الامير السعودي المغرور الذي يرمي بالحذر في ادراج الرياح 




الرياض ، المهلكة العربية السعودية ، 2017/11/14 – بدعم ضمني من والده ثبت ولي عهد المهلكة البالغ من العمر 32 عاماً نفسه كأقوى شخصية في العالم العربي واندفع إلى مواجهة جميع الاطراف في وقت واحد .

وامر وفي العهد محمد بن سلمان بالقاء القبض على 11 أميراً من افراد عائلته الملكية وما يقرب من 200 من اعضاء نخبة المال والاعمال في السعودية وبدأ في تقييد سلطة رجال الدين المحافظين في المهلكة . كما قام بمحاصرة دولة قطر المجاورة واتهم ايران بأعمال حربية وشجع على استقالة رئيس وزراء لبنان . وفي اليمن تحارب قواته المسلحة فصيلاً مدعوماً من ايران في حرب مستعصية أدت إلى ازمة انسانية .

وقد تحرك ولي العهد بتهور لدرجة شعر معها المسؤولون الأمريكيون وغيرهم بالقلق من أنه يزعزع استقرار المنطقة. فضلا عن أن علامات الفشل المحتمل آخذة في الازدياد.

ويقوم المستثمرون، القلقون من خططه، بنقل أموالهم خارج المملكة. ومن جانبه سعى «بن سلمان» إلى مواجهة هروب رؤوس الأموال من خلال الضغط على المعتقلين وغيرهم لتسليم أصولهم. وقدم الاعتقالات بأنها حملة ضد الفساد، لكن المستهدفين يسمونها حملة ابتزاز، ويبدو أنه استمع إلى نصيحة وزير الداخلية المصري السابق «حبيب العادلي»، الذي كان قد صدر ضده حكما قضائيا بالحبس بسبب الوحشية والكسب غير المشروع.

ويقول مؤيدو بن سلمان بأنه ببساطة اتخذ الاجراءات الحاسمة الضرورية لتحويل اقتصاد المهلكة المعتمد على الكسب غير المشروع والنفط بينما يقاوم العدوان الايراني .

لكن المحللين في انحاء المنطقة يناقشون ما اذا كان الاندفاع المتهور قد يقود إلى مزيد من الرغبة في الاستحواذ على السلطة قبل الخلافة الملكية المحتملة ، ونظراً لحاجته الملحة للمال من أجل الدفع لخططه أو ببساطة طموحاته المتهورة لوضع بصمته على الشرق الأوسط ككل . وبغض النظر عن حماسة الرئيس ترامب للامير فإن البعض في وزارة الخارجية والبنتاغون ووكالات الاستخبارات يقولون انهم يخشون من أن تهوره قد يعيق تحقيق اهدافه ويزعزع استقرار المنطقة .

وقال فيليب غوردون ، منسق الشرق الأوسط في البيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما : " لقد قرر ألا يفعل أي شيء بحذر" . وأضاف: «إذا همش ولي العهد الكثير من الأمراء وأركان النظام الأخرى، ودخل في صراعات إقليمية مكلفة وأخاف المستثمرين الأجانب، فقد يقوض آفاق الإصلاحات ذاتها التي يحاول تنفيذها " .

ويقول المحللون إن الاعتقالات خارج القضاء روعت المستثمرين بما فيه الكفاية لعرقلة خطط الأمير للطرح العام لأسهم شركة أرامكو، شركة النفط التي تملكها الدولة، في نيويورك أو لندن العام المقبل. والتي تعد حجر الزاوية في مبادرته الإصلاحية.

وقد أثارت تهديدات ولي العهد ضد إيران ولبنان شبح الحروب للجيش السعودي، الذي تعثر بالفعل في اليمن، الغير مهيأ للقتال . وقد تضطر الرياض إلى الاعتماد على الولايات المتحدة أو إسرائيل في أي صراع جديد.

وفي الوقت نفسه، تهدد حملة التطهير التي يقودها ضد الفساد في الداخل بإحداث انقسام في العائلة المالكة ونخبة المال، في اللحظة التي يحتاج فيها إلى الوحدة، إما لجعل تسلمه للعرش سلساً أو للوقوف في وجه إيران. وقال طبيب من أقرب مستشفى ومسؤول أمريكي يتابع الوضع إن 17 شخصا من الذين اعتقلوا في حملة مكافحة الفساد احتاجوا إلى علاج طبي من قبل محتجزيهم.

وصرح أحد مستشاري وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي ، أن العادلي وهو وزير داخلية مبارك الذي يتمتع بسمعة سيئة للوحشية والتعذيب التي مارستها وزارته في عهد مبارك . سيقدمون المشورة إلى بن سلمان، ويقول محاموه إنه يعتزم الطعن في حكمه الغيابي الأخير بالسجن 7 أعوام بتهمة الفساد في مصر.

