الفصل الثالث والثلاثون بعد المائة
فاقترب تلاميذ يسوع منه وسألوه قائلين : يا معلم قل لنا معنى الأمثال التي كلمت بها الشعب ، أجاب يسوع : اقتربت ساعة الصلاة فمتى انتهت صلاة المساء أفيدكم معنى الأمثال ، فلما انتهت الصلاة اقترب التلاميذ من يسوع فقال لهم : إن الرجل الذي يزرع البذور على الطريق أو على الحجارة أو على الشوك أو على الأرض الجيدة هو من يعلم كلمة الله التي تسقط على عدد غفير من الناس ، تقع على الطريق متى جاءت إلى آذان البحارة والتجار الذين أزال الشيطان كلمة الله من ذاكرتهم بسبب الأسفار الشاسعة التي يزمعونها وتعدد الأمم التي يتجرون معها ، وتقع على الحجارة متى جاءت إلى آذان رجال البلاط لأنه بسبب شغفهم بخدمة شخص حