تعذيب الله تعالى العالم برياحه المرسلات


 

﴿ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفا . فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً . وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً . فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً . فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً . عُذْراً أَوْ نُذْراً . إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ .


الحمد لله الذي تتم الصالحات بفضله ، والنقمات بعدله .

سبحانه الذي يرسل الرياح بشرى ، والعاصفات دحرا وتنكيلا للمجرمين المكذبين .

إن الله عدل ، قُتِلَ المكذبين الذين لا يوقنون بالقرآن ولا يعتبرون بآياته البينات الباهرات .

سبحان الذي أهلك الظالمين بالريح العاصف ، ثم جعلها لسليمان آية ونعمة .

إن الله حين يعذب أهل الكفر اليوم بالريح العاصف يريد أن يعتبر بذلك أهل الإيمان ، فأهل الكفران لا يوقنون ويجحدون قدرة الله تعالى ، ولا يشعرون أن الله تعالى إنما يعذبهم بذنوبهم ، فهم لا يؤمنون به أصلا .

سبحان الذي أقسم فقال : ﴿
فالعاصفات عصفا ﴾ .

ثم عقب فقال جلت قدرته : ﴿
أَلَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ . ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ . كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ . وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ .

إنه وربي وعيد حق .

وقد جهل الكثير تأويل ذلك وعدوا الضمير في قوله تعالى : ﴿
ويل يومئذ للمكذبين ﴾ . عائد على يوم القيامة قوله تعالى :﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ . وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ . وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ﴾ .

وهذا غير صحيح بل هو عائد على قوله تعالى : ﴿
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ ﴾ . أولئك المجرمين الذين توعدهم بالويل ومصير الأولين المعذبين بالعاصف ﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ .

وهاهم يلقون عذاب ذلك ، تلقي فيهم
ذكراً ! ، إعذار و إنذار ! ، يفرق الله بها ما بين عهدين ، عهد إستقرار الكافرين ، وعهد ولاية المؤمنين .

ليعتبر أولي الألباب .

قال القرطبي رحمه الله تعالى :
باتفاق جمهور المفسرين على أن المراد بـ ( المرسلات عرفا ) الرياح . وحكاه عن ابن عباس وابن مسعود .


وأن معنى : ( عُرْفاً ) ، يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس . تقول العرب : الناس إلى فلان عُـرْفٌ واحد : إذا توجهوا إليه فأكثروا . " التفسير 10/154 "

وواقع حال هؤلاء في عالمنا اليوم يشهد لصدق النبوءات القرآنية وما قبله ، ويؤيد تحقق تأويل بعث المهدي عليه السلام ، فمن علامات بعثه عليه السلام إرسال الرياح العاصفة التي تثور على شرار الناس ، وها هي تتابع وبشهادة العارفين أنها ما زالت تزداد عددا وتشتد قوة .

المرسلات التي جعل الله تعالى فيها عذابا شديدا على الكافرين ، وكما قال عز وجل ما هي إلا "
عذرا أو نذرا " ، فهل ترونهم عذروا من أنفسهم ؟ وبلغتهم الحجة والنذارة ؟

نعم لقد بلغتهم وسيأتيهم أشد مما سبق ، وعد الله تعالى ومن أصدق من الله وعدا .

ولم يكن ذلك الملف الوحيد في أخبار تلك المرسلات التي كان ينذر الله أمرها عباده في كتابه العزيز ، فقد وضع لأخبارها ملفات عديدة وآخرها هذا الذي أسس له هنا والذي سيكون عاما لكل الرياح المرسلات التي يبعثها الله تعالى على العالم ، والتي من المتوقع أن تشتد قوة وتدميرا مع مرور الزمن .

ومن ذلك هذه المقالات :

إعصار ( الله ) صرخ ـ ( ليست أمريكا مباركة )


ريتا ( اعصار الله المدمر ) ملف

عاصفة (ويلما) تؤكد على بعث الله ( الرياح المرسلات )

الله أكبر "ويلما " تتبعها " ألفا " صدق الله ورسوله المهدي

قال عز وجل :

﴿
حم . تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ . وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ . وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ . وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِين ٌ﴾ .

إن كل مكذب اليوم لهذا التصريف الرباني في هذه الرياح "
المرسلات " يعد أفاكا أثيما كافرا جاحدا لآيات الله تعالى العظمى مستحقا لهذا الحكم لإعراضه عن تدبر كتاب الله عز وجل ، وهم في جملة من اتخذها هزوا فالتكذيب جملة الإستهزاء وعنوانه لذلك توعدهم الله بعذاب مهين ، فآيات الله كما هو رسم آيات القرآن هذه المتلوة في تصريف الرياح خرجت على سبيل الخبر سواء قيل عام أو خبر خاص ، وتخصيص عمل الله تعالى بها اليوم تعيين أكيد بمعنى الآية العام لما يراه العالم كله من أثر لذلك ، وعليه فكل من لم يؤمن بهذا التصريف الخاص من ذاك الذكر العام ان قلنا بالعموم لخبر تلك الآيات لكن ما نشاهده لزاما يعد معني بهذه الآيات ومطلب أكيد في تأويلها ، وهي من الآيات الكثيرة التي لم يفهم أكثر الناس فيها معنى الخبر فحسبوها إنشاء بحت لا يدخل شأنها باب الأخبار التي حتما يكون لها تأويلا مخصوصا بآخر الزمان ، فهؤلاء جهلة لم يعو حقيقة القرآن ويؤمنوا بها ، فقلوبهم ميتة عن ذكره بعيدة عن الحياة به كما هو حال أكثر الخلق اليوم .

بل ماذا أقول لقد ثبت عن بعض الكفار ادراك ذلك وتيقن حقيقته لكنه إدراك بغير إيمان ولا اتصال بمدبر الرياح والآمر في شأنها وتصريفها ، يدل عليه هذا التصريح من مجموعة كفار خبراء بتغيرات المناخ العالمي اليوم , قالوا :


ان تغييرات سريعة على نحو مفاجيء أخذت تطرأ على خليج بحر أمندسن في القارة القطبية الجنوبية ، وأضافوا بأن تغير الرياح يبدو نتيجة لعدة عوامل من بينها ارتفاع درجة حرارة الارض وتاكل طبقة الاوزون في الغلاف الجوي للأرض والتقلبات الطبيعية اهـ .

فهؤلاء الكفرة يؤمنون بكل عامل طبيعي دهري ولا يؤمنوا أن الله تعالى هو الفاعل ، فضلا عن أن يؤمنوا بأن الله عز وجل أخبر عن ذلك وأنذر الناس ذلك في كتابه المنزل على قلب نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .

لكن مصيبة المصائب ونكبة العقول هي تلك التي حلت بمن يزعم الإيمان بالقرآن وبالرسول الذي بعثه الله تعالى يتلو تلك الأنباء وينذر الناس عاقبتها ، حين يجهلون ذلك ، وإن انذروا ذلك اتخذوا من هذه النذارة هزءا وكفروا بها ، فهؤلاء الذين سينالهم أشد العذاب والويل لهم الأفاكين الملاعين ، فإن لكل دعوى مصداق ، والكفر والسخرية شيمة الكافرين بالقرآن المكذبين لاحكامه وأخباره .

وبأي آيات وأخبار عن الله تعالى يؤمنون بعد ما رأوا تصريفات المولى عز وجل العظمية التي أزعجت العالم بأجمعه ، وهزت أركانه ودمرت سواحله وغيرانه ، حتى هدمت أمصار وأمصار ، نوءٌ هاج لا يدرون ما به ، وما به إلا أمر الله تعالى وتصاريفه على رؤوس الأشرار الكفار في كل مكان ، وقد صاحت من قبل أنبياء الله تعالى في بني اسرائيل بذكر هذه المرسلات وأنذروا الناس شرها وبينوا أمرها وسبب بعثها ﴿
فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً ﴾ ، ومن هذا الذكر قول هذا النبي اليهودي عليه الصلاة والسلام " حبقوق " يحكي في ذكر تصريف الرياح الجاري اليوم في زماننا :


هل على الأنهار حمى يا ربي ، هل على الأنهار غضبك ، أو على البحر سخطك حتى إنك ركبت خيلك مركباتك مركبات الخلاص . عريت قوسك تعرية سباعيات سهام كلمتك .. سلاه .

شققت الأرض أنهارا . أبصرتك ففزعت الجبال ، سيل المياه طما .

أعطت اللجة صوتها ! رفعت يديها إلى العلاء ، بغضب خطرت في الأرض بسخط دست الأمـم .

خرجت لخلاص شعبك لخلاص مسيحك !، سلكت البحر بخيلك كوم المياه الكثيرة
. " راجع كتابي وجوب الاعتزال 2/54 و كتاب رد فرية الجاني "

فأي شعب وأي مسيح لله في وسط هذا الشر وما نراه من تحقق تأويل الكتاب ، خرج الله تعالى لأجل أمره في وسط هذا الشر كله ؟ ، غير مهدي الله تعالى الذي بعث لأجله الدخان علامة فلم يهتدوا له ، عميت قلوبهم وأضلهم إبليس اللعين حتى ما يبصروا أمر الله تعالى بخليفته ورسوله ، وأمره من الله تعالى أبين من عين الشمس في وسط النهار .

عميت عيونهم فلم ترَ الدخان ، فبعث الله تعالى الرياح الصفراء تثور فوق رؤوسهم بتلك الرمال الصفراء ، كما ثار من قبل فوق رؤوسهم الدخان فلم يروه بقلوبهم ولو رأته عيونهم فلم يعقلوا أمره ويهدوا لسبيله .

رأوا الرياح الصفراء ثم لا زالت عيونهم في العمى دونها لم يدركوا معنى هذه العلامة ومدى علاقتها بتحقق تأويل الكتاب ودوران رحاه ، ثم لما لم يفد ذلك حقق الله تعالى تأويل تصريف الرياح على عموم العالم ، وفي كل زاوية من الكون ليوصلهم إلى أقصى عميهم ، ثم يهلكهم الله تعالى بعد ذلك بما اقترفوا من كفر ونفاق وإعراض عن الله تعالى ودينه وكتابه وملة خليله ابراهيم .

