النووي (18/27) .
( 29 ) المرجع السابق (18/87) .
(30 ) قال جون كوليلي في كتابه الحصاد حرب أمريكا الطويلة في الشرق الأوسط : اهتمام العالم اتجه فيما بعد الحرب إلى خطر كبير ، وهو نيران آبار البترول التي بدأت في أواخر يناير ثم تضاعفت في فبراير ومارس ، عندما فجر العراقيون ألغاما وشحنات كانت موضوعة في الآبار مسبقا ، وقد نتج عن تلك الملتهبة سحبا كثيرة من الدخان نشرت الظلام في جميع منطقة الخليج . ومع حلول 27 يناير كان العراقيون قد أفرغوا ما بين خمسة وعشرة ملايين برميل من النفط في الخليج ، وكانت تلك على الأرجح أكبر بقعة نفط عرفت في التاريخ . ( القبس 6735 – تاريخ 16/1/1992) .
( 31 ) رواه الحاكم وصححه .
( 32 ) رواه الطبراني في الأوسط (3/276) .
( 33 ) الاستيعاب (2/204) .
( 34 ) الإصابة (3/147) .
( 35 ) التاريخ (1/173) .
( 36 ) الأمالي للقالي (2/22،155) .