وحول مسؤولون في الديوان الملكي السعودي تساؤلات صحفية حول هذه التقارير إلى سفارة المهلكة العربية السعودية في واشنطن، حيث قالت المتحدثة باسم السفارة «فاطمة باعشن» إن السفارة لا تستطيع تأكيدها أو نفيها.

ومع تراجع أسعار النفط في الأعوام الأخيرة، جمدت السعودية المشاريع وأنفقت أكثر من ثلث احتياطياتها المالية، ما أدى إلى تراجعها إلى نحو 475 مليار دولار هذا الخريف، بعد أن بلغت 737 مليار دولار في أغسطس عام 2014. وبهذه النسبة من الانفاق فأمام المهلكة بضعة أعوام فقط لرفع إيراداتها أو خفض إنفاقها لتفادي أزمة مالية.

وفي ظل هذه الخلفية، يقول مؤيدو الأمير إن حملة مكافحة الفساد تهدف إلى استعادة مئات المليارات من الدولارات التي تسربت من ميزانية الدولة عبر الرشوة والكسب غير المشروع، وهي الاموال التي يحتاجها لتمويل خططه التنموية.

وكان بن سلمان قد ناشد الأثرياء في المملكة منذ شهور أن يستثمروا في برنامجه للتحديث. غير أن البعض شكا إن خططه، مثل مركز الأعمال الجديد بقيمة 500 مليار دولار أمريكي «لحالمي العالم»، التي من المفترض ان يتم بناؤها من الصفر، وتغذى كلياً بالطاقة النظيفة، مجرد تصور وفكرة سيئين. وبدلا من الاستثمار في الداخل، تحركت الأصول بهدوء إلى الخارج.

والآن، لم يعد يكتفي بالدعوة فحسب . وقال مسؤول أمريكي، افاد حول حملة القمع ومرافقي العائلة المالكة، إن الحكومة السعودية تضغط على بعض المعتقلين وآخرين لا يزالون طلقاء لدفع مبالغ كبيرة مقابل معاملة أفضل. وقد تم استدعاء موظفي بعض المعتقلين، قبل أشهر، للإجابة على أسئلة حول رؤسائهم، مما يشير إلى أن عملية التطهير كانت مخططة بشكل جيد سلفاً .

وقال مسؤول سعودي كبير، يدافع عن حملة القمع الأسبوع الماضي، إنها كانت تهدف إلى إظهار أن قواعد العمل القديمة في المهلكة قد تغيرت.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن " الفساد ينخر البلاد على كل المستويات، وهناك مئات المليارات من الريال التي تضيع من الاقتصاد الوطني كل عام ". وأضاف: " الغرض من الحملة أساسا إحداث صدمة للنظام ، لإرسال رسالة مفادها أنه لن يتم التسامح مع الفساد بعد الآن، وأنه لم يعد أحد محصنا " .

الفساد متوطن جدا في المهلكة منذ فترة طويلة - بدءا من العقود الحكومية المتضخمة للمشاريع الكبيرة إلى الرشاوي البسيطة للحصول على جوازات سفر- وشارك في ذلك عدد لا يحصى من السعوديين. ومع ذلك، يبدو أن بعض الأمراء الذين يعرف عنهم الفساد الواضح تركوا دون مساءلة، ما يثير تساؤلات حول من يتم استهدافه، ولماذا.

وهناك علامات أخرى تشير إلى أن بن سلمان قد يكون قد سعى بهذه الحملة أيضا إلى إحباط المنافسين المحتملين. وفي يونيو ، قام والده بتجريد الأمير محمد بن نايف، البالغ 58 عاما، من منصبيه كولي للعهد ووزير للداخلية، وتم إجباره على البقاء داخل قصره، وحل محله بن سلمان. وقد هدأ معجبو ولي العهد المخلوع، الأسبوع الماضي، عندما ظهر في مقطع فيديو يتحرك بحرية في جنازة عائلية، ويتلقى القبلات على كتفه، في صورة من إظهار الاحترام والولاء من أفراد العائلة المالكة.

لكن هذا العرض الذي أظهر شعبيته المستمرة كان أكثر من اللازم بالنسبة إلى ولي العهد الشاب، الذي أمر في اليوم التالي بالاستيلاء على أصول ولي العهد السابق، بالإضافة إلى أصول زوجته وبناته، وفقا لما ذكره اثنان من أفراد العائلة.
وقالت السيدة باعشن، المتحدثة باسم السفارة السعودية، إنها لا تستطيع التعليق على أية تحقيقات محتملة.