قال في أمر تلك الرياح الصفراء : ﴿
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ . فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ . وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ . اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ . وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ . وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ . فَيَوْمَئِذٍ لا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ . وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلا مُبْطِلُونَ . كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ . فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ

راجع في تفصيل الرياح الصفراء :

ما قصة العواصف الترابية التي تضرب الجزيرة العربية ؟

عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تراءَا الناس الهلالَ ذات ليلةٍ ، قالوا : ما أحسنَهُ ما أبينهُ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" كيف أنتم إذ كنتم من دينِكم في مثلِ القمر ليلة البدرِ ، لا يُبصرُه مِنكم إلا البصيرُ " . " فوائد ابن أخي ميمي الدقاق (27) ورواه تمام في فوائده باختصار مخل 2/237 "

ومن الأنبياء الذين أخبروا عن ذكر تصريف هذه الرياح إرميا عليه الصلاة والسلام ، وهو نبي آخر في بني إسرائيل قال في هذا الشأن :


ها زوبعة الرب . غيظ يخرج ونوء هائج على رؤوس الأشرار يثور . لا يرتد غضب الرب حتى يجري ويقيم مقاصد قلبه . في آخر الأيام تفهمون فهماً ! اهـ . " راجع وجوب الاعتزال 2/54 "

فهل فهم هؤلاء الكفرة المنافقون ؟ ، أبدا زاد جحودهم وانبجس نفاقهم شرا وبلاءً أكثر مما كان قبل هذا التصريف وهذا العذاب بالمرسلات ، املاءً املى لهم ليأخذهم ثم يبلسون كما وعد عز وجل القادر على كل شيء .

لكن الفهم الحق كان من نصيب معلَّمه ومحدَّثهُ المهدي خليفته ورسوله ، فهو من تلقى هذا التفهيم والتعليم والهدى في أمر هذه المرسلات والرياح العاصفة ، وكل نال ممن اتبعه نصيبه من هذا التفهيم والتعليم .

وقال هذا النبي الكريم في موضع آخر :
إذا أعطى قولا تكون كثرة مياه في السموات ويصعد السحـاب من أقاصي الأرض .

صنع بروقا للمطر وأخرج الريح من خزائنه . بلد كل إنسان من معرفته . خزي كل صانع من التمثال . لأن مسبوكه كذب ولا روح فيه . هي باطلة صنعة الأضاليل . في وقت عقابها تبيد ! .

وقال : هكذا قال رب الجنود هو ذا الشر يخرج من أمة إلى أمة وينهض نوء عظيم !! من أطراف الأرض . ويكون قتلى الرب في ذلك اليوم من أقصاء الأرض إلى أقصاء الأرض .


﴿ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً ﴾ فهذا هو الذكر ، نبي أخبر ، وآخر وآخر ، إلى أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم فختم البلاغ بما قرر المولى عز وجل في سورة المرسلات وتلك الآية في تصريف الرياح ، وما سياتي ذكره بعد إن شاء الله تعالى هنا .

ومن الأنبياء الذي ذكروا من أخبار هذا التصريف للرياح والذي فيه عقوبة الأشرار واعتراض مصنوعاتهم وتدمير ممتلكاتهم ومقدراتهم ، إشعيا عليه الصلاة والسلام فقال :


ويسمع الرب جلال صوته ويري نزول ذراعه بهيجان غضب ولهيب نار آكلة ، نوء وسيل وحجارة برد .

ولقد رأينا كل ذلك إلا أن العالم لم يسمع صوته بعد ، وهو النداء باسم المهدي خليفته ورسوله .

لكنا رأينا قذفهم بحجارة البرد .

والأمر على أوله والتأويل في مبتداه ، وهذه السيول الجارفة عمت أخبارها من سنين ، والأنواء الكل رأى هولها ومسهم ضرها ، فهل دلونا على موضع من الأرض لم يشكو ذلك ؟
(
للتذكير فقط : فيضانات الفلبين المدمرة ، ونبوءات أنبياء بني إسرائيل )

قال إشعيا عليه الصلاة والسلام :
ليدخُلَ ــ يريد الإنسان ــ في نُقرِ الصخور وفي شُقُوق المعاقل من أمام هيبة الرب ومن بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الأرض .


نعم هذه الغاية إرعابهم وإرهابهم وتعذيبهم ، هي نقمة الله تعالى الحاصلة اليوم ، فليعتبر من لم يعلم ويؤمن قبل فوات الأوان ، فإن بالإيمان يخلص الإنسان من وفقه الله تعالى ، ومن لم يوفق فسيهلك بسبيل من هلك ، وجهل وكفر .

﴿
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
﴾ .

وأي آية أبلغ من أمر السحاب اليوم وتصريف الرياح به في الكون كله ، إن المهدي عليه الصلاة والسلام وأتباعه رضي الله عنهم وأرضاهم هم من آمن بذلك دون كل الخلق وأيقنوا معجزات الله تعالى بهذا التصريف ، وفقهوا مراد الله تعالى في ذلك ، وهم من أولى ذلك العناية التامة بالبحث والبيان والتحقيق وربط الذكر بالمذكور والخبر بأثره دون سائر الناس ، فهنيئاً لهم هذا الإيمان بالغيب ، واليقين بالذكر .



 

كتبه : الحسين بن موسى اللحيدي
موقع المهدي
9/4/2007

 

***

 

الفصل الأول

تفسير آيات من سورة الذاريات ..

 


المرسلات تلك العواصف التي فصل خبرها ربنا تعالى بالذكر وهي شاملة للعالم كله من غير إستثناء ، كل له نصيبه منها بحسب ما أخبر عز وجل بكتابه المبين قال تعالى في خبر هذه العواصف كما في سورة " الذاريات " ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً . فَالْحَامِلاتِ وِقْراً . فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً . فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً . إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ . وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ .

ثم قال عز وجل : ﴿
فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ . وهذا ولا شك قسم من الله تعالى على هذا الأمر عظيم عظيم جدا ، وقد اتفق السلف والخلف والأمة كلها على أن المراد بالذاريات هنا الرياح ، والوقر السحاب ، وقد اشتهر هنا في ذكرها في الأمة مسألة صبيغ التميمي لعمر رضي الله عنه ، تلك التي ضربه عليها ونفاه من المدينة وأمر بأن لا يجالس ولا يكلم ، حين سأل عن معنى ذلك .

جاء في ذلك أثر لا أعتقد صحته إلا ما كان من أصل القصة ما بين عمر وصبيغ ، أما تفصيل التفسير ففيه نظر عندي بحكم رفعه ، فقد ورد به خطأ لا شك فيه وهو المشهور عنهم ينسبونه كذلك بالتفسير لإبن عباس وغير ابن عباس ، حين قرروا في تفسير معنى "
الجاريات " و " المقسمات " بغير الحق في الجاريات ، أما في المقسمات فمحتمل بل هو المتعين لكن السياق يقوي من أن الضمير عائد للسحاب نفسه ولو كان السحاب يقاد بجند الله تعالى من الملائكة فهي التي تسوقه كما هو معلوم حيث يشاء الله تعالى ، بل ورد عند أهل الكتاب كما في زبور داود عليه الصلاة والسلام ما يفيد أن الرياح هي بحد ذاتها ملائكة خلقهم الله تعالى رياحا فقال هناك :

 

﴿ الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا، وَخُدَّامَهُ نَارًا مُلْتَهِبَةً



فالتقسيم هنا باعتبار ما يظهر لعلم البشر لا باعتبار ما خفى عن علمهم ، فمراد الله تعالى تيقن ذلك حين تحقق التأويل والملائكة بكل حال في هذا لن يراهم البشر ، وهذه فيصلية في تفسير المعنى هنا يجب التنبه لها .

وقد تضمن المعنى في قوله عز وجل ﴿
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً . فَالْحَامِلاتِ وِقْراً ﴾ ، دلالة لطيفة كما على حمل الرياح للسحاب ، كذلك حملها للتراب وذره لا أقول بالعالم بل العالمين وعلى المعنى والتفسير الصحيح لمراد الله عز وجل بقوله ( العالمين ) في كذا موضع من كتابه العزيز ، وهي إشارة للعاصفة الصفراء والتي أنزل بذكرها سبحانه تفصيلا عظيما عجيبا وبين أنها ستكون من أشراط الساعة وعلامة من علامات تحقق بعث المهدي ، وهي كذلك مما فتح لها ملفات في منبرنا المبارك .

أما عن اتفاقهم على أن معنى "
الجاريات " هنا أنها السفن فهذا باطله متيقن عندنا ورفع هذا التفسير للنبي صلى الله عليه وسلم لا يصح أبدا وهو من الكذب عليه صلوات ربي وسلامه عليه ، فإن من السفن ما يحمل المنكر والباطل فكيف يمكن إنزال قسم الله تعالى العظيم هذا على مثل هذا أبدا لايكون هذا إلا باطل ، وإنما قسمه هنا عائد للسحاب الجاري بأمره تعالى في السماء نفسها لا للسفن ، وهذه هي الأخرى فيصلية في تفسير المعنى هنا والتعريف به ويجب التنبه له كذلك .

 

وبهذا نفهم من هذه الآيات عظم تحقق تأويل هذا الأمر آخر الزمان حتى أن المولى عز وجل أقسم بذلك ، وأن الذاريات هنا المراد بها المرسلات في القرآن العظيم والتي تقرر ذكرها في هذا الموقع المبارك بملفات خاصة بها تراجع لمن يهتم بذلك ويؤمن به ويتيقنه ، وإلا ما وراء ذلك إلا تكذيب الله تعالى ورسله ، والذي جزائه الكفر ونار الجحيم .

