قال رسول الله المهدي صلى عليه وسلم في كتابه الكبير ( وجوب الاعتزال - ج1 ) الفصل الثالث :
وأظهر صفات هؤلاء الدعاة حداثة السن ، وقد اتفق على ذكرها فيهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وابن مسعود وأبو برزة ، والأخير ذكر في حديثهم زيادة في صفتهم يجدر التنبيه عليها فقال : سمعت رسول الله بأذني ورأيته بعيني أتي بمال فقسمه ، فجاء رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان ، فقال : والله ما عدلت . فقال رسول الله :لا تجدون أحدا بعدي أعدل عليكم مني ) ثم قال : ( يخرج في آخر الزمان كأن هذا منهم سيماهم التحليق ، يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح ) .
أفاد هذا الحديث بأن زي الرجل أبيض وهو مجزوز الشعر . وقوله :كأن هذا منهم ) يريد والله تعالى أعلم صفة ملبسه وشعره ، مع ما أخبر أنهم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ، والحق الذي لا مرية فيه عند من هدى الله قلبه أن هذا كله محقق في صفة هؤلاء ، لا يخالفون الحديث فيما وصَف قدر أنملة ، لا في سفاهة العقول وحداثة السن وهي الصفات الفاشية فيهم ، ولا في ملبسهم الأبيض الذي يتميز به سكان الجزيرة على الخصوص ، وكذلك إدامتهم على جز الشعر (1) وحلقه ، فما أكثر مزيني الشعر في زمانهم ، حتى باتت إطالة الشعر مما ينكر عندهم ، فهل بعد هؤلاء قوم يعنيهم الحديث .

وهؤلاء بهذه الصفات فشوا بما لا يخفى من حالهم بعد الهدنة وهذه الفتنة ، ويظهر ذلك بجلاء في أتباعهم من حدثاء الأسنان ، وهم من بعد الفتنة والهدنة ما زالوا بازدياد ، وقد روى طلحة بن عمرو البصري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :
وهؤلاء بهذه الصفات فشوا بما لا يخفى من حالهم بعد الهدنة وهذه الفتنة ، ويظهر ذلك بجلاء في أتباعهم من حدثاء الأسنان ، وهم من بعد الفتنة والهدنة ما زالوا بازدياد ، وقد روى طلحة بن عمرو البصري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :وليأتين عليكم زمان يغدا على أحدكم الجفان ويراح ولتلبسن مثل أستار الكعبة ) قالوا: يا رسول الله نحن اليوم خير منا أو يومئذ ؟ قال : أنتم اليوم خير منكم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض ) وفي لفظ : بل أنتم اليوم خير إخوان ، وإنهم يومئذ يضرب بعضهم رقاب بعض ) رواه الحاكم وذكر فيه قول أبي حرب : هل تدري ما كان أستار الكعبة ؟ قلت : لا . قال : ثياب بيض كان يؤتى بها من اليمن . 
وعن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كيف إذا غدا أحدكم في حلة وراح في أخرى وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة ؟ ) . قلنا : نحن يومئذ خير ، نكفى المؤنة ونتفرغ للعبادة . قال :أنتم اليوم خير منكم يومئذ ) .
وعن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام ويشربون ألوان الشراب ، ويلبسون ألوان الثياب ، ويتشدقون في الكلام ، فأولئك شرار أمتي ) .
وأرسل الحسن في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :قوم يكونون بعدكم أنتم خير منهم يغدا على أحدهم بجفنة ويراح بجفنة ، ويغدو في حلة ويروح في حلة ، ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة ، ويفشو فيهم السمن ) .
وغير هذا الكثير مما جاء في وصف حال هذا الجيل التعيس ، الذي عظم فيه الكفر بالله والطغيان والنفاق والرياء وكفران النعم . 
وقبل أن تعجب أيها الأعمى من إنزال هذه النصوص على هذا الجيل ، وهو الحق الذي لا مرية فيه ، فاعلم أن مصداق ذلك ليس بيد أحدٍ من دون الله تعالى ، فها هو عز وجل يُظهر عليهم السمانة تصديقا لكلام نبيه ، وقد وصفت منظمة الصحة العالمية السمن في العالم بأنه بلغ درجة الوباء في كثير من البلدان وذكرت المنظمة أن دراسات حديثة تشير إلى أن أكثر من نصف عدد البالغين في كثير من البلدان يعانون من زيادة الوزن والسمنة .
وحذرت دراسة مقارنة أعدها معهد التغذية الألماني من تحول الشعب الألماني إلى شعب من البدناء ، وتشير الدراسة إلى أن خُمس الشعب يعانون من السمنة المفرطة في حين يزيد وزن (50%) منهم عن الحد المقبول الذي يقرره السن والطول .
وقل مثل ذلك في العرب ، فقد ذكرت دراسة إماراتية حديثة : أن السمنة أصبحت العدو الأول للمرأة في الخليج العربي ، وذكرت الدراسة أن (38%) من نساء الإمارات يعانين من سمنة عالية . 
وقال أستاذ العلوم الصحية في الكويت مصطفى حيات : أن السمنة مشكلة عامة ! يعاني منها الجميع ! ، وأشار إلى ارتفاع معدلات الإصابة بها ! وتعد من أمراض العصر اهـ .
وهذا أنقله مصداقاً لتحقق كلام نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، وبيان أن هذا الجيل التعيس الشرير ، عليه من فوره أن يعود إلى الله ويتدبر كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ويسترشد بهدي الله ورسوله وإلا بالطامة الكبرى فوق الرؤوس ومن أبى فالبطشة ! له حاضرة . 
وأما بخصوص دعاة النار الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحداثة السن وسفاهة الحلم ، وأنهم دعاة إلى جهنم ، يدعون إلى الله في الظاهر ويعرفون بالسمت وحلق الرأس ولباسهم الثياب البيض ، فهل جاء بعد الفتنة المشرقية وهذه الهدنة والدخان إلا هؤلاء !! ، ومن قال لا فقد كذَّبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وافترى عليه وعلى الحقيقة المحسوسة ، ونفى ما لا ينفى بحال ، وليس للنافي إلا الظن والهواجس ، بل يعد قوله تكذيب صراح اهـ . 