ويشك مسؤولون أمريكيون في أن بن سلمان قد يهرع إلى التحكم في جميع أذرع السلطة، تحسبا لتخلي والده، سلمان، بشكل رسمي عن الحكم، حيث يقول أكاديميون ومسؤولون غربيون أنه قد يكون يعاني من الخرف.

وعندما زار الرئيس ترامب الرياض، لحضور اجتماع قمة الصيف الماضي، ظل الملك جالسا، بينما كان يكافح لقراءة بيان معد مسبقا. وكان خطابه في بعض الأحيان ضعيفا، أو يتوقف أحيانا. ونادرا ما يتحدث علنا هذه الأيام. لكن المسؤولين السعوديين يصرون على أن قدراته العقلية سليمة.

ويقول أنصار بن سلمان إن التهديدات السعودية الأخيرة ضد إيران ولبنان جاءت ردا على استفزازات خارجة عن إرادته. وقالوا إن حلفاء طهران في اليمن أطلقوا صاروخا إيراني الصنع في اتجاه الرياض، حيث تم اعتراضه على مشارف المدينة. وقد استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من منصبه في اليوم نفسه، وأدلى ببيان الاستقالة على محطة تلفزيونية سعودية من الرياض، اتهم فيه إيران ووكيلها في لبنان حزب الله، بإشعال الخلاف والتخريب والدمار في المنطقة.
لكن الكثيرين، بمن فيهم دبلوماسيون أمريكيون حاليون وسابقون، يقولون إن جرأة الأمير الشاب تعكس أيضا اقتناعه بأنه يحظى بتأييد لا لبس فيه من ترامب.

وقبل أن تنقضي الأيام الأخيرة حتى من ولاية أوباما، كان ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، وهو ملك آخر بحكم الأمر الواقع في الخليج العربي، وأقام علاقات عميقة مع واشنطن، بالترويج لنظيره السعودي لفريق ترامب القادم كحليف مفيد. ويبدو أن كلا الأميرين قد شكلا علاقة خاصة مع جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، الذي يقترب في السن من الأمير السعودي الشاب، حيث يبلغ 36 عاما.

وكان ترامب قد اختار المهلكة العربية السعودية كأول رحلة خارجية له كرئيس. ومما يظهر تلك العلاقة القوية بين بن سلمان وكوشنر، تصريح مسؤولين أميركيين آخرين أنهم لا يتم إطلاعهم على ما يناقشه الاثنان. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، طلب عدم الكشف عن هويته، إن جاريد يعد ثقبا أسود. وأضاف ليس هناك أي معنى للمواقف التي دعا إليها. يمكننا التخمين فقط، استنادا إلى ما قام به وأين كان.

وأضاف المسؤول أن " الإماراتيين والسعوديين كانوا حريصين جدا على التقارب معه وجلبه نحو مواقفهم في المنطقة".
وعارض مسؤول في البيت الأبيض، الذي أصر أيضا على عدم الكشف عن هويته، هذا الحديث عن كوشنر، قائلا إنه يطلع بانتظام وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي على رحلاته ومحادثاته.

وقد قام كوشنر بزيارته الثالثة للمهلكة هذا العام، وكانت هذه المرة غير معلنة حتى عودته إلى واشنطن، في أواخر أكتوبر، حيث قال مسؤولون أمريكيون إنه ظل إلى وقت متأخر من الليل في حديث خاص مع بن سلمان. ثم ظهرت عمليات الاعتقال بعد عدة أيام من الزيارة، وسارع ترامب إلى الإشادة بالحملة، على الرغم من أن العديد من مسؤولي البيت الأبيض قالوا إن السعوديين لم يطلعوا كوشنر على أي معلومات حول ما كان على وشك أن يحدث.

وقال الرئيس ترامب على تويتر بعد بدء الاعتقالات: " لدي ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهد المهلكة العربية السعودية، وهم يعرفان بالضبط ما يفعلانه" . وأضاف: " إن بعض من يعاملون بصرامة الآن كانوا (يحلبون) بلادهم لأعوام ".
وقالت باعشن، المتحدثة باسم السفارة، إن السعودية والولايات المتحدة " تتمتعان بمجموعة واسعة من المناقشات التعاونية"، وإن "الشؤون الداخلية هى فقط شؤون داخلية".

غير أن مسؤولا في وزارة الخارجية الأمريكية قال إن دبلوماسيي الوزارة إضافة إلى البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية "شعروا بانزعاج متزايد من أن الأمير محمد يتصرف بتهور دون اعتبار كاف للعواقب المحتملة لسلوكه، والضرر المحتمل لمصالح الولايات المتحدة".



بين هوبارد وديفيد كيركباتريك
نيويورك تايمز

رابط الموضوع
: https://mobile.nytimes.com/2017/11/1...xaWjA13y?amp=1