وبهذا يجب أن يعلم المرء ويتيقن بأن أمر هذه المرسلات الذاريات قد فصل خبره بالذكر وعند الأنبياء وقد سبق نقل شيء من ذلك في بعض الملفات وبكتب الإمام عليه الصلاة والسلام ، ومن أروعها لفظا ومعنا ما أنزل الله تعالى على داود نبيه في الزبور عليه الصلاة والسلام وهذا نصه بإيجاز :


" يا إلهي بددهم كالقش المتطاير وكالتبن في مهب الريح ، كما تحرق النار الغابة ، وكما يشعل لهيبها الجبال ، هكذا طاردهم بعاصفتك وأفزعهم بزوبعتك ، أملأ وجوههم خزيا " . " زبور داود عليه السلام "

وقال نبي آخر وهو "
ناحوم " عليه الصلاة والسلام :

"
الرب في الزوبعة وفي العاصف طريقه والسحاب غبار رجليه .. من يقف أمام سخطه ومن يقوم في حمو غضبه " .

وغير هذا كثير يراجع في أماكنه .

أما في قوله تعالى بتلك السورة :

﴿
وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ

فهو يقين خاص ، إضافته للمهدي عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه بأمر الله عز وجل هذا المقسم عليه من الله تعالى نفسه ، لجلالته وعظمته عند الرب سبحانه .

آيات صدق بعثه يريد عز وجل ، تلك التي جعلها لإرساله علامات وبينات ، مثل الزلازل وتواترها ، وضربه للأرض بالحر والقحط عقوبة وتمهيد لأمره الجلل العظيم وغير ذلك الكثير مما فصل في هذه المنتديات المباركة ، وكل ذلك أثره بات اليوم مما هو مشاهد معلوم قد تقرر في بيانه وتعريف الخلق بوجهه في هذا المنبر المبارك في أكثر من ملف وأكثر من مقال ، غير ما سبق ذكره من ذلك في كتب الإمام .

 

وقد تم بالبيان عن ذلك لكلٍ أدلته من الكتاب والسنة وما سبق من ذكر الله تعالى في ذلك مما أنزل على أنبياءه ورسله من قبل .

ومن آياته لتصديق ذلك بعثه الرسل للبشارة بأمر المهدي عليه الصلاة والسلام في الجزيرة العربية ، ورد خبرهم في أكثر من آية بكتاب الله تعالى ، وتم ذلك من خلال مثال المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمنام فأمرهم الله عز وجل بما أمرهم ، وذلك يعد أيضا من آيات الله تعالى إذ وقع وتحقق أمرهم كما أخبر عز وجل على وجه التمام ، وكيف لا والمخبر عن ذلك الله عز وجل ؟

مثل قوله سبحانه في ذكرهم :

﴿
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً . وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً ﴾ .

﴿
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾ .

﴿
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ . وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ . فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ . وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ .

﴿
فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ﴾ .

وقد كان بلاغ أولئك حقا مبين كما فعل كل رسل الله تعالى من قبل .

وقال تعالى في ذكرهم أيضا :

﴿
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ .

صديقون وشهداء على الناس ، بما آمنوا من الحق وصدقوا الكتاب .

﴿
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ

﴿
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ

﴿
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

ولمراجعة التحقيق في أمر هؤلاء الرسل قف على هذا التفصيل :
من ملف (
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) التعقيب رقم (11)


ومن آياته كذلك أثر تلك الرياح سواء بالعواصف الصفراء الترابية ، أو ما تنشر من أمطار شديدة وهيجان أنواء هائلة دمرت الكثير في العالم ولا زالت تفعل ذلك ، فهاجت البحار لذلك وماجت ، وارتفعت منسوبات الأنهار وفاضت فدمرت من الخلق والمحاصيل والبنيان ما لا يحصيه إلا القوي المنان ، وكل ذلك من آيات الله تعالى على وجه الأرض لأولئك الموقنين ، المهدي وأتباعه .

ولما أردف بعد ذلك قوله عز وجل : ﴿
وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ . أي من آيات سأجريها شهادة لبعثه وتحقيقا لنصرته ، بتأييده على من كذبه وجحد أمره .

وبالفعل كان في ذلك آيات للموقنين محلها بعض الأنفس ، لكنهم لم يعتبرو ولم يؤمنوا بذلك ولم يفقهوه أبدا ، ثم أعرضوا مثل ما أعرضوا عن الكثير من آيات الله تعالى ، في آفاق السماء وأقطار الأرض وكانت كلها شهادة لبعثه خليفته ورسوله ، لكنهم ورغم كثرة تلك الشواهد والآيات في الأنفس والأرض والسماء وإعجاز بعضها مع قوة دلالتها على أن فاعل ذلك لا يمكن يكون إلا هو الله عز وجل ، وأنه فعل ذلك وبتواتر وكثافة شملت العالم كله بعد أن لم يكن يفعل ذلك ، فنراهم رغم هذا لم ينتفعو من ذلك ولم يفطنو لدلالة تلك الآيات الإخبارية المعرفة على ما ذكر وفصل وأخبر أنه سيفعله في عالم المشاهدة والواقع يوما ما ، فحق عليهم قوله عز وجل في ذات السورة :

﴿
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ

أي يصرف عنه من يصرف ، وها نحن اليوم نرى تحقق ذلك الصرف والوعيد آمن به من آمن وكفر به وأعرض عنه وسهى عنه من حق عليه العذاب ، وكل من أبى إلا الكفر في أمر المهدي عليه الصلاة والسلام اليوم هو ممن صرف عن الإيمان بآيات الله تعالى واليقين بها الدالة على أمره بحسب ما نص على ذلك ربنا بكتابه القرآن وعلى لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم أو من سبقه من أنبياء الله تعالى ، ولن ينفعهم بعد ذلك شيء أبدا كما أخبر سبحان وتعالى ، ذلك بقوله :

﴿
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ . إِنَّ الَّذِينَ فَارَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ

وهم هؤلاء الذين فارقوا دينهم فألبسهم الله عز وجل الحزبية والشيع المتفرقة والجماعات المختلفة ، كل منهم فرح بما عنده وكل يقول للناس تعالوا لي أهديكم سبيل الرشاد والهدى عندي أنا ، لكن الحق أن الكل في ضلال وكفر ونفاق أوجهل مبين وعما عن حق الله تعالى المنزل والمقضي به على قرنهم هذا ، وحين بعث المهدي عليه الصلاة والسلام وأوقع الله تعالى آياته التي عاب من لن يؤمن بها وكان أمرهم فرطا ، وزكى من آمن بها وأيقن فكانوا على الهدى والحق والسبيل المبين ، كان قدر تحقق تلك الآيات على وجه المتابعة والإسترسال والتواتر ، وكل ما مرت سنة كانت التي تتلوها فيها آياته عز وجل أكثر مما حصل وأشد تأثيرا على الناس لعلهم يستكينوا ويتضرعون وإلى خالقهم يرجعون ، لكن هيهات فقد حقت عليهم كلمات الله تعالى أنهم لا يهتدون ويبصرون ويعتبرون لجحدهم وشديد كفرهم .

ومن تلك الآيات الرياح المرسلات التي وعد بها الكفار بأن يجعل فيها عذاب شديد ولازم مقيم .


ومن تلك الآيات العواصف الصفراء وقد سبق الإشارة لها ، وهي من آيات الحق الدالة على هذا الأمر الجلل العظيم ، و كذلك أعرضوا عنها ولم يؤمنو بها ويدركوا حقيقتها ودلالتها ، وأنها من علامات بعث المهدي ومقترنة بذكره وتحقق تاويل بعثه .

ومن آيات الله تعالى كذلك ذوبان الجليد وهو من العلامات الأبرز تحققا اليوم نتيجة تحقق علامة أخرى مرهون بها ذوبان جليد العالم ليعلم البشر أنهم مجرد بشر وان الله تعالى يعلم الغيب وما سيكون وكيف سيكون .

ومن هنا يراجع أمر ذوبان الجليد ليتبين القارئ الناصح لنفسه كيف كان تحقق ذلك ولم ، ومن قال به قبل قرون ، يراجع الكلام حول ذلك في كتب الإمام ومقالات مختصة في تفصيله بموقعه المبارك .

ومن قبل تلك الآيات تحققا آيات الدخان المبين والنار التي رآها العالم كله وهي علامات أكيده لبعثه ، فأما الدخان فقد سبق في أكثر من موضع بيان وجه دلالته على بعث المهدي عليه الصلاة والسلام وأنه من أظهر آيات بعثه من الله تبارك وتعالى ، بين ذلك في بعض كتبه و بعض مقالاته ، وبعض مقالات أتباعه ، ومن أبرز ما كتب أحد تلاميذه في هذا الخصوص يراجع تحت هذا العنوان : وقفات للتبيان مع آيات سورة الدخان .

وقد أفرد المهدي عليه الصلاة والسلام في هذه العلامة وعلامة النار كتاب اسمه " عمد النار والدخان من أظهر أمارات بعث المهدي " . وفي هذه النار قوله عز وجل في سورة "
الذاريات " : ﴿ يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ . يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ . ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ

﴿
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ . أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ . ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ . وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ .


عذاب الخلد ، وهو اللازم والمقيم .

وكل ما نص عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم في أخبار الفتن وأنها مما يكون أمرها قبل المشرق ، وأنه يكون معها الهرج والكذب إلى غير ذلك من ذكر الفتن وعلاماتها ، فالمراد في كل ذلك هو فتنة هذه النار التي نص على خبرها المولى عز وجل في هذه السورة وإياها كان يعني المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر عن الفتن ، وهي فتنتهم التي كانوا يستعجلون ولها يمكرون ويفبركون ! ، أيقن ذلك من أيقنه وصرف عنه من صرف وقتل الخراصون اللاهون .

وقد أجمعت الأمة على أن النار هنا المعني بها نار جهنم التي يُخَلد فيها الكفار وفي ذلك خطأ من الإعتقاد مبين ، وهو من القول على الله تعالى وغيبه ووعده وسبيله بالتخرص ، وقد خرق لهم إجماع هنا والخارق لهم ذلك بفضل الله تعالى وهدايته وتوفيقه المهدي عليه الصلاة والسلام ﴿
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴾ .

