لم يشرع المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه العادة ابتداءا ومن قال ذلك فهو كاذب مفتري ، إنما رأى امرأة تفعل ذلك وقد اعتاد بعض الناس في الجاهلية على فعل هذا الأمر بمواليدهم من البنات ، فكان لهذا الفعل المنحط والمتخلف جدا قبول عند البعض وهناك نساء تخصصن في فعل ذلك .
ولما بلغه عليه الصلاة والسلام هذا الأمر وكان مباشرا بالحديث في ذلك مع امرأة ممن تخصص بفعل هذا ، أن وجهها بأن لا تبالغ فهي عادة سرت بهم من جهلهم ولم يرغب أن يتصدى لرغبتهم تلك ما داموا مصرين عليها ولعل ذلك كان منه في وقت حداثة عهد منهم بالدخول في الإسلام ، ولم يرغب صلوات ربي وسلامه عليه في إنكار ذلك فيهم حتى لا ينفرهم من الإسلام حين يتصدى لعاداتهم البائدة .
وأنا اعتقد أن الخبر في هذا الأمر عن رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه متضمن انكار تلك العادة ولو لم يفقه الجهلة فقه ذلك الخبر كما ينبغي ، فقد نبه على أن ذلك سيكون سببا للبرود الجنسي ما بين الزوجين لذا وجه بعدم المبالغة وقال حرفيا : " لا تنهكي ؛ فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل " .
فقوله : " أحب للبعل " . أي أرغب له أثناء العملية الجنسية ، فلا اتصال للزوج بذاك الموضع إلا أثناء عملية الوطئ ، وإلا متى يكون يكون ذلك أحب للزوج ، ومتى يدري عنه ويشعر ؟!
والمعنى هنا يفيد : بأن كل ما كان القطع والإزالة أخف كل ما كان ذلك أرغب للزوج وللزوجة حتى ، لهذا أنا أشكك بأن بالنص هنا تصحيفا لا محالة . فـ " أحضى " أخص بالمعنى هنا من كلمة " أحظى " مع أن الحرف المثبت والأخير هنا يؤدي لنفس المعنى تقريبا ما دام ذلك أرضى للزوج وأزين لصالح المرأة ، فلم يحرما من تلك المصلحة على أيدي هؤلاء الهمج المتخلفين ؟!
وقوله على اعتبار أن ذلك هو الحرف الصحيح بالخبر لكنه تصحف على الرواة أعني قوله ان يكون : " أحضى " . هو الأليق بالسياق وبمعنى الخبر ، فكلمة " أحض " أو " أحضى " معناها من ( التحريض ) وهو الحث .
قال صاحب مختار الصحاح : ( حضه ) على القتال حثهُ . وحضضه تحضيضا أي حرضهُ . و( المحاضة ) أن يحث كل واحد منهما صاحبه اهـ .
وهذا في عملية الختان للإناث على العكس ، فالأفضل والأحسن بحسب ما وجه صلوات ربي وسلامه عليه ، وعملهم بتلك العملية ليس أحضى للزوج ولا أرغب ، بل بين أو لمح إلى أن الإنهاك سيكون سببا للبرود الجنسي وهو ما أفاده المعنى سواء قلنا سلم الخبر من التصحيف أو وقع به كما هو ظاهر هنا غير خاف لمن رزق بصيرة وفقه .
وثبت على هذا أن هذه العملية على أيدي هؤلاء الجهلة مضرة غير نافعة ، تمنع عملية التهييج بين الزوجين والحض على تلك الرغبة الفطرية ، وتقلل من شأنها وهي مطلب ممتع لكليهما ، وعكسه قد يكون برود جنسي مدمر !! .
واليوم هؤلاء الحمقى المصرين على عادة من عادات الجاهلية مع تفويتهم حقائق جليلة في أحكام الإسلام ، بل بعضهم لا يعتقدها ولا يعمل وفقها ، ثم ترى الجهلة متمسكين بهذه العادة السيئة مع جهلهم المطبق في حقيقة تنفيذها ، فلعلهم أصلا يعملون على وفق ما وجه لمخالفته صلى الله عليه وسلم ، زد على ذلك أن بهذا الفعل المنكر المشين صار اليوم للكفرة والمنافقين جلبة على الإسلام وأحكامه ، واتخذوا لتحقيق النيل منه ومن ربانيته بعض أمور فيها لبس مثل مسألة ختان مواليدهم من الإناث ، أو غير ذلك مما فيه لبس أو هو حكم خالص لله تعالى ورسوله لا تشوبه أي شائبة ، فيقوم الكفرة والمنافقون اليوم بالخلط ما بين ذلك لينالوا مبتغاهم الشيطاني في النيل من الإسلام كله وأحكامه كلها العادلة .
الإسلام الحق والملة الخالصة لا تقر ولا تعرف غير ختان الذكور ، ملة ابراهيم الخليل وسنته عليه الصلاة والسلام ، وغير ذلك فيه نظر خصوصا إذا صار سببا للطعن بالشريعة المحمدية .
يجب نبذ هذا اليوم وإنكاره لما قررت ولإعتبار موازين المصالح والمفاسد التي يدركها جيدا العقل المستنير وتجهلها العقول المتخلفة الرديئة كليلة الإدراك ، ولأن فعل ذلك ليس واجبا ولا هو سنة ، وأتحدى أي متعالم أو متشدق زائف يؤيد تطبيق مثل هذا ، أن يثبت على رسولنا أنه فعل ذلك بإحدى بناته ومن رغب عن سنته فليس منه ، فكيف من رغب عنها وهو يرغب بسنة جاهلية حمقاء سخيفة كهذه ؟!
إنما اعتاد الإصرار على فعل هذا إلى الآن بعض تلك الشعوب الهمجية المتخلفة والتي تأصل فيها الفكر الذكوري الجاهلي وامتهان المرأة وسلبها الكثير من حقوقها وحريتها المشروعة .
لينته هؤلاء الضلال حتى ما تزيد أمم الكفر والجاهلية الحديثة في تلك المزايدات .
للشيخ الفاضل المهاجر حفظه الله تعالى
28/2/2008
موقع المهدي
Powered by Backdrop CMS