هكذا وصف الله تعالى كما في سورة يونس وسورة الدخان وغيرهما الفرعون وآله بأخص صفة لهم وهو الإسراف ، الإسراف في المأكل والملبس وتذكيرا من المصطفى صلى الله عليه وسلم بشرية تلك الصفة محذرا من مغبتها على من يعمل ذلك آخر الزمان ، فوصف من طغيان الأشرار آخر الزمان بمأكلهم " تغدوا عليهم الجفان ويراح بها " .

وفي الثياب : " يلبسون ألوان الثياب " و " يسترون بيوتهم كما تستر الكعبة " . وغير هذا كثير حتى خصص لذلك الله تعالى سورة في القرآن اسمها " التكاثر " ، تكاثر في الأموال والأولاد ومن كل تلك الخيرات التي سيسألهم تعالى عنها يوم الحساب والدينونة ، فقال تعالى :

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ، كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ، كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ، لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ، ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾

وقال تعالى في سورة الدخان :

﴿ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ، وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ، مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ الْمُسْرِفِينَ ، وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاء مُّبِينٌ ﴾

ولم يورد هذا التفصيل عن اسراف الفرعون من الله تعالى بتلك السورة بلا حكمة ، والحكمة المقارنة ما بين ذلك المثال والسلف للآخرين والآخرين ، في إسرافهم وطغيانهم وفسقهم وشديد كفرهم فقال تعالى في ذلك :

﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ، فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ، فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ ﴾

قال هذا عنهم في سورة الزخرف وليس من غير حكمة أن جعل افتتاحه لتلك السورة بالذات بقوله عز وجل :

﴿ حم ، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ، وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ، أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ 

تلك السورة من الحواميم السبع والمخصصة في ذكر الآخرين أولئك الذين جعل تعالى لهم الفرعون مثلا وسلفا ، في اسرافه وفسقه وطغيانه وفي مصيره بالهلاك كذلك .

ولما كان الآخرين قريبا من مثالهم وسلفهم الفرعون نص تعالى على أخص صفاته تلك فيهم فقال في سورة الحسين والتي هي خاصة في ذكر أولئك فقال تعالى في ذكر المرسلين إليهم بقوله :

﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ 

والله تعالى لا يحب أولئك المسرفين :

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ  " الأنعام "

ينص على هذا في سورة الأنعام ولا يخفاكم التشبيه الذي أطلقه رسول الله تعالى عن شرار الناس آخر الزمان وهو يصفهم حركيا بالأنعام ويطلق يداه يمدهما تشبيها لهم بأعناق الأنعام .

وفي سورة الأعراف يخصص الطعام واللباس بالإسراف وينهاهم عنه فيقول عز وجل :

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

بل بتلك السورة وهو يصف قوم لوط بأشهر ما عرف الناس عنهم اتيانهم الذكور شهوة دون النساء ، ثم يبين تخصيصهم في صفة الإسراف على أنها الأخص والأشنع والأعم من ذلك ، وحين نعتبر بحال القوم اليوم نجدهم أسرف وأكثر شناعة من قوم لوط وما كانوا يعملون ، إذا أنهم قننوا وشرعوا لتلك النكارة والفاحشة العظيمة وما قاموا به في أمريكا مؤخرا لأكبر برهان على ذلك إذ شرعوا قانونيا جواز استغناء النساء بالنساء والرجال بالرجال كما أخبر المصطفى عن ذلك تماما عليه الصلاة والسلام الصادق المصدوق ، وبالإسراف فلا مقارنة ألبته ما بين ما يفعله هؤلاء اليوم وما كان عليه الحال في قوم لوط عليه الصلاة والسلام :

﴿ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ 

وفي سورة الأنبياء بين أن اهلاك المسرفين في زمان بني إسرائيل وعدا من الله تعالى ونبوءات ، وبالمثل مسرفوا آخر الزمان أولئك الفراعين الذين سيكون لهم الفرعون الأول بطغيانه واسرافه وكفره مثلا وسلفا ، سيكون لهم وعدا ونبوءات بالإهلاك كما الفرعون تماما وعليه قوله تعالى في افتتاحية سورة الزخرف : ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ ﴾ . وقال تعالى في سورة الأنبياء :