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى :
بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" قاتل اللهُ تعالى أقواماً أقسمَ لهم ربُّهم عزَّ وجلَّ ، ثم لم يُصدَّقوه " .

 

وبما أنه قد ثبت أن وقت هذا الوعيد آخر الزمان وهو جيلنا هذا ، فقاتلهم الله تعالى وهم يرون ذلك عيانا اليوم محقق ثم يصرون بعد تحقق التأويل على تكذيبه تبارك وتعالى .

فليلعنهم ربي وليقاتلهم لتكذيبه ، فهم بأشد الكفر بكلامه ، وأكذب إيمان ادعاه بشر .


 

 

***

الفصل الثاني

سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيامٍ حسوما

 



لا زال ربنا تعالى يرسل أعاصيره تضرب الأرياف وأطراف المدن ، وحتى الأعاصير القوية العنيفة التي كان يرسلها ويعلمون مسارها ويتوقعون قوتها كانت تضربهم ولا يقع منهم الكثير من القتلى كما حصل بالأيام الأخيرة ، فقد كثر بهم هلاك الناس بالنسبة لما كان سابقا ، لفجائيتها تلك المرسلات هذا أولا ولقوتها الشديدة ثانيا ، فقد كانت في السابق تأتيهم من بعيد أكثرها من عرض البحار ، وحتى تصلهم كانوا أخذوا إستعدادهم وتجنب أكثرهم مرورها بالفرار أو التترس داخل السراديب ، أما في الآونة الأخيرة فلا ، فجائية سريعة وقوة ساحقة حتى بلغت قوة اعصار جوبلين الأخير الفئة الخامسة .
 

ومع هذا أقول : لم يرو شيئا بعد من قوة الجبار وجنوده التي لا زالوا يرون تنامي القوة في ضرباتها رويدا رويدا ، حتى يصيبهم ما أصاب إخوانهم من قبل ، كقوم عاد لما قال تعالى في عذابهم :
 

﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ، سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ، فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ


وهذا من حيث القوة التي لم تشاهد في عصرنا ولا قبله القريب ، إنما هو خبر يتلى في كتاب الله تعالى القرآن ، وكلنا يقين أن مثل هذا وغيره معد لهم ، لهذا نبشرهم هنا أنهم لم يرو شيئا بعد ولو أنهم تعاظموا آثار إعصار " جوبلين " .

أو مثلا يرسل عليهم اعصارا فيه نارٌ ، فهذا أيضا مما تلي به الخبر في القرآن في قوله عز وجل :

 

﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ


فقوم عاد شابهوا هؤلاء من حيث إدعاء القوة وأن لا قاهر لهم ، وبالفعل هم اليوم يعتزون بقوتهم كثيرا ويرون أن لا غالب لهم ، لكن الله تعالى أقوى من الجميع ، وحري لتطابق الدعوى والحال أن يعذبهم بمثل ما عاقب به أسلافهم ، لهذا بدأنا نرى إرساله تعالى الرياح الشديدة عليهم وسيصيبهم بإذنه تعالى كما أصاب أسلافهم من التسخير والعذاب المهين حتى يتركهم كأعجاز نخل خاوية وقد بدأ يفعل ، أو أن لا نرى منهم أحدا وقد بدأت البشرية تختفي هناك من جراء مثل ذلك الإعصار الأخير العنيف جوبلين ، فلا زال ألف وخمسمائة شخص مفقودا جراء تلك العواصف .
 

الأعاصير تجتاح الغرب الاوسط الامريكي ومقتل العشرات واصابة المئات
جوبلين ، ميزوري ، رويترز 25/5/2011

﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ، مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ

﴿
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ


وهل أمريكا خلق مثلها اليوم ومن قبل ؟!

أو أعوانها على تنوعهم واختلاف أشكالهم ؟!

 

﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ، إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ، فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ

فانظروا لإقرارهم بإيمانهم بالله تعالى وإنزاله للملائكة ، ومع هذا لتكذيبهم الرسل هلكوا ودمرها عليهم تعالى ، وقارنوا هذا بدعاوي إيمان كلاب الكفار اليوم وعتاة الجبابرة ، ومع هذا لكفرهم بالله تعالى ورسله لن ينفعهم مثل ما لم ينفع قوم عاد تلك الدعوى بالإيمان ، فأهلكهم بالريح العقيم ، فسبحانه العدل رافض الكفر والكافرين مهما ادعوا وافتروا بالإيمان .

﴿
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ، وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون

ولا إجرام أعظم من إجرام هؤلاء أصحاب العصر ولهم الوعيد وبهم المقابلة ﴿
كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ .

﴿
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ، كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ، إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ، تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ، فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ


راجع في معنى التسخير على عاد هذا المقال :

يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنحَاسٍ فَلا تَنتَصِرَانِ

وانظر من هنا لمعنى الخاوية والمنقعر :


 

 

 

 

 

 

 

***

 

الفصل الثالث

 

﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾

 

 

تواردت على الجزيرة العربية في السنين الأخيرة على غربها وجنوبها وشمالها وحتى وسطها غيوما ثقالا ، سالت من امطارها وديانا وشعابا كثيرة انهارا جارية ، وبعضها كان مميتا كما حصل في جدة مما اشتهرت انباءه ، وكل ذلك يعد ايذانا بقرب تحقق وعد الله تعالى بأن تعود جزيرة العرب مروجا وانهارا على ما وعد بذلك بتارك وتعالى على السنة جمهرة من انبياء بني اسرائيل ولما بعث مصطفاه محمد صلوات ربي وسلامه عليهم جميعا ، أكد ما قال اخوانه من قبله في هذا الخصوص .
 

وسترون مشاهدا من ذلك عجيبة باهرة لو راجعتم ملفات عديدة بموقعنا المبارك منها تحت العنوان التالي : ( حتى إِذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأَنزلنا به الماء )

وهذه مجموعتها :
هل بدأت الجزيرة العربية تعود مروجا وأنهارا ؟!!
توقعات بأمطار «فيضانية» على عسير وجازان
توقعات خبير الأرصاد بأحوال الطقس بجنوب آسيا "جيم اندروز "


ولعل من سيشاهد تلك المناظر لن يصدق أن هذا حصل في الجزيرة العربية ، أم الجفاف والقحط .

لقد نقلت الناس من هناك أخبار الخير وصورت السيول ما يجزم على وفقه المرء المؤمن ، أن الله تعالى اقترب أمره حقا وهذه مبشرات الخير التي وعد أن يسوقها للبلد الميت قد بدأت تسابق " صيحة الحق " ليجمع الله تعالى عباده لمدينة سكناه وجبله المقدس ، فاستبشروا عباد الله خيرا وتيقنوا قرب وعد الله تعالى الذي أخبر على لسان نبيه ومصطفاه صلوات ربي وسلامه عليه وعلى حفيده أن : لا تقوم الساعة حتى تعود جزيرة العرب مروجا وأنهارا . وها نحن نرى بشائر الخير بدأت .

إنها أمطار خير في وقت ذهل الكثير من توقيته وروعة اجوائها .

 

﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ .
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ


إنها البداية حقا :
 

﴿ ابْتَهِجُوا بِالرَّبِّ إِلَهِكُمْ لأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِفَضْلِ صَلاَحِهِ بِأَمْطَارِ الْخَرِيفِ ، وَسَكَبَ عَلَيْكُمُ الْغَيْثَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ بِغَزَارَةٍ ، كَالسَّابِقِ ﴾ " يوئيل عليه الصلاة والسلام "
 

وتلك النبوءة العظيمة أول من اعلنها توراتية تفصيلا في بني إسرائيل موسى عليه الصلاة والسلام فقال : ﴿ اعطي مطركم في حينه ، وتعطي الأرض غلتها ، وتعطي أشجار الحقل أثمارها ، اعطي مطر أرضكم في حينه : المبكر والمتأخر ، فتجمع حنطتك وخمرك وزيتك .

يفتح لك الرب كنزه الصالح السماء ، ليعطي مطر أرضك في حينه ، وليبارك كل عمل يدك ، فتقرض امما كثيرة وأنت لا تقترض
(التثنية واللاويين)



﴿ ارْعَ يَارَبُّ شَعْبَكَ بِعَصَاكَ ، فَهُمْ قَطِيعُ مِيرَاثِكَ الرَّابِضُونَ وَحْدَهُمْ فِي الْغَابَةِ فِي وَسَطِ الْكَرْمَلِ . قُدْهُمْ ولِيَتَمَتَّعُوا بِخِصْبِ أَرْضِهِمَ كَالْعَهْدِ بِهِمْ فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ ﴾ " ميخا عليه الصلاة والسلام "


وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا " . واستنتج بعضهم من قوله ( حتى تعود ) أنها كانت كذلك وستعود لما كانت ، وهو ما يؤيده كلام النبيين المنقول قبل عليهما الصلاة والسلام ، قول يوئيل ( كالسابق ) ، وقول ميخا ( في أيام القدم ) .

بل قال نبي الله تعالى ( حزقيال ) عليه الصلاة والسلام ، أن ذلك سيكون أكثر مما كان : ﴿
وَأُحْسِنُ إِلَيْكِ أَكْثَرَ مِمَّا أَحْسَنْتُ فِي الأَيَّامِ الْغَابِرَةِ ، فَتُدْرِكُونَ جَمِيعاً أَنِّي أَنَا الرَّبُّ ﴾.

يريد بذلك خصوص المدينة لكن البركة ستعم الجزيرة العربية كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (
تعود جزيرة العرب .. ) .

وقال أيضا في ذلك : ﴿
وَتُفْلَحُ الأَرْضُ الْجَرْدَاءُ عِوَضَ أَنْ تَبْقَى أَرْضاً خَرِبَةً فِي عَيْنَيْ كُلِّ عَابِرٍ . فَيَقُولُونَ : قَدْ صَارَتْ هَذِهِ الأَرْضُ الْجَرْدَاءُ كَجَنَّةِ عَدْنٍ ﴾ .

