أزمة الروهينجا : العربية السعودية تلتزم الصمت ازاء كارثة انسانية متنامية برغم المصالح النفطية والعلاقات التاريخية

 

عندما فر مسلمو الروهينجا من الاضطهاد والذبح في بورما خلال العقد الماضي ، لجأ عشرات الآلاف منهم إلى المهلكة العربية السعودية ، موطن الحرمين الشريفين . في هذه المرة لم يقدم القادة المسلمون من الخليج العربي وحتى باكستان سوى القليل من الادانة والنزر اليسير من المساعادات الانسانية التي تمس الحاجة اليها.

 

عدم تبني رد فعل أقوى من جانب الدول ذات الغالبية المسلمة يرجع جزئياً إلى مصالحهم الاقتصادية المربحة في جنوب شرق آسيا وفق ما يقوله الخبراء . كثير من دول الشرق الاوسط ايضاً يرزح تحت ازمة اللاجئين الخاصة به والتي اثارتها سنوات من الاضطرابات في سوريا والعراق واليمن وافغانستان.

 

أكثر من 500 الف شخص – نصف عدد الروهينجا المسلمين في بورما – فروا إلى دولة بنغلاديش المجاورة خلال العام الماضي ، ومعظمهم خلال الشهر الماضي . ووصف رئيس لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان الحملة العسكرية التي قام بها الجيش البورمي والغوغاء من البوذيين المتحالفين معه بأنها " مثال حرفي لما يعرف بالتطهير العرقي " .

 

ويوجد في العربية السعودية نحو ربع مليون من البورميين الذي لجأوا إلى المهلكة في اواخر عهد فيصل في الستينات . وتعهدت المهلكة هذا الاسبوع بتقديم 15 مليون دولار كمساعدات للروهينجا.

 

كأكبر مصدر للنفط في العالم ، تتنافس المهلكة مع روسيا لتكون أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين . ويتطلب هذا مساعدة بورما لتوسيع موطئ قدمها هناك .

 

ومؤخراً قامت بافتتاح خط انابيب يمر عبر الاراضي البورمية ، التي تعرف ايضاً باسم ميانمار ، يقوم بحمل النفط من الدول العربية والقوقاز إلى مقاطعة يونان الصينية غير الساحلية . خط الانابيب الذي يبلغ طوله 771 كيلومتر يبدأ في خليج البنغال في اقليم راخين في غرب بورما ، الذي أجبر معظم سكانه من الروهينجا  على الفرار.  

 

عام 2011 ، وقعت شركة تابعة لعملاق النفط السعودي ارامكو وشركة بتروشينا ، الذراع الاقتصادي الصيني الذي يملك سي ان بي سي ، عقداً لامداد اقليم يونان الصيني الجنوبي بما يصل إلى 200 الف برميل يومياً من النفط الخام ، أقل قليلاً من نصف طاقة خط الانابيب .

 

ارامكو السعودية لم ترد فوراً على طلب للتعليق بشأن الشحنات خلال الانبوب.

 

وقال بو كونغ، وهو مسؤول بارز في مركز الاستراتيجية والدراسات الاستراتيجية ، والذي يكتب عن السياسة النفطية العالمية للصين "يمكن للمرء أن يجادل بأن المهلكة العربية السعودية لن تكون صريحة في هذه القضية (الروهينجا) لأنها في الواقع تعتمد على الحكومة البورمية لحماية وأمن خط الأنابيب"  .

 

وقد بدأ تشغيل خط الانابيب   في ابريل بعد سنوات من التأخير . ويسمح هذا لناقلات النفط بتجاوز مضيق ملقا واختصار رحلات تصل إلى سبعة ايام . ويسير إلى جانبه خط للغاز الطبيعي من حقل شوي البورمي للغاز الطبيعي .

 

دانيال واغنر ، مؤسس شركة شركة كونتري لحلول المخاطر الاستشارية ، قال ان المهلكة السعودية تمضي قدماً في أجندتها الاقتصادية والسياسية في بورما وجنوب شرق آسيا ومع ذلك لا تزال " تدعي بأنها تقف على ارضية أخلاقية عالية  " من خلال استقبالها فيما سبق للاجئين وتقديم الدعم المالي .

 

وقال " النقطة المهمة هي أن الغاز الطبيعي والنقط يتدفق عبر ولاية راخين " .

 

الدول ذات الغالبية المسلمة وعدت بشكل متزايد بتقديم مساعدات مع تضخم اعداد اللاجئين إلى بنغلاديش .

