الاضطرابات في ايران تواجه صمتاً ملحوظاً من المهلكة السعودية
في الوقت الذي اندلعت فيه الاحتجاجات في ايران هذا الاسبوع ، التزمت الدولة المنافسة لطهران بصمت غير عادي .
فعلى عكس الولايات المتحدة واسرائيل اللتان ايدتا بشكل علني الاحتجاجات في ايران ، التزم المسؤولون في السعودية الصمت . وتمثل الاحتجاجات التي اجتاحت الشوارع ، من الطبقة العاملة بشكل رئيسي ، أكبر تحدٍ منذ سنوات للنخبة الحاكمة في ايران التي تخوض حروباً بالوكالة في انحاء الشرق الاوسط ضد السعودية والملكيات السنية الاخرى .
ويتحدث الصمت عن الخوف الذي ربما يكون أكبر من أي تهديد خارجي قد تمثله ايران . ميشال ستيفنز ، باحث في معهد الخدمات الملكية في لندن ، قال عن قادة المهلكة السعودية " انهم مرعوبون من اشياء في بلدهم تسير في ذلك الاتجاه " .
ترغب السعودية ايضاً في تجنب أن ينظر اليها كمحرض ، على الرغم من ان التوترات بين الاعداء الذين تمتد عداوتهم لعقود على أشد ما تكون .
وفي ظل قيادة سلمان وابنه القوي ، ولي العهد محمد بن سلمان ، شنت المهلكة حرباً على المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم ايران في اليمن المحادية لها . وسعت المهلكة لاحتواء التأثير الايراني في اماكن أخرى في المنطقة مثل سوريا والعراق ، لكنها حتى الآن لم تحرز إلا القليل من النجاح . وقد قطعت الدولتين المتنافستين علاقاتهما الدبلوماسية في اوائل عام 2016 .
لكن بعد ثورات الربيع العربي التي اندلعت عام 2011 ادرك القادة السعوديين وحلفائهم كيف يمكن ان تقفز الاحتجاجات في المنطقة بشكل سريع وتعبر الحدود وتطيح بالقادة الذين ظلوا في السلطة لسنوات ، إن لم يكن لعقود . في ذلك العام ارسلت المهلكة قوات إلى البحرين المجاورة للمساعدة في احتواء ثورة الاغلبية الشيعية ضد حكامها السنين . وقد بدد التحرك الاحتجاجات من ذلك النوع الذي اجتاح دول مثل مصر وتونس .
وبرغم وقوفهما على جانبين مختلفين من الصراع الاقليمي إلا ان السلطات في ايران والسعودية تشتركان في قلة التسامح مع المعارضين المحليين .
أكثر من 1000 شخص تم اعتقالهم في اول سبع ايام من التظاهرات في ايران ، وفقاً لما قالته امنستي الدولية . و اكدت السلطات الايرانية انها القت القبض على 600 على الأقل وتقول ان 22 شخصاً على الاقل قتلوا ، من بينهم اثنان من رجال الشرطة .
واظهر مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة حشداً من المحتجين في مكتب حاكم اراك في غرب ايران . واظهر مقطع فيديو آخر حشداً كبيراً من المتظاهرين في مشهد ، ثاني أكبر مدينة في ايران . ومن الصعب معرفة الحجم الكامل للقلاقل بسبب محدودية التغطية الاعلامية الاجنبية وندرة التقارير الاخبارية في وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الدولة .
وتركزت مطالب المتظاهرين في البداية على الاقتصاد لكن سرعان ما تحولت إلى تحد لحكم الجمهورية الاسلامية الديني الممتد لما يقرب من اربعة عقود .
واتهمت ايران المنافسين لها مثل السعودية في المساعدة في اثارة الاحتجاجات واشارت على سبيل المثال إلى تغريدات الرئيس الامريكي دونالد ترامب في دعمهم . وقال إمام الجمعة في طهران ان الاحتجاجات كانت جزءاً من خطة امريكية صهيونية لإقامة " اسرائيل جديدة : في الشرق الاوسط . وقال احمد خاتمي ان الخطة تم تمويلها من قبل السعودية وتضمنت تهريب اسلحة إلى ايران من القواعد الامريكية في مدينة هيرات الافغانية واربيل العراقية .
واتهم مسؤول ايراني كبير في وقت سابق من هذا الاسبوع الحكومة السعودية بالمساعدة في انشاء ونشر هاشتاغات على تويتر تنتقد الحكومة الايرانية وبدعم الاحتجاجات . علي شامخاني ، نائب القائد الاعلى للمجلس الوطني للأمن القومي ، قدر بأن أكثر من ربع الهاشتاغات تأتي من الحكومة السعودية وفقاً للتقارير التي اوردتها وكالة فارس للانباء الشبه رسمية .
وتواجه ، المهلكة السعودية ، ملكية وراثية ، نفسها مصاعب اقتصادية مع انخفاض اسعار النفط التي اجهدت الانفاق واضطرت الحكومة إلى التخلي عن بعض الخدمات التي كانت تمنح منذ الولادة إلى الممات والتي تقوم عليها العلاقة بين النظام الملكي ورعاياه . وادخلت المهلكة مجموعة من التدابير التقشفية بما في ذلك خفض الاعانات الحكومية السخية على البنزين والكهرباء .
ولم يرد المتحدثون باسم الحكومة السعودية على الفور على طلبات التعليق يوم الجمعة .
لكن المعلقين في الصحف السعودية الشبه حكومية انحازوا بشكل اكثر وضوحاً مع المحتجين ، وكثيراً ما ركزوا على حاجة ايران لأن تتوقف عن التدخل في الشؤون الاقليمية – سواء من خلال الحوثيين في اليمن او من خلال حزب الله ، المجموعة السياسية والعسكرية ، في لبنان .
عبدالرحمن الراشد ، كاتب شهير ، قال في مقال نشر في صحيفة عرب نيوز السعودية اليومية ، يوم الجمعة " الاحتجاجات في ايران ايرانية بحتة . وهم ليسوا سعوديين ولا امريكيين ، ليس هناك اجنبي لديه أي شيء ليفعله معهم " . " هذا لا يعني ان المجتمع الدولي لن يساعد المتظاهرين في المستقبل اذا استمر النظام تهديداته للدول الاقليمية " .
وقال المحللون أن الدعم السعودي العلني للمحتجين سيكون له نتائج عكسية. واذا كان سيكون له دور ، فهو فقط سيعزز المزاعم الايرانية بأن الاضطرابات اثارتها المهلكة السعودية واسرائيل والولايات المتحدة وبالتالي ستعطي السلطات ذريعة لقمعها بشكل اعنف .
وقال محمد اليحيى ، محلل سياسي سعودي ومشارك غير مقيم في مجلس الاطلنطي " انه شأن ايراني داخلي وليس للسعوديين أي دور على أي حال . سينتظرون على الهامش . لكن ليس هناك أي وهم في أي مكان في الخليج حول التهديد الذي يشكله النظام الايراني " . " ليس من مصلحتهم ان يظهروا كما لو كانوا وراء هذه الاحتجاجات . ما هو الاتجاه الصعودي للقوة في هذه القضية؟ لا شيئ " .
2018/1/5
ايزابيل كوليس و مارغريت ستانكتي : وول ستريت جورنال
رابط الموضوع : https://www.wsj.com/articles/iranian...bia-1515167174
Powered by Backdrop CMS