وقال النبي (
اشعيا ) عليه الصلاة والسلام :  ﴿ الرَّبُّ َيُعَزِّي خَرَائِبَهَا ، وَيُحَوِّلُ قَفْرَهَا إِلَى عَدْنٍ وَصَحْرَاءَهَا إِلَى جَنَّةٍ رَائِعَةٍ ، فَتَفِيضُ بِالْفَرَحِ وَالْغِبْطَةِ وَالشُّكْرِ وَهُتَافِ تَرْنِيمٍ ، وَعَدْلِي يُصْبِحُ نُوراً لِلشُّعُوبِ . بِرِّي بَاتَ قَرِيباً ، وَتَجَلَّى خَلاَصِي ، وَذِرَاعَايَ تَقْضِيَانِ لِلشُّعُوبِ ، وَإِيَّايَ تَرْتَقِبُ الْجَزَائِرُ ، وَتَنْتَظِرُ بِرَجَاءٍ ذِرَاعِي .


اسْتَمِعُوا إِلَيَّ يَاعَارِفِي الْبِرِّ ، أَيُّهَا الشَّعْبُ الَّذِي شَرِيعَتِي فِي قُلُوبِكُمْ . لاَ تَخْشَوْا تَعْيِيرَ النَّاسِ وَلاَ تَرْتَعِبُوا مِنْ شَتَائِمِهِمْ ، لأَنَّ الْعُثَّ يَأْكُلُهُمْ كَثَوْبٍ ، وَيَقْرِضُهُمُ السُّوسُ كَالصُّوفِ ، أَمَّا بِرِّي فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ ، وَخَلاَصِي يَثْبُتُ مَدَى الدَّهْرِ . اسْتَيْقِظِي ، اسْتَيْقِظِي ، تَسَرْبَلِي بِالْقُوَّةِ يَاذِرَاعَ الرَّبِّ ، اسْتَيْقِظِي كَالْعَهْدِ بِكِ فِي الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ ، وَفِي الأَجْيَالِ الْغَابِرَةِ ﴾ .

وقال : ﴿
فَتَتَرَنَّمُ الْجِبَالُ وَالتِّلاَلُ أَمَامَكُمْ بَهْجَةً وَتُصَفِّقُ أَشْجَارُ الْحَقْلِ بِأَيْدِيهَا غِبْطَةً ، وَحَيْثُ كَانَ الشَّوْكُ وَالْقُرَّاصُ ، تَنْمُو أَشْجَارُ السَّرْوِ وَالآسِ : فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْلِيداً لاسْمِ الرَّبِّ وَعَلاَمَةً أَبَدِيَّةً لاَ تُمْحَى ﴾ .

وهنا حسن ذكر أحد التقارير الغربية المؤيد لإعتقاد قرب تحقق تلك النبوءات بعودة جزيرة العرب مروجا وأنهارا كما كانت من قبل .


التقرير صدر من خبراء أمريكيون في جامعة أوهايو يوضح أن جنوب شبه الجزيره العربية يقع الان تحت تأثير الرياح الموسمية الآتية من المحيط الهندي ، وأن هذه الرياح الموسمية كانت قبل 5 أو 10 الاف سنة تأتي بأمطار غزيره إلى جنوب شبه الجزيره العربية .

 

خبراء جامعة أوهايو : الأمطار قادمه إلى اليمن وستودع زمن الجفاف 

كشف خبراء أمريكيون بجامعة "أوهايو" عن تغيرات مناخية طرأت على اليمن ودول الجزيرة في أعقاب زلزال " تسونامي" إثر تسبب الأخير في جعل المنطقة تحت تأثير الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهندي ، والمحملة بالأمطار الغزيرة على غرار ما كانت عليه اليمن قبل حوالي 5000 عام، وبما يرجح خلاص اليمن من حقب الجفاف التي مرت بها.

وقال الخبراء -
بعد دراسة ميدانية في اليمن حول تأثير التغيير المناخي على ثقافة وحياة سكان جنوب شبه الجزيرة العربية: إن هذه الرياح الموسمية كانت قبل (5- 10) آلاف عام تأتي بأمطار غزيرة إلى اليمن، وساعدت الناس على التمتع بحياة هانئة ومستقرة ؛ لكنها منذ حوالي 5000 عام غيرت اتجاهها نحو الجنوب ، مسببة جفافاً شديداً قاد إلى تصحر أجزاء كبيرة من المنطقة ، وتراجع في أساليب وأنماط الحياة البشرية لليمنيين ، تحولوا بفعله إلى الرعي بدلاً من الحياة الزراعية المستقرة .

وأضاف "أوتشز ريك oches rick – رئيس قسم علوم البيئة بجامعة أوهايو" في تقرير موجز حصلت عليه " نبأ نيوز " : إن جميع الدلائل تشير إلى أن اليمنيين قبل 5000 عام عاشوا حياة مزدهرة ، وتعلموا مختلف فنون الزراعة وهندسة الرّي ، حيث اكتشفنا الكثير من القنوات التي كانت تتولى نقل المياه من السفوح إلى الوديان والأراضي المنبسطة .. لكن التغيير الذي طرأ على اتجاه الرياح قلب حياة السكان ، لدرجة أنْ تعاظم الجفاف في الوقت الحاضر ولم تعد تربية المواشي سهلة نتيجة اختفاء المراعي الكفيلة بتغذيتها.

ويشير " أوكيس" - في تقرير نشره حديثاً - إلى أن تحرك مساحة شاسعة من الطبقات الجيولوجية للأرض عكس تأثيره ليس فقط في زلزال تسونامي ، وآلاف الهزات المتباينة القوة بحيث لا يمكن الإحساس ببعضها ، بل أيضاً على اتجاهات حركة الرياح ، ومعدلات الحرارة ، والبرودة والرطوبة ، وغير ذلك ، منوهاً إلى
أن الدراسات الأولية تشير إلى إمكانية تخلص اليمن وبعض بلدان الجزيرة العربية من حالة الجفاف في ظل عودة الرياح الموسمية الهندية ذات الأمطار الغزيرة للهبوب على أراضيها.

جدير بالذكر أن فريق الخبراء الأمريكيين بدأوا بحوثهم في اليمن منذ منتصف يوليو 2005 ، من أجل دراسة تأثيرات التغيرات المناخية ليس فقط على اليمن وإنما دول شبه الجزيرة العربية كاملة ، والتي زاروها تباعاً - وكان الفريق مؤلفاً من عدد كبير من الجيولوجيين ، وخبراء الآثار ، وخبراء البيئة ، وقد استخدموا في بحوثهم تقنيات إلكترونية متقدمة جداً ، بعضها ( راديو - كربونية ) تحدد أعمار الترسبات ، وبقايا النباتات والحيوانات ، وكل ما هو موجود. "
نبأ نيوز 05-01-2007م "



والتقرير التالي كما الأول على سبيله في تأييد قرب تحول جزيرة العرب مروجا وأنهارا بعود نسبة ارتفاع مياه الأمطار بعود تيارات الرياح الموسمية لها .توقعات بأمطار كبيرة على الجزيرة العربية

مع استثناءات محلية ، ليس من الممكن القول أن للجزيرة العربية " موسم أمطار " . صحيح أن هناك نزعة في بعض الشهور عن غيرها ( الشتاء واوائل الربيع في الشمال والصيف في الجنوب ) لكن الأمطار نادراً ما تكون أكثر من زائر عابر فوق شبه الجزيرة .

 جنوب الجزيرة العربية خارج للتو من فيضانات كبيرة ، موجة من الامطار مرتبطة مباشرة بالنظام الاستوائي –03A – الذي بلغ اليابسة في وقت سابق من الشهر فوق شرق اليمن . أمطار متفرقة أثرت من الجنوب إلى الشمال طوال الطريق حتى العراق .

الآن ،
المنطقة تراقب الاحتمال القوي لنشوب ضخم لأمطار أخرى . هذه المرة ليس هناك أي اثار لإعصار استوائي في الجوار . لكن الرطوبة الاستوائية ستكون بالتحديد من يفعل ذلك .


حتى كتابة هذا هناك منخفض جوي يرسو فوق منطقة شمال العراق وجنوب شرق تركيا وغرب ايران . هذا الاسبوع يعتقد أن هذا المنخفض سيؤدي إلى امطار متفرقة وعواصف رعدية بين شرق البحر المتوسط وغرب ايران . لذا يتوقع أن يثير هذا المنخفض الثورانات الممطرة المشار اليها .
 من خلال الرسوم المأخوذة من موقع COLA على الويب ...

اذاً فلدينا سيناريوهات لتوقعات تيارات فيض تنقض من غرب اوروبا مروراً بتركيا ومصر لتدخل " الجزء الداخلي " للمنخفض العلوي . من هنا الرياح العليا يتوقع أن تتسارع بالاتجاه الشمالي الشرقي إلى وسط غرب الخليج وايران وإلى اليمين فوق المنطقة المشار اليها . مرة أخرى ، هذه فقط لقطة لسيناريوهات متوقعة يتوقع أن تمتد فيما بين الأحد والاربعاء .

الآن ، الخطوط الانسيابية لـ 850 ملي بار الدالة على تدفق الرياح في الجزء السفلي من الغلاف الجوي تساعد في توجيه الرطوبه إلى هدفها .