وقال عليه الصلاة والسلام في موضع آخر في الجزء الثاني من كتاب الاعتزال ( الفصل الرابع ) :
وأما بخصوص الجيل الذي تدركه الفتن والهرج في آخر الزمان وما قبله فقد ورد فيهم الذم المطلق ، قال تعالى : ﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون . أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ﴾ .
قال أبو سعيد قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أكثر مـا أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض ؟ ) . قيل : وما بركات الأرض ؟ قال : زهرة الدنيا ) . رواه البخاري في الرقاق باب : ما يحذر من زهرة الدنيا ، والتنافس فيها . وروى رحمه الله في الباب حديث عمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : خيركم قرني ثم الذين يلونهم ) إلى قوله :ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن ).
وروايته لهذا الحديث في هذا الباب من دقة فقهه رحمه الله ، إذ أن السمن إنما يفشو فيهم عندما تفتح عليهم زهرة الدنيا ، وهذا إنما يكون آخر الزمان عند كثرة الهرج والفتن كما دل على هذا حديث طلحة بن عمرو قال : قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : والله لو أجد لكم اللحم والخبز لأطعمتكموه ، وليأتين عليكم زمان يغدا على أحدكم الجفان ويراح ، ولتلبسن مثل أستار الكعبة ) . قالوا : يا رسول الله نحن اليوم خير منا أو يومئذ ؟ قال : ( أنتم اليوم خير منكم يومئذ ، أنتم اليوم خير منكم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض ) ورواه الحاكم وفيه عن داود قال : قال لي أبو حـرب يا داود هل تدري ما كان أستار الكعبة يومئذ ، قلت : لا ، قال : ثياب بيض كان يؤتى بها من اليمن . 
وعن الحسن قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : ﴿ لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ . عنى بذلك قوم يكونون بعدكم ، أنتم خير منهم يغدا على أحدهم بجفنة ويراح عليه بجفنة ، ويغدو في حلة ويروح في حلة ، ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة ويفشو فيهم السمن . 

وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رفعه :
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رفعه :إن الفتنة تجيء من ها هنا ـ وأومأ بيده نحو المشرق ـ من حيث يطلع قرن الشيطان ، وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض ) . فدل أن زمان الفتنة والقتل ، هو زمان التنعم والترف ، وقد ذم أهل هذا الوقت ذماً مطلقاً ، وجعل الصحابة أخير منهم ، وهؤلاء قطعاً هم الذين يأتي من بعدهم زمن المهدي وجماعته اهـ . 
--------------------
(1) وقد جاء في بعض ألفاظ الأحاديث في ذكرهم قولهم : يا رسول الله ألهم آية يعرفون بها ؟ قال : ( نعم ، التسبيد فيهم فاش ) الغريب لأبي عبيد (1/267) ، والأضداد للأنباري (309) .
ومما ذكر عند الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ما ذكره رسول الله المهدي صلى الله عليه وسلم في كتاب " الرد الحاسم " ( الفصل الثاني ) الحاشية رقم ( 8 ) :
وصفوا كذلك بالسمانة على لسان النبي داود عليه الصلاة والسلام فقال هناك : فإنهم لا أوجاع لهم إلى الموت وأبدانهم سمينةٌ ، ليسوا في ضرر كالناس ولا يصابون مع البشر ، لذلك تطوقوا الكبرياء واكتسوا ثوب الجور ، فيهم الإثم يخرجُ من الشحم وقد جاوزوا ما يتصوره القلب " . 
وعند ارميا عليه الصلاة والسلام : 
" بيوتهم قد امتلأت من الغش فلذلك عظموا واستغنوا . إنهم سمانٌ لامعون وهم يتعدون كلماتي شرَّ تعدٍ ولا يقضون الدعوى دعوى اليتيم مخصبون ولا يجرون حكم المساكين ، أعلى هذه لا أفتقدُ يقول الربُّ ومن أمة مثل هؤلاء لا تنتقم نفسي " المرجع السابق