ثورة ما بعد النفط السعودية مزيج من السخافات




المهلكة السعودية تخترع ذريعة مذهلة . المهلكة تطالبنا بأن نؤمن بأن السلفية الوهابية لها سمات حديثة ، وهو انحراف عن التقاليد العميقة للاسلام الليبرالي في البلاد ، وكل ذلك ناجم عن صدمة خارجية حدثت عام 1979 .

وقال ولي العهد محمد بن سلمان في " دافوس الصحراء " هذا الاسبوع " نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان " . قليلون سمعوا عن مثل هذه المبيعات المعلبة من قبل .

كما تعهد بسحق الجهاديين والقضاء على فيروس التطرف الايديولوجي المستورد من ايران . " سندمرهم الآن وفوراً " .

وقد صدمت الجماهير السعودية من الحضور الكاسح للكاميرات في فندق ريتز كارلتون في الرياض . فيما هز المستثمرون الاجانب رؤوسهم بالموافقة وعيونهم ترمق شرائح الخصخصة الواسعة في المهلكة والمدينة المستقبلية التي تبلغ قيمتها 500 مليار دولار والمعروفة باسم نيوم .

المنطقة التي تعمل بالطاقة الشمسية في خليج العقبة لن تكون مثل أي تجمع شوهد من قبل حيث سيكون هناك رجال آليون أكثر من الناس . وقال كلاوس كلاينفيلد، رئيس المشروع الذي عين مؤخراً " سننفق طن من المال في حين سنفعل الشيء الصحيح " .

ولي العهد المفرط النشاط صرح بأن انتشار الاسلام الاصولي خلال الثلاثين سنة الماضية كان أمراً شاذاً ، انحراف تاريخي عن التقاليد المضيئة للشرق الاوسط . هذا صحيح .

من الصعب ابتلاع المزاعم بأن بلاده قد ابتلعها المد . وقال " بعد الثورة الايرانية عام 1979 ، الناس كانوا يريدون نسخة من هذا النموذج في دول مختلفة ، واحداً منها في المهلكة السعودية . نحن لا نعرف كيف نتعامل معه . المشكلة انتشرت في كل انحاء العالم " .

الشباب السعودي والمسؤولين المتعلمين يروجون ويكررون هذه النسخة الغريبة من الاحداث فيما يبدو أنه رسالة مدبرة . " الثورة الايرانية اثارت ردود فعل عنيفة وعلينا ان نعود كما كنا بلداً طبيعياً مرة أخرى " .

ثورة الخميني الايرانية عام 1979 لم تؤدي إلى تحول السعودية إلى السلفية . المشاعر المعادية للغرب كانت مرتفعة في كلا الدولتين .

وقال للدايلي تلغراف " لا يمكننا تطوير اقتصاداً حديثاً إذا ظلت المرأة مربوطة إلى بالوعة المطبخ . لا نعرف ما إذا كان لا يزال هناك من يرغب في شراء نفطنا بعد 20 عام أو حتى بعد 10 سنوات . لا يمكننا الاعتماد عليه " .

المهلكة تتغير بشكل ملموس . على الأقل باستطاعة النساء قيادة السيارات . التخمير الرقمي في كل مكان . من ناحية ، يمكن القول بأنها محاولة حاذقة من قبل ولي العهد اثبات أن هذا الاضطراب الاجتماعي يعد شكلاً من اشكال المحافظة ، اعادة اكتشاف طريقة حياة قديمة .

ومع ذلك ، فهناك امتداد يشير إلى ان المهلكة السعودية كانت منفتحة أو معتدلة في السبعينيات ، ناهيك عن كونها ليبرالية . الذي حدث بالفعل هو أن السلوك الغربي والشهواني للنخبة في المهلكة أدى إلى رد فعل سلفي عنيف ما أدى إلى الاستيلاء على المسجد الحرام في مكة عام 1979 .

العائلة المالكة الخائفة عقدت اتفاقاً جديداً مع رجال الدين الوهابيين لدرء التهديد الخطير . ثم بعد ذلك استخدمت الثروة النفطية للبلاد لتمويل الحركات الجهادية وبناء المدارس الوهابية في الخارج .

نفس الهواء الغير منطقي يحوم فوق خطة المهلكة لبناء اقتصاد صناعي متنوع يناسب عصر ما بعد النفط بحلول 2030 . الاهداف جديرة بالثناء لكنها كلها لديها حلقة مسرحية ومن غير الواضح إلى حد بعيد ما إذا كان لدى الرياض اموال كافية لتحقيق ما تصبو إليه من تنوع .

ويقارن نصيب الدخل للفرد باليونان . مبلغ الـ 500 مليار دولار يمثل 80% من اجمالي الدخل للمهلكة . وقال ولي العهد " سيكون هذا مكاناً لحالمي العالم " . لم يكن هناك سخرية مقصودة .