شاهدوا - حسب صور البيانات المرفقة - الخطوط الانسيابية المتقاربة فوق الجزيرة العربية إلى غرب ايران في منطقة مميزة أيضاً برطوبة عالية نسبياً ( حيث السحب والأمطار من المرجح جداً أن توجد خلال هذه الفترة ) . لاحظوا ، ايضاً ، أن منطقة الرياح المجمعة والرطوبة العالية تقع إلى الشرق من محور المنخفض العلوي وبالقرب ( إلى الشمال قليلاً ) من محور تيارات الفيض . هذا يعد في جوهره ، درس في أساسيات علم الأرصاد ...
 يبدو ، بالاعتماد على هذه الرسوم ، أن هذه الأمطار التي نتحدث عنها ستنبثق من رطوبة استوائية من خلال الهضبة الاثيوبية وجنوب البحر الأحمر . من هنا ، المجاز الأولي للأمطار يتوقع أن يصل الشمال الشرقي عبر العربية السعودية . بالقرب من مكه والطائف إلى جنوب شرق العراق والكويت وشمال غرب الخليج وإلى إيران . أعلى معدل أمطار متوقع في " النقاط الساخنة " هو 150 – 200 مليمتر ( 6 – 8 بوصات ) وهو ما يمثل أمطار سنة كاملة على الأقل ( في الجزيرة العربية ، على أية حال ) . بالاعتماد على توقيت / شدة الأمطار مثل هذه الكميات ربما تؤدي إلى فيضانات مفاجئة خطيرة .

خبير الارصاد في موقع accuweather.com الشهير : جيم اندروز
30/10/2008

رابط الخبر : http://www.accuweather.com/mt-news-b...r&blog=andrews




وفي ختام هذا الفصل انقل نص سؤال وجهه أحد ساكني الجزيرة العربية للخبير جيم أندروز بعد ما شاهد الامطار تتكرر في انحاء جزيرة العرب وقد ابدى الخبير في إجابته اعتقاده ان شبه الجزيرة العربية ستعود خضراء مرة أخرى وأنها بدأت بالفعل تشهد تكرر حدوث الامطار وحاول الاجابة عن المكان الذي ستأتي منه الامطار .

 
من ناحية الطقس الجزيرة العربية ستعود خضراء مرة أخرى


تلقيت رسالة أخرى عن طريق البريد الالكتروني تتطلب جواباً . طارق يكتب من وسط شرق الخليج .

بينما أنا أقرأ بعض من مقالاتك تعجبت من موضوع ذو علاقة إلى حد ما ببعض المواضيع التي كتبت بشأنها ، أكثر تحديداً له علاقة بالمكان الذي أعيش فيه ( منطقة الخليج ) والطبيعة القاحلة لهذه المنطقة والتي قلت أنها تبدو جيدة جداً .

 النبي محمد ( عليه الصلاة والسلام ) قال سيأتي يوم ما ستعود فيه الجزيرة العربية خضراء بها نباتات وانهار كما كان ذلك في السابق .

نحن نعرف اليوم ، بمساعدة العلوم الحديثة ، ان شبه الجزيرة العربية كانت بالفعل خضراء وبها انهار تجري فيها طوال الوقت في الماضي . قبل زمن النبي محمد بكثير .

ونعرف ان الكثير من الحقائق العلمية المثبتة من حقول العلم المختلفة ، بما في ذلك علم الأرصاد ، ذكرت في القرآن ( كلام الله الذي انزله على النبي محمد ) أو في الأحاديث النبوية التي ثبتت صحتها بمساعدة العلم .

لم يكن هناك أي وسيلة لأي شخص ، في زمن النبي محمد ، بالعلوم المتوفرة آنذاك في أي مكان في العالم ( العرب ، بما في ذلك النبي ، كانوا أمة أمية حتى بالنسبة لمعايير ذلك الوقت ) ليعرف بشأن الحقائق العلمية . هذا يثبت أن مصدر هذه المعلومات التي توفرت للنبي محمد لم تكن إلا من مصدر سماوي .

أحد الأمثلة على ذلك هو ذكر مكان أخفض مكان في العالم في القرآن ، الذي هو البحر الميت . هذه المعلومات لم تكن متوفرة للناس الذين يعيشون في تلك الفترة . لكن الآن أصبحت حقيقة .

أنا واثق من أنه في يوم ما سيتحقق ذلك التحول ( التحول سيحدث في شبه الجزيرة العربية ) كما تحدث النبي كما كان في حالة النبوءات الأخرى التي أخبرنا أنها ستحدث .

سؤالي لك أيها الدكتور اندروز هو :

هل هناك أي شيء في علم الأرصاد الجوية أو أي من اكتشافاته ، التي تعرفها ، ربما تشير إلى هذه النبوءة التي أخبر بها النبي ؟

شكراً .



من الواضح أنني لست عالماً دينياً لكني اعتقد أن اخضرار الجزيرة العربية سيتحقق بأكثر من طريقة وفي نفس الوقت سيثبت هذا الحديث الشريف . السيناريو الذي يتراءى للسائل يتضمن اخضرار مرتبط بتغير مناخي . على المدى القصير ، عودة الأمطار المنتظمة إلى الجزيرة العربية

مرة أخرى الحديث الشريف ربما يشير إلى تحقق الاخضرار عن طريق العمل الانساني : نحن شاهدنا بعض الاخضرار الموضعي في الجزيرة العربية هذه الأيام في الأماكن التي يتم فيها زراعة المحاصيل بالري . المياه تسحب من تحت الأرض وبعد ذلك تنشر على الأرض لري المحاصيل مثل القمح والبرسيم وغيره .

سأصرف النظر عن الفهم الأخير وسأتحدث بدلاً من ذلك عن الفكرة السابقة . كما كتب السائل ، تشير الدلائل العلمية الحديثة إلى أنه كان هناك أنهار تتدفق في الجزيرة العربية في وقت ما في الماضي التاريخي . أنا أدرك أن هذا كان حقيقياً على الأقل كجزء مما يعرف الآن بالصحراء الخالية . وهو ليس شيئاً من عصور الديناصورات ولكنه حدث قبل آلاف أو عشرات الآلاف من السنين وبالتحديد كان هناك بشر في ذلك الوقت .

التسجيلات الجيولوجية تقول أن المناخ في الجزيرة العربية كان مختلفاً جداً عن مناخ هذه الأيام . صحيح أن مصر والعراق بها أنهار وبها خضرة بدون أمطار لكن بالتحديد فإن جغرافيتها تسمح لها بتدفق الانهار من أراضي بعيدة تسقيها الأمطار .

لذا فإن التغيرات في الغلاف الجوي التي جلبت الجفاف والصحراء إلى الجزيرة العربية ستنعكس أيضاً . على كل ، هذا قد يحدث ، أنا لا أعرف . ربما يكون مرتفع شبه مداري يسمح بانتشار أكبر للامطار الموسمية إلى الشمال . أو قد يكون أمطار أكثر فعالية للمنخفضات التي تمر من الآن في أنحاء جنوب غرب آسيا من البحر المتوسط إلى الخليج . حيث يتوفر هناك رطوبة مدارية أكثر لانظمة الطقس هذه فمن الممكن القول أن الامطار ستهطل بشكل أكثر تكرراً – وبالتالي – فوق الجزيرة العربية .

من الواضح بالنسبة لدارسي المناخات القديمة (paleoclimatology ) أن المناخ ليس ثابتاً ; فهو إلى حد ما دوري ، وإن يكن بطرق ربما من الممكن أو من غير الممكن في النهاية التنبؤ بها . زمن الخبرة الإنسانية يعتبر قصير جداً بالنسبة للتاريخ الكامل للأرض لذا فإن العلم لم يبدأ بعد في امتلاك بيانات للتنبؤ بتحولات كبرى من النوع الذي سيؤدي إلى رطوبة بدلاً من الجفاف في الجزيرة العربية .

اعتقادي ؟ مع مرور الوقت ستعود الأمطار مرة أخرى إلى الجزيرة العربية بطريقة مشابهة جداً لما كان يحدث في السابق . ومع هذا سيأتي الاخضرار إلى الأرض وستتدفق لأنهار أيضاً . في النهاية لا يعلم هذا سوى واحد فقط ( يشير إلى الله ) .
الحديث عن الأمطار التي تعود إلى الجزيرة العربية كما حدث بعد ظهر يوم الخميس . امطار وعواصف رعدية يبدو أنها حدثت فوق غرب وجنوب الجزيرة العربية وتتجه نحو الشرق وقت كتابتي .

كما كتبت في وقت سابق من الأسبوع ، سيكون هناك حدوث لأمطار وعواصف رعدية وتساقط موضعي لحبات البرد ورياح قوية وأمطار جارفة . عند حدوث الأمطار الغزيرة ستسيل الأودية . وإذا وصلت الأمطار الغزيرة إحدى المدن فستجري السيول في الشوارع . لسؤ الحظ أنني لا أملك أي فكرة أين ستحدث الفيضانات او الرياح القوية وحبات البرد الشديدة . أنا اعتقد أنها ستحدث على نطاق واسع لذا فإن معظم المنطقة لن تشهد طقساً شديداً .

إجمالاً هطول الامطار سيتحول نحو الشرق . في الوقت الذي سيتركز فوق نجد حتى ليلة الجمعة سيتحول نحو الخليج ابتداء من يوم الجمعة . شمال عمان سيشهد أمطار متفرقة يوم السبت .
رابط الموضوع : http://www.accuweather.com/mt-news-b...r&blog=andrews

 

 

***

الفصل الرابع



﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ

﴿ قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ، قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ﴾



﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ "  الأعراف  "

 

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ، أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ، ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً ، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً ، وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ، لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً ، وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُوراً ، وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً ، فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً " الفرقان "

 

أبدا إلا يصف المعرض عن تدبر أمره هذا وتذكر أن الله فصل فيه والآن يصرفه كيف يشاء إلا يصفه بالكافر ، ويصفهم بالأنعام بلا عقول ولا تنفعهم الذكرى مختومة عقولهم
وأسماعهم ورين على قلوبهم حتى ما تفيد نذارة ويستوي معهم الإنذار نصحا أو تركه فالأمر سواء لا يؤمنون وهذه حالهم حقا مع نذيرهم اليوم على ما اتفق في وصفهم بذلك كما في صدر سورة البقرة وسورة يا سين ﴿
وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ لهذا نراهم لا يؤمنون أبدا ولا يوقنون بآيات الله التي هي علامات على ذكرهم وذكر رسولهم المهدي والذي ما وصف بالهداية إلا لإيمانه ويقينه بما هم فيه الآن وهم لكفرهم بذلك نفى الله تعالى عنهم ذلك فاستحق هو ومن آمن معه ذلك الوصف بجدارة ، وحرم من كذبه واعرض لم يسمعه ذلك الوصف بجدارة ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ وفي أهل الهدى أعداء أولئك الكفرة بأمر الله تعالى قال عز وجل ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ، أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

افلحوا بإيمانهم بكل ذلك وكانوا بالآخرة يوقنون فاستحقوا الهدى وكانوا مهديا وتبع وخالفهم كفرة ضلال اشتروا اللعنة وكل تلك الأختام حتى اذا نودوا للهدى من الله عز وجل فكأنما المهدي ينادي الموتى أو الصم .