﴿ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ 

وحين نجاهم أدخلهم جزيرة العرب من غربها حتى وصلوا لساحل الخليج ليمكن لهم في كل تلك الأراضي وسماها دار الفاسقين الذين سيكون أمرهم آخر الزمان وعليهم سيكون تحقق الخلاص الثاني وستمد فيهم عصا الله تعالى كما مدت على الفرعون وقومه :

﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ  " الأعراف "

وفي سورة الشعراء ينهى عن أمرهم :

﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴾

وهم ثمود قوم صالح وبين تعالى أن أولئك كانوا من المسرفين وعليه يفهم أن الإسراف من أخص صفات كل قوم طغاة جبابرة كفرة ، وبكتاب الله عز وجل حق عليهم الهلاك بما صنعوا وكانوا عالين طغاة مسرفين فقال تعالى في تفاصيله عن خبرهم :

﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾

ومثلهم قوم لوط قال تعالى في ذكرهم في سورة الذاريات :

﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ ، مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ، فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾

وفي سورة هود بين أن مصيرهم ليس بعيدا عن الظلمة أقرانهم يعرض بالآخرين :

﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ، مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ 

أما في سورة غافر فأطلق تعالى هناك نبوءة على لسان ذلك الرجل المؤمن بمصير المسرفين آخر الزمان خصوصا فراعين مصر فقال تعالى هناك :

﴿ لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ، فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ، فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ 

فهذا مصيرهم بأن يكونوا أصحاب النار لما يكشف تعالى عن أبوابها ، وحين تقوم الساعة الفراعين الذين سيدخلونها هم المعاصرون لتحقق ذلك التأويل وليس المراد بذلك الفرعون المصري المعين في زمان موسى عليه الصلاة والسلام ، بل المراد فراعين مصر ممن سيدرك تحقق تأويل تلك النبوءات ، وفي سورة هود بين أنهم اتبعوا لعنة في هذه الدنيا ويريد تعالى مصير اخوانهم آخر الزمان فقال تعالى هناك :

﴿ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ، وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ، ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ ، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ، وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ ، يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾

واستثنى في خلودهم لأنه دخول خاص آخر الزمان يبقون بعده في جهنم لحين البعث العام لكافة البشر للحساب العام وليس الحساب الخاص بجيل الأشرار آخر الزمان ، فيخرجون منها للحساب مع عامة البشر ، ثم يردون للنار للخلود الأبدي ، وهذا تأويل تلك الآيات ومعنى تلك الاستثناءات في الخلود سواء في النار أو الجنة ، مما لم يفهم الكثير معناه فاستشكلوه وهنا جوابه الفصل الحق .

واليوم وما نرى الناس فيه من كثرة انفتاح الدنيا عليهم حتى غذوا بالنعيم ولبسوا ألوان الثياب وأكثروا كما نراهم في شهر رمضان على الخصوص وباستقبال الأعياد وكل تلك الحفلات من زواجات وغيرها ، يسرفون في كل ذلك وتلك من أخص صفات القوم الذين سخط الله تعالى عليهم لحد استحقاقهم للعذاب الماحق كما الأمم المغضوب عليها سابقا .

عن علي رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مصعب بن عمير في بردة له مرقوعة بفروة ، فذرفت عيناه ثم قال : أنتم اليوم خير أم إذا غدي على أحدكم بجفنة من خبز ولحم ؟ ، فقلنا : نحن يومئذ خير نكفى المؤنة ونتفرغ للعبادة . فقال : بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ . 
" سير اعلام النبلاء مطولا 2/313 "

وناداه رجل يوم الجمعة : أحرق التمر بطوننا . فقال له : توشكون - أو من عاش منكم - أن يغدا عليه بالجفان ويراح وتكسون الجدر كما تستر الكعبة . " المعجم الكبير 18/320 "

ورواه أحمد في الزهد بلفظ : لو أجد لكم اللحم والخبز لأطعمتكموه وليأتين علكيم زمان يغدا على أحدكم الجفان ويراح ولتلبسن مثل أستار الكعبة .