احتياطات النقد الخارجية انخفضت إلى 47 مليار دولار بعد ان كانت 744 مليار دولار في اواخر عام 2014 ، على الرغم من ان الرياض أصدرت سندات خارجية . ومن المرجح ان تتفاعل الاسواق عندما الاحتياطات إلى 300 مليار دولار بالنظر إلى ان العملة مرتبطة بالدولار . التقشف لم يذهب بعيداً بما فيه الكفاية . وتعتقد وكالة فيتش أن العجز في الميزانية سيصل إلى 9% من اجمالي الناتج القومي عام 2017 .

وعلى هذه القاعدة المرهقة تمول الحكومة رابع أكبر ميزانية عسكرية في العالم وحرب مكلفة في اليمن فضلاً عن تمويل مصر المثقلة بالديون ودفع ثمن " العقد الاجتماعي " للمهلكة ، الرفاه من المهد إلى اللحد . وقد تم تقليص الدعم لكن الامر ووجه بمقاومة شرسة .

الحرس القديم ترك الامور تتفاقم لفترة طويلة . لقد بنوا بناءهم على اساس سعر بيع البرميل 100 دولار امريكي ولم يأخذوا في حسبانهم الزيت الصخري من الولايات المتحدة . واعترف المسؤولون السعوديون انه ينبغي عليهم اغراق سوق النقط الخام قبل أن يصل إلى التكسير إلى كتلة حرجة .

لقد تأخروا كثيراً حينما بدأوا العمل في نهاية المطاف في نوفمبر 2014 . مكاسب الزيت الصخري التي تحقق في ذلك الوقت لا رجعة فيها . بعد ذلك بثلاث سنوات ينبغي على منظمة اوبيك بالإضافة إلى روسيا العمل كبح الانتاج بنحو 1.8 مليون برميل يومياً للتخلص من الفوضى .

لم تنجو الحفارات الامريكية ، بل هي مزدهرة . عندما يصل سعر النفط إلى 50 دولاراً فإن هذه الحفارات قصيرة الدورة تتقدم وتزيد من انتاجها . فهي تمنع التجمعات الدورية من اكتساب زخم .

امين ناصر ، رئيس شركة ارامكو السعودية ، قال هذا الاسبوع ان شركات الصخر الزيتي تستنفد بقعها الحلوة وستفقد ميزتها بمرور الوقت . لكن الحفارون الامريكيون يرفضون هذا التفكير حتى الآن .

وتتفاوت التقديرات لكن سيتي جروب يعتقد ان الانتاج في تلك الاحواض في ولاية تكساس ستتضاعف ثلاث مرات ليصل انتاجها إلى 6.8 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2021 ، ما يجعل انتاجها اكبر من انتاج حقل الغوار العملاق في المهلكة السعودية . اجمالي انتاج الولايات المتحدة من الزيت الصخري يصل إلى 13 مليون برميل في اليوم .

حدث شيء مثل هذا ، فلن يكون هناك أي انقاذ لسوق النفط بالنسبة للمهلكة السعودية هذا العقد . سيناريو " منخفض لفترة أطول " لن يستمر طويلاً ، ما يؤخر ازمة العرض المقبلة إلى العقد المقبل .
في اوائل عقد 2020 سيدخل تهديد جديد إلى حيز التركيز : السيارات الكهربائية ستصبح قيمتها مكافئة للسيارات التي تعمل بمحركات البترول والديزل / اكثر من 200 موديل منها موجود في العرض حالياً . والهند ستقتفي اثر الصين في فرض القيود الصارمة على السيارات التي تستهلك الوقود الاحفوري .

ويأمل السعوديون أن يمولوا تحولهم الكبير من خلال بيع اجزاء من ارامكو – ما سيؤدي إلى تآكل تدفق ايرادات الدولة – لكن هذا الامر كان سيكون أكثر سهولة قبل سبع سنوات مضت .

الآمال بجمع 100 مليار دولار من الشريحة الأولى التي تمثل 5% خلال عام 2018 في لندن أو نيويورك تتلاشى . ويتحول التركيز الآن إلى صفقة مبهمة مع الصين .

وقد يتعين تقليص الطموحات . فمبلغ 2 ترليون ريال في صندوق الاستثمار السعودي هو مجرد استقراء لقيمة ارامكو الورقية . لا شيء من هذا القبيل موجود في شكل قابل للاستخدام .

لولي العهد الحق في المضي قدماً في رؤيته 2030 . فالمهلكة السعودية ليس لديها خيار . لكن الارادة البركانية لرجل واحد ليست كافية . لا أحد يمكنه احداث ثورة صناعية أو اعادة تشكيل الامة الوهابية بيدية العاريتين .



2017/10/25
امبروز ايفانز و بريتشارد ، دايلي تلغزاف

رابط الموضوع : http://www.telegraph.co.uk/business/...e-absurdities/