ألا وإن من عظيم تصريف الله تعالى لرياحه المرسلات بالعذاب والمبشرات بالرحمة بين يدي التمكين للمهدي خليفة الله تعالى ورسوله أن جعل ذلك متحدا في الزمان ومجتمعا

 

على جيله لا يتفرق ويختلف وذلك من عظيم ذكره وعظيم أحكامه لأمره وحسن تصريفه وكل ذلك مما أطلع عليه أنبياءه وأوحى لهم عنه يفصلون للناس عن ذلك حتى إذا ما حان وقته رأى الخلق تحقق تأويله بعين اليقين لو ما تلك الموانع لجهلهم وشديد إعراضهم وانعدام شوقهم للقاء الله تعالى بما كسبوا وعملوا السوء وركنوا للدنيا وتعلقوا بها لا يرجونه بل يرجون ما دونه.


قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ، إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ، وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ، فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ . هذا وعد منه تعالى للذين آمنوا بحقه هذا وأخلصوا له الدين حين يقصد للبطش بالكافرين كما فعل بأسلافهم من قبل أن يسلم المؤمنين وينجيهم من أولئك الأشرار ويجعل الأنهار تجري من تحتهم وتلك الجنان العظيمة في أرضهم وسيكون محل ذلك جزيرة العرب ، حين يطهرها من الفجار ويبارك فيها بالتمكين للمؤمنين ، وما يهمني من سياق تلك الآيات هنا قوله عز وجل: ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ . وعلى ما تقرر في الفصل السابق الثالث قول بعض الأنبياء ومنهم نبينا في عود الخير للمؤمنين مثل ما كان قبل وزاد المصطفى بالتعيين أين سيكون ذلك في جزيرة العرب ، وذلك وعد من الله عز وجل على ما بسط ذكره كما في سورة البروج وعلى ألسنة جمهرة من الأنبياء وسبق في الفصل الثالث نقل بعض منها وهو الوعد الذي أعلنه قبلهم كلهم موسى صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين بحسب المنقول عنه في الفصل السابق .وهكذا كان الأمر وسيعود كما كان بل أكثر مما كان ذكر هذا على ألسنة بعض الأنبياء على ما بين في الفصل السابق ، وعد الله الحق الذي من آمن به وأيقن فمن توفيق الله تعالى وهداه

 

يكون ذلك وسيناله ما أسماه تعالى بالفوز العظيم وقطع تعالى بذلك وعدا على نفسه أن يكون ذلك جزائهم مثل ما وعدهم باستخلافهم كما استخلف الذين من قبلهم ، ومن كفر به وغفل عنه ممن تعس ولم يوفقه الله تعالى ويهديه فسينال أولئك سوء العذاب والخزي وسواد الأوجه ، ولا ابالغ في بيان مدى جهل وضلال أولئك الكفرة بعد وصف الله تعالى لحالهم ذلك بأن أقول : آمن بقرب تحقق ذلك ذلك الإرصادي الغربي جيم اندروز وأولئك الخبراء الأمريكان من جامعة أوهايو وقد تم نقل قولهم في ذلك بالفصل السابق ، وهؤلاء الكفرة الذين أعرضوا لم يؤمنوا ويعلموا مع زعمهم الإيمان بالله وكتابه ورسوله وسائر الأنبياء من قبل الذين باحوا بذلك وفصلوا .

أليست تلك عجيبة ؟!


بلى وربي وهناك ما هو أعجب من ذلك حين يصدق أولئك الخبراء الأمريكان والإرصادي جيم اندروز بأن عودة جزيرة العرب مروجا وأنهارا لن يتم ذلك إلا بحدوث طريقا جديدا للرياح يسمونها بالموسمية وهو خط قديم من آلاف السنين كان يجلب الغيوم للجزيرة العربية ثم انقطع عنها - بعد ما محقت بركتها في قصة سبأ - واتجه لناحية الهند وتلك الديار والآن يرجحون عودته كما كان ليجلب الخير لجزيرة العرب حتى تعود كما كانت على ذلك ، فآمن أولئك بالحق وكفر به أهله ، وتأتي العجيبة أيضا من حيث أن وحي الله تعالى ايضا أخبر عن هذه على ما سيمر معنا بيانه قريبا إن شاء الله تعالى .


وأقول : حقا إنه الحق وأنها سننه تعالى الجديدة لهذا هم يرون اليوم توالي ما يسمونه بـ " المنخفضات " تمتد سحبها وتبسط أجنحتها على طول الجزيرة من مغربها لمشرقها ناحية الخليج ، وذلك هو الطريق الجديد والممر الهائل الذي لم يعهده البشر في تلك الأرض من قبل في تأريخهم المعاصر والقريب منه ، وليتهيأوا لذلك وقد سبق وتمت النذارة به والبشارة في موقع دعوتنا المباركة .


نعم ، إنها السنن الربانية تعود مجددا لمسارها القديم وهم يرونها اليوم ويعبرون عن ذلك بقولهم " توالت المنخفضات " !!


ويهذون بالطبيعة والصانع لكل ذلك قديما وحديثا الله تعالى ، وزن مقاديرها وخط مسيرها ، وقدر خيرها وشرها .


إنها السنن والطريق الجديد ..

﴿ أَتُدْرِكُ مُوازَنَةَ السَّحَابِ ، مُعْجِزَاتِ الْكَامِلِ الْمَعَارِفِ؟ " أيوب عليه الصلاة والسلام
﴿ هُوَذَا اللهُ فِي عُلُوِّ السَّمَاوَاتِ ، وَانْظُرْ رَأْسَ الْكَوَاكِبِ مَا أَعْلاَهُ ، فَقُلْتَ: كَيْفَ يَعْلَمُ اللهُ؟ هَلْ مِنْ وَرَاءِ الضَّبَابِ يَقْضِي؟

السَّحَابُ سِتْرٌ لَهُ فَلاَ يُرَى ، وَعَلَى دَائِرَةِ السَّمَاوَاتِ يَتَمَشَّى
" أيوب عليه الصلاة والسلام "

 


﴿ اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ، فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ ، وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ ، السَّحَابُ وَالضَّبَابُ حَوْلَهُ. الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ ، قُدَّامَهُ تَذْهَبُ نَارٌ وَتُحْرِقُ أَعْدَاءَهُ حَوْلَهُ ، أَضَاءَتْ بُرُوقُهُ الْمَسْكُونَةَ ، رَأَتِ الأَرْضُ وَارْتَعَدَتْ ، ذَابَتِ الْجِبَالُ مِثْلَ الشَّمْعِ قُدَّامَ الرَّبِّ، قُدَّامَ سَيِّدِ الأَرْضِ كُلِّهَا ، أَخْبَرَتِ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ ، وَرَأَى جَمِيعُ الشُّعُوبِ مَجْدَهُ " داود عليه الصلاة والسلام "


﴿ يُعَلِّقُ الأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ ، يَصُرُّ الْمِيَاهَ فِي سُحُبِهِ فَلاَ يَتَمَزَّقُ الْغَيْمُ تَحْتَهَا ، يَحْجِبُ وَجْهَ كُرْسِيِّهِ بَاسِطًا عَلَيْهِ سَحَابَهُ " أيوب عليه الصلاة والسلام "


أقول : فهذه السُنَّة للمطر الجديدة التي أحدثت بزمانهم هذا من القدير العظيم وهي التي بشر بها في القرآن في أكثر من سورة ومنها سورة ( يا سين ) وفاطر والنمل وقبل ذكرت ذلك من سورة الأعراف والفرقان ، وفي كل ذلك ينص على فعل ذلك بشرا بين يدي رحمته لعباده حين يقصد لنجاتهم وتخليصهم من ببن أيدي أهل المكر والكفر ليحييهم من موتهم ذاك كما يحيي تلك الأرض ببن يديهم وجعل ذلك آية لحالهم ومثال صرح بهذا في سورة يا سين وسيأتي شرح ذلك لاحقا ، فيحيي بتلك الرياح وما تحمله تلك الأرض الميتة والأرض الميتة هي جزيرة العرب ، وذلك الذي كان يعنيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ببشارته أن الساعة لن تقوم حتى تعود جزيرة العرب مروجا وأنهارا . يحاكي القرآن بتلك البشارة : ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وذلك الرابط ما بين الساعة وانزال الغيث ، أي حين يأتي زمان تحقق تأويل ذلك ستكون الساعة قد أوشكت على التحقق فربط إقامتها بإنزال هذا الغيث الذي سيحيي به الأرض الميتة ومراده جزيرة العرب وأحال كل

 

ذلك لعلمه بالغيب ، ولعلم رسوله بذلك أيضا قال بأن المهدي ينزل له تعالى الغيث من السماء وتخرج له الأرض بركاتها نتيجة لذلك ، فهل ترون الكفرة سيؤمنون ويدركون الآن أن هذا الغيث وكل تلك السحب والمنخفضات بطريقها الجديد مؤذنة بقرب قيام الساعة وأن ذلك من أشراطها ؟!


