الفصل التاسع بعد المائة

 


أجاب يسوع : إنني أقول لكم هكذا يجب عليكم أن تسهروا بالنفس بشمس العدل التي هي إلهنا ولا تفاخروا بسهر الجسد ، وصحيح كل الصحة أنه يجب تجنب الرقاد الجسدي جهد الطاقة ، إلا أن منعه البتة محال لأن الحس والجسد مثقلان بالطعام والعقل بالمشاغل ، لذلك يجب على من يريد أن يرقد قليلا أن يتجنب فرط المشاغل وكثرة الطعام ، لعمر الله الذي في حضرته تقف نفسي أنه يجوز الرقاد قليلا كل ليلة إلا أنه لا يجوز أبدا الغفلة عن الله ودينونته الرهيبة وما رقاد النفس إلا هذه الغفلة ، حينئذ أجاب من يكتب : يا معلم كيف يمكن لنا أن نتذكر الله على الدوام ؟ إنه ليلوح لنا أن هذا محال ، فقال يسوع متنهدا : إن هذا لأعظم شقاء يكابده الإنسان يا برنابا لأن الإنسان لا يقدر هنا على الأرض أن يذكر الله خالقه على الدوام ، إلا الأطهار فإنهم يذكرون الله على الدوام لأن فيهم نور نعمة الله حتى لا يقدرون أن ينسوا الله ، ولكن قولوا لي أرأيتم الذين يشتغلون بالحجارة المستخرجة من المقالع كيف تعودوا بالتمرن المستمر أن يضربوا حتى أنهم يتكالمون وهم طول الوقت يضربون بالآلة الحديدية في الحجر دون أن ينظروا إليها ومع ذلك لا يصيبون أيديهم ؟ ، فافعلوا إذاً أنتم كذلك ، ارغبوا في أن تكونوا أطهارا إذا أحببتم أن تتغلبوا تماما على شقاء الغفلة ، ومن المؤكد أن الماء يشق أقوى الصخور بقطرة واحدة يتكرر وقوعها عليها زمنا طويلا ، أتعلمون لماذا لم تتغلبوا على هذا الشقاء ؟ ، لأنكم لم تدركوا أنه خطيئة ، لذلك أقول لكم أن من الخطأ أيها الإنسان أن يهبك أمير هبة فتغمض عنه عينيك وتوليه ظهرك ، هكذا يخطئ الذين يغفلون عن الله ، لأن الإنسـان ينال كل حين هبات ونعمة من الله .