 

اذربيجان ، التي يبدو انها تصدر النفط الخام إلى الصين عبر خط الانابيب أمرت بإرسال 100 طن من المساعدات الانسانية .

 

تركيا ، التي تعارض المهلكة السعودية مثل ايران كمركز للسيطرة على العالم الاسلامي ، ارسلت ملايين الوجبات إلى اللاجئين في بنغلاديش وتعهدت بإقامة مخيم للاجئين هناك . كما قدمت ايضاً ملابس ، كجزء من أكثر من 150 طن من المساعدات الانسانية قدمت بشكل عام .

 

ايران  ، المنافسة الاقليمية للمهلكة السعودية ، قامت بإرسال ما لا يقل عن 40 طن من المساعدات . وانتقد المرشد الاعلى لإيران الدول الاسلامية الأخرى التي لديها مصالح تجارية في بورما حاثاً اياها على زيادة الضغط على الحكومة هناك .

 

وقال " هناك عشرات الدول والحكومات الاسلامية ، بعضها لديها معاملات مالية واقتصادية معهم " . " اذا جلسنا في مكان ما ولم يكن لدينا غير الادانات فبماذا يمكن ان نستخدم هذا ؟ " .

 

صور قرى المسلمين التي تحترق في بورما والجرحى وفي كثير من الاحيان نساء واطفال وكبار السن من الروهينجا الذين يمشون حفاة الاقدام وهم يفرون إلى بنغلاديش اشعلت الاحتجاجات في العديد من الدول الاسلامية .

 

وقد اقيم احتجاج كبير للتنديد بالأزمة في اندونيسيا التي تعمل لتعزيز التبادل التجاري مع بورما ليصل إلى مليار دولار في العالم .

 

وفي كراتشي ، اكبر مدينة في باكستان ، تظاهر عشرات الآلاف . وحث النائب البرلماني عن الحزب الشيوعي الباكستاني ، فرحة الله بابار ، حكومته على تعليق أو على الأقل ابطاء في تنفيذ معاهدات دفاعية تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات مع ماينمار .

 

وقال للاسوشيتيد برس ان المسؤولين ردوا على طلبه بالقول أن باكستان تضغط على بورما من خلال القنوات الدبلوماسية لوقف العنف .

 

وقال بابار " ينبغي على باكستان ان لا تعمل على تقوية نظام يستخدم الاسلحة ضد شعبه " . لكنه احجم عن الادلاء بتفاصيل حول الاتفاقيات الدفاعية .

 

ويشير تقرير بواسطة اي اتش اس في فبراير يقول ان بورما قامت قبل عامين بشراء طائرات اف 16 ثندر كرافت ، تم تطويرها بالاشتراك مع باكستان والصين . وذكرت مجلة الدفاع الاسبوعية ان بورما تجرى حاليا مفاوضات متقدمة مع باكستان من اجل انتاج مرخص من الجيل الثالث المتطور للمقاتلة .

 

وعقدت منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة ، جلسة طارئة على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك هذا الاسبوع لبحث الازمة.

 

وقد اصدرت المنظمة التى تتخذ من المملكة العربية السعودية مقرا لها، بيانا مطولا فى وقت سابق من هذا الشهر تعرب فيه عن "قلقها الشديد" ازاء نزوح الروهينجا. ولكن ما لم تتخذ الدول الأعضاء إجراءات أكثر صرامة من تلقاء نفسها، لا تستطيع منظمة المؤتمر الإسلامي عمل الكثير للضغط على الحكومة البورمية .

 

جاسون فون ميدينغ ، متخصص في الاستجابة للكوارث في جامعة نيوكاستل في استراليا ، قال أن الاختلافات الدينية ليست السبب الوحيد لتهجير الروهينجا .

 

وقال أن الحكومة في بورما خصصت 3 مليون فدان في ولاية راخين لتنمية الموارد في المنطقة الغنية بالموارد المعدنية وقد احتج المزارعون والمجموعات الضعيفة من الأقليات في الولاية على مثل هذه المخططات، ووصفوها بأنها انتزاع الأراضي التي لم يتلقوا مقابل التخلي عنها سوى القليل أو لا شيء .

 

وقال ميندينغ" ليس هناك شك بأن هناك الكثير من التوتر الديني والانقسام العرقي في المجتمع هناك " . " المشكلة هي أن هذا بمثابة عذر مناسب لبعض الناس للمضي قدماً في بعض من أقذر الاتفاقيات المالية والسياسية  وراء الكواليس " .

 

 

ايا باتراي ، الاندبندنت   2017/9/21

رابط الموضوع :  http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/rohingya-crisis-late...?