أو ترونهم سيؤمنون ويوقنون بأن المهدي بعث وأنه حي يرزق وهذا الغيث ما أنزله الله تعالى إلا لمبعثه ؟!


وإن لم يؤمنوا بذلك فالحق أن لازم اعتقاد أولئك الكفرة أن الله يعمل بلا حكمة وينزل الغيث بلا هدف وأنه لا علم له بالساعة وغير ضابط لحركة السحاب ولا تيارات الرياح التي تحمله ولا يعلم ما مهدي ومتى يبعث وكيف ، وكل تلك الطوام تدل على مدى شناعة كفرهم وجهلهم بالله عز وجل مسير الأفلاك من فوقهم وكل تلك الرياح والسحاب .

وتمعنوا معي بقول نبي الله تعالى أيوب عليه الصلاة والسلام التالي : ﴿
يَرَى أَقْصَى الأَرْضِ وَيُحِيطُ بِجَمِيعِ مَا تَحْتَ السَّمَاوَاتِ ، عِنْدَمَا جَعَلَ لِلرِّيحِ وَزْناً وَعَايَرَ الْمِيَاهَ بِمِقْيَاسٍ ، عِنْدَمَا وَضَعَ سُنَناً لِلْمَطَرِ وَمَمَرّاً لِصَوَاعِقِ الرُّعُودِ ، آنَئِذٍ رَآهَا وَأَذَاعَ خَبَرَهَا وَأَثْبَتَهَا وَفَحَصَهَا ، ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ : انْظُرْ ، إِنَّ مَخَافَةَ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ ، وَتَفَادِي الشَّرِّ هُوَ الْفِطْنَةُ .


لتدركوا مدى ضلال أولئك الكفرة بأمره العظيم هذا وعمى قلوبهم عنه .

وهنا سأقصد لتقرير المعنى ذلك ببيان هذا الوجه في شرحه والمدعم بكلام الله عز وجل كذلك كيف كانت الجزيرة مباركة ثم محقت وفي زمان المهدي وبعد تمكينه ستعود لها البركة به مثل ما كانت بل أكثر مما كانت وأعظم ، ولما كان لليمن رابطا بذلك خفي على الناس وجهه بأمر الله تعالى هذا كان من تدبير الله عز وجل أن يكون أكثر أتباع المهدي من اليمن اليوم ، وهم الذين أشار لهم عز وجل بقوله في سورة البلد : ﴿
ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ، عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ .


فالكفرة بأمر الله هذا هم أهل المشأمة اختاروا الشمال ، والمؤمنون أهل الميمنة اتباع الحق دليلهم اليمنة .


اليمن وما أدراكم ما اليمن .. ؟!


قد قلت من قبل أن أخص صفات الله تعالى العملية محبته لعود الشيء كما بدأ ، ولما كانت الجزيرة العربية قبل جنانا تتفجر من خلالها الأنهار والعيون وكان باكورة ذلك وبهائه من اليمن ، وستعود اليوم كما كانت فحسن بتقدير الله تعالى أن يكون لليمن فضيلة في ذلك كما كان لها فضيلة وذكر فيما سبق ، فكان في ذلك من أسرار الله تعالى أن قدر أبرز وأظهر أنصار الحق من اليمن وعليه قال نبينا عليه الصلاة والسلام : " الإيمان يمان والحكمة يمانية " . ومراده خصوص أتباع أمر الله تعالى هذا أي حين يبعث حفيده المهدي سيكون الإيمان والحكمة في صف اتباعه من اليمن الذين هم أبرز اتباعه وأشدهم لزوما له وإخلاصا اليوم ، واحملوا سائر تلك المناقب فيهم على هذا الوجه ولا وجه لذلك سواه ، ولو بحثتم عن أي وجه لذلك يوافق فلن تجدوه بغير ما فصلت ومحله اتباع الحق العظيم هذا منهم وليس المراد ذلك الخليط بالعموم العجيب من أفريقيا وشرق آسيا وبلاد الهند والبنغال وسيرلنكا وما شابه .

 

﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ، كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ، ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ ، وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ . فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ .

وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ  


وما كانت تلك القرى المباركة إلا في جزيرة العرب ، وما كان ذلك التغير الشديد إلا بمثل ما يسمونه اليوم تغيرات مناخية متطرفة أو حادة ، فكان قبل لتنقلب الجزيرة العربية من جنان وأنهار لقحط وذهاب أنهار وجفاف حاد أن حصل هذا التبدل والإنقلاب المناخي ،

 

وحين يريد عودتها للمباركة تصير تلك التغيرات عكسية فتعود كما كانت بل أكثر بركة من قبل على ما نص عليه أنبياء نقلت ذلك عنهم في الفصل السابق .

واليوم سيعود الأمر كما كان على ما أخبر الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم وقد بدأنا نشاهد علامات ذلك وستعود مروجا وأنهارا كما كانت في زمان سبأ وتلك القرى المباركة ، وكما أخبر عز وجل في سورة يا سين عن ذلك صريحا في المهدي وهو مما فاتهم العلم به فجهلوا معناه وسره للغاية فقال على لسان المهدي : ﴿
وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ، إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ، إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ .

ويعني بتلك الجنة التي سيأول لها أمره ومن تبعه وهي تلك الجنة الآية والعلامة لأمره هذا وليس المقصود بها جنة الخلد التي ذهب لها عقل الجمهور المتخلف المعاق عن إدراك أمر الله تعالى بالمهدي ، فهو حين يقال له ادخل الجنة إنما مراده تلك الجنة الآية لأمره يقال له حين يفصل بينه وبين من كذبه ادخل تلك الجنة جزائك ومن معك فهذا وعد الله لكم ، ولهذا ترونه يذكر الصيحة لذلك حين ينصره الله تعالى على من كذبه يوم يفصل بينه وببنهم فيدخله تلك الجنان هو ومن آمن به لا أن يمكنوا عليه ولا ينصره الله تعالى بل يقتلونه كما ظن ذلك عليه كل ذلك الجمهور المغفل ، ومعنى كل تلك الآيات التي تلت ذلك في سورة (
سين ) توضح ذلك وتكشف عن حقيقته ، وبالمناسبة تلك السورة لما كانت تعنى بقصص المهدي مع قومه افتتحت باسمه  (1) سرا لله في كتابه وافتتحت به

 

مقسما تعالى بكتابه على أنه من المرسلين ولذا ترونه تعالى حين أهلكهم يذكر الحسرة على العباد بأن ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يهزأون وكان أولئك على سنة أسلافهم لما أرسل إليهم رسولهم فعلوا معه كأسلافهم .


قال تعالى : ﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ، إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ، يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ، أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ، وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ، وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ، وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ، لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ .


وهنا يعرفنا تعالى بحقيقة قصة المهدي ، أولا :


أن الخبر بدخوله الجنة لا يعني موته بل نصرته وتمكينه بإدخاله تلك الجنان التي وعد الله عباده بدخولها آخر الزمان ، وهل تأتي الصيحة بعد الرسول إلا لنصرته على من كذبه ؟

ثم ذكر التفصيل بعد ذلك لتلك الجنة والتي هي آية وعلامة لهم للتأكيد على أنها جنة في الدنيا وليست جنة الخلد ، الجنة التي ستثمر ما لم تزرعه الأيدي تأكيدا على انها الجنة التي بشروا بها لا جنة الخلد التي لن يدخلها البشر إلا بعد موتهم ، فتكون مباركة من الله تعالى لهم في الدنيا ، أما جنة الخلد فلا يرد عليها ذلك فكل ما فيها لن يكون من عملهم .


وكما قال تعالى قبل : ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وهم اليوم كما كانوا قلة وفريقا من أنصار الحق ، غير متبعين للشيطان بل أطاعوا ربهم وأسلموا لأمره عز وجل ، وبهذا يكون تعالى قد حقق أحب صفات أفعاله في أنه يعيد الأمر كما كان وبهذا يتبين وجه السر في تقديره عز وجل أن للحق أنصارا من اليمن آخر الزمان ، وكما بدأتم تعودون : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ، الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ، إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ، وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ . ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ . فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ .


ولو تلحظون كيف بدأت الأمطار والمنخفضات تضرب الجزيرة مجددا وبشكل لافت كما حصل مع عمان واعصار جونو " النذير " - تسميته بالنذير من قبل اهل الحق - ، وفيضانات حضرموت الجارفة وفيضانات شمال الجزيرة العربية الشديدة - العام الفائت - كذلك وآخرا سيل جدة الجارف الشديد الغير مسبوق بحسب ما عاصرنا ، وبالوسطى سيل شعيب " الذمة " الذي قيل بلغ الكثير من الكيلوات ولم يسيل هكذا من أكثر من ثلاثين سنة !


والمعنى أن ذلك أحاط بالجزيرة العربية من ناحيتها الجنوبية والشمالية والغربية ووسطها وهناك مضنة انطلاق جريان الأنهار لوسطها كما كانت من قبل حتى تصب كلها في الخليج العربي ليطم الله أقواما ويظهر آخرين ، وما هو آت أكبر وصدق الله تعالى ورسله ، بأنها كانت جنانا وأنهارا وستعود كما كانت ، وكما بدأكم تعودون .

 


وبودي أطيل وآخذ نفسا في تقرير ذلك حرصا على كشف الغموص عن حقيقة ما يجري وأسرار النبوءات المرتبطة في ذلك لكن بالإيجاز قد تكون كفاية للعقلاء والتنبيه لمحة على الشيء آكد وأرجح بالملحة وأبعد عن الضجر ، وما الأمر إلا على ما روي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " البيان من الله والعيُّ من الشيطان ، وليس البيانُ كثرةَ الكلامِ ، ولكن البيان الفصلُ في الحق ، وليس العيُّ قلَّةَ الكلاَمِ ولكن من سفه الحق " . " رواه ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه " .

 

  (1) يراجع في تفصل ذلك كتاب ( العواصف والقواصف ) الفصل السابع : سين هو الحسين الله يعجزهم بكتابه بإسم المهدي . وراجع الفصل التاسع .

 

... يتبع