تقرير بي بي سي عن بيت آل سعود : كم هو حقيقي ؟
قبل اربعين عام قررت قناة آي تي في عرض الفيلم المثير ديث اوف برينسيس ( موت الأميرة ) الذي أدى إلى حدوث خلافات دبلوماسية كبيرة بين بريطانيا والمهلكة العربية السعودية .
ويروي الفيلم قصة أميرة سعودية صغيرة تدعى مشاعل وعاشقها السري خالد الشاعر الذين قبض عليهما وهما يحاولان الفرار من البلاد ثم اعدما بعد ذلك بتهمة الزنا .
فيلم مدمر
وفي اعقاب عرض هذه القصة المأساوية اقتربت العلاقات بين السعودية وبريطانيا من الالغاء . وتم سحب السفير البريطاني آنذاك ، جيمس كرايج ، وحظرت المهلكة العربية السعودية على الخطوط الجوية البريطانية عبور اجواءها .
الاسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت عرض فيلم اكثر تأثيراً على المهلكة السعودية . الفيلم الذي تم التحضير له وتمت صناعته بشكل جيد يحتوي على معلومات جديدة قليلة نسبياً . ومع ذلك ، فهو ينشر أثراً تراكمياً مدمراً حول المهلكة ويثير اسئلة حول محمد بن سلمان ، ولي العهد والزعيم الديناميكي الجديد للبلاد .
ما هو أكثر استثنائية ، انه تم عرضه بواسطة البي بي سي ، التي تتهم في بعض الاحيان بأنها قناة تلفزيونية تابعة للحكومة البريطانية . هذا البرنامج ليس كذلك . الجزء الأول يركز على التمويل في المهلكة العربية السعودية والدعم للإرهاب الدولي من البوسنة إلى افغانستان ومؤخراً في سوريا .
الغرامة التي فرضت على المهلكة العربية السعودية لشراءها اسلحة من بلغاريا ونقلها إلى مجموعات داخل سوريا أكثر تفصيلاً من أي شيء سبق لي رؤيته من قبل .
و ركز الجزء الثاني من السلسلة على العلاقات الفاسدة بين الدول الغربية وشركات الاسلحة والعائلة المالكة السعودية . ويركز على العمولات الضخمة التي كانت تدفع من الشركات الغربية لأعضاء من العائلة المالكة السعودية من أجل الفوز بالصفقات على الرغم من أنها لا ينبغي ان تسمى على نحو دقيق .
العقود الغربية تستخدم المال السعودي لتسديد الوسطاء . ويمكن ان تتجاوز المبالغ المعنية 50% ويظهر الفيلم المشكلة التي اصبحت اسوأ بمرور الوقت .
و يكشف الجزء الأخير نفاق وانتهاك الشريعة من قبل النخبة السعودية الحاكمة في الجنس وحقوق الانسان والقضايا الأخرى .
لا شكاوى
لم يكن هناك أي صدى ولا شكاوى كما حدث بعد عرض فيلم ديث اوف برينسيس . وهذا أمر معقول من وجهة النظر السعودية . الفيلم يسلط الضوء على قضايا كبيرة تهدد بقاء المهلكة العربية السعودية على المدى المتوسط ولو كنت مكان محمد بن سلمان لرغبت في أن أوليه أقل قدر من الاهتمام .
ويشير الفيلم إلى ان الأجيال الأولى من الحكام السعوديين ، وقبل كل شيء فيصل ، لم يكونوا فاسدين . ويبدو أن الفساد المالي والجنسي قد ازداد بشكل مطرد مع مرور الوقت بعد ان تحول سباق البدو الصحراويين إلى سباق منحط من رعاة اللعب الغربيين في غضون جيلين أو ثلاثة .
وفي الوقت الحالي يأتي محمد بن سلمان . ولي العهد السعودي تصرف بطريقة لم يسلكها أي حاكم سعودي من قبل . وهو في طريقه للاستحواذ الكامل على السلطة المطلقة داخل المهلكة السعودية وبالتالي الاستيلاء على أصول وممتلكات كثيرين جداً من الاثرياء في السعودية .
لعقود كان هناك توازن قوى مستمر داخل بيت آل سعودي . بن سلمان انهى ذلك . فهو يرغب في أن يكون المصدر الوحيد للسلطة والرعاية في المهلكة .
وهذا يعني انهاء الصفقة بين جد بن سعود والمؤسسة الوهابية الدينية قبل 100 عام . وبموجب هذا الترتيب قامت الاسرة المالكة السعودية والقيادة الدينية بحصر مجالات اهتمام منفصلة .
بن سلمان قام بحبس الوعاظ الوهابيين وكبح سلطات الشرطة الدينية وتحدى النخبة الدينية البراغماتية من خلال السماح للنساء بقيادة السيارات وحضور مباريات كرة القدم .
سمح للنخبة الدينية بتشجيع الجهاد في الخارج لكن منع ذلك في الداخل . ويزعم بن سلمان أنه يخترع ما يسمى بسياسة خارجية سعودية " معتدلة " ستكون مقبولة من خلفائه في الغرب ، لا سيما الولايات المتحدة الامريكية ورئيسها دونالد ترامب . ليس هناك مزيد من " التطرف "
انقلاب داخل القصر
علامة الاستفهام التي تحوم فوق هذا الفيلم هو ألى أي مدى كان هذا حقيقياً . هل حقاً يقوم محمد بن سلمان بالقضاء على الفساد في السعودية كما يزعم حلفاءه أو انه ببساطه يستولى على كل الغنائم لنفسه ؟ هل وضع حقاً نهاية للعنف كوسيلة في السياسة الخارجية ؟
بشكل حاسم ، لم يفعل بن سلمان أي شيء لتثبيت خط فاصل بين العائلة المالكة والدولة . وفي ظل حكمه فإن أصول آل سعود هي نفسها أصول الدولة السعودية والعكس صحيح . وبن سلمان لم يفعل شيئاً لمواجهة ذلك .
وإلى حين يفعل ذلك تظل تعهداته بخصوص التحديث فارغة .
هذا يعني أنني لا اعتقد ان بن سلمان سيستمر لفترة طويلة . فقد أهان عائلته وأهان النخبة الدينية . واختار حلفاء سيئين للغاية . ومن غير المرجح ان يستمر الرئيس الامريكي ولا رئيس الوزراء البريطاني سيسىمران لفترة طويلة .ومن المرجح ان يسقط بن سلمان بانقلاب قصر .
لكن لا يسعني إلا ان اتساءل ما إذا كان مصيره قد يشبه كثيراً محمد رضا بهلوي شاه ايران .
والظروف مواتية لثورة اسلامية في المهلكة العربية السعودية . لسنوات ظلت المهلكة السعودية مصدراً للعنف وعدمم الاستقرار في انحاء العالم الاسلامي . سقوط آل سعود ، واحدة من أكثر السلالات فساداً وتفسخاً التي عرفها العالم ، سيساعد في حل هذه الأزمة التي تحيط بالاسلام السني في الوقت الحالي .
2018/1/26
بيتر اوبورن ، ميدل ايست آي
رابط الموضوع : http://www.middleeasteye.net/columns...eal-1250013711
Powered by Backdrop CMS