الفصل العاشر بعد المائة
ألا فقولوا لي ألا ينعم الله عليكم كل حين ؟ ، بلى حقا فإنه يجود عليكم دوما بالنفس الذي به تحيون ، الحق الحق أقول لكم أنه يجب على قلبكم أن يقول كلما تنفس جسدكم : (( الحمد لله )) ، حينئذ قال يوحنا : إن ما تقوله لهو الحق يا معلم فعلمنا الطريق لبلوغ هذه الحال السعيدة ، أجاب يسوع : الحق أقول لك أنه لا يتاح لأحد بلوغ هذه الحال بقوى بشرية بل برحمة الله ربنا ، ومن المؤكد أنه يجب على الإنسان أن يشتهي الصالح ليهبه الله إياه ، قولوا لي أتأخذون وأنتم على المائدة اللحوم التي تأنفون من النظر إليها ؟ ، لا البتة كذلك أقول لكم أنكم لا تنالون ما لا تشتهون ، إن الله لقادر إذا اشتهيتم الطهارة أن يجعلكم طاهرين في أقل من طرفة عين ، ولكن إلهنا يريد أن ننتظر ونطلب لكي يشعر الإنسان بالهبة والواهب ، أرأيتم الذين يتمرنون على رمي هدف ؟ ، حقا إنهم ليرمون مرارا متعددة عبثا ، وكيفما كانت الحال فهم لا يرغبون مطلقا أن يرموا عبثا ولكنهم يؤملون دوما أن يصيبوا الهدف ، فافعلوا هكذا أنتم الذين تشتهون دوما أن تذكروا الله ، ومتى غفلتم فنوحوا لأن الله سيهبكم نعمة لتبلغوا كل ما قد قلته ، إن الصوم والسهر الروحي متلازمان حتى إذا أبطل أحد السهر بطل الصوم توا ، لأن الإنسان بإرتكاب الخطيئة يبطل صوم النفس ويغفل عن الله ، وهكذا فإن السهر والصوم من حيث النفس لازمان دوما لنا لسائر الناس ، لأنه لا يجوز لأحد أن يخطئ ، أما صوم الجسد وسهره فصدقوني أنهما غير ممكنين في كل حين ولا لكل شخص ، لأنه يوجد مرضى وشيوخ وحبالى وقوم مقصورون على طعام الحمية وأطفال وغيرهم من أصحاب البنية الضعيفة ، وكما أن كل أحد يلبس بحسب قياسه الخاص هكذا يجب عليه أن يختار صومه ، لأنه كما أن أثواب الطفل لا تصلح لرجل ابن ثلاثين سنة هكذا لا يصلح صوم أحد وسهره لآخر .
Powered by Backdrop CMS