قالوا :
نحن اليوم خير منا أو يومئذ ؟

قال : أنتم اليوم خير منكم يومئذ أنتم اليوم خير منكم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض .

وهنا زيادة في تعيين أولئك الأشرار أنهم في زمان الهرج يكونون وهو زماننا هذا ، وكذلك معنى التردد عليهم بالجفان بما نراه اليوم في ولائمهم في الفنادق في حفلاتهم ما يسمونها بالبوفيهات سواء التي تقام لهم في الفنادق أو صالات الأعراس وحتى في البيوت وقد انتشر في السنوات الأخيرة اقامتهم مثل ذلك في بيوتهم .

وأيضا من الزيادة في التعيين لهؤلاء ما أفاده تفسير أبو حرب لمعنى كون ثيابهم مثل أستار الكعبة فزيادة في التعيين تفسير حقيقة تلك الثياب ما يفيد بأن المقصود بهم هؤلاء خصوصا أهل الخليج الذين اشتهر فيهم لباسهم الثياب البيض ، قال فيما رواه الحاكم في مستدركه عن داود قال لي أبو حرب : هل تدري ما كان أستار الكعبة ؟ ، قلت : لا ، قال : ثياب بيض كان يؤتى بها من اليمن .

ونحن نراهم اليوم وقد اعتادوا لبس تلك الثياب البيض بعضها من الحرير الخالص وأكثرهم يلبس المقلد للحرير و القريب منه نعومة ولمعة .

وعليه أقول : انظروا في زمان كثرة الهرج كما هو معلوم اليوم هذا الذي نحن فيه ، وكثرة اسرافهم في الطعام والملبس ، فهل ترون من أكثر من لبس البياض غير هؤلاء أبناء النعيم والترف والزمامير في الخليج ؟

ولا أنسى ذكر صفة الخارجي الذي قال لرسول الله : اعدل يا محمد . فقد كان مطموم الشعر أي حليقه ، وكان لباسه أبيض ، وقد أخبر حينها صلى الله عليه وسلم بأنه سيخرج من صلبه أقوام مثله خوارج ولباسهم البياض ومن أشهر صفاتهم حلق الشعر ، وهم هؤلاء الذين نرى اليوم في النعيم وكل تلك الخيرات ، خوارج على الحق وشرار الخلق ، وظنهم دائم في صراط الله الحق أنه باطل وبمبعوث الله تعالى ورسوله أنه كفر وكذب ، وهل وراء هذا من كفر وباطل وخروج على الحق ؟

وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك صفاتهم أنهم شرار أمته ومعلوم أن شرار الخلق يكونون آخر الزمان في زمان الفتن وكثرة الهرج ، أولئك الذين أخبر تعالى أنه ستفتح عليهم الدنيا حتى ينعموا هم وأبناءهم ثم يأخذهم بالعذاب وينقطعون للأبد .

قال عروة بن رويم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغُذوا به ، همتهم ألوان الطعام وألوان الثياب ، يتشدقون في الكلام 
" ابن المبارك في كتاب الزهد ووكيع "

ورواه أحمد رحمه الله تعالى في كتاب الزهد بلفظ : يطلبون ألوان الطعام وألوان الثياب .

وعند أحمد عن بكر بن سوادة يرفعه بلفظ : سيكون نشو من أمتي يولدون في النعيم ويغذون به همتهم ألوان الطعام وألوان الثياب يشدقون بالقول ، أولئك شرار أمتي 

وكان عمر يخشى السرف ويعد أكل المرء كل ما اشتهى من السرف قال عنه الحسن : دخل عمر على عاصم بن عمر وهو يأكل لحما فقال : ما هذا ؟

قال : قرَمنا إليه - 
القرم شدة شهوة اللحم - ، فقال : وكلما قرمت إلى شيء أكلته ؟ كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى 
" المصدر السابق "

---------------------------

 

 

للشيخ الفاضل المهاجر حفظه الله تعالى

موقع المهدي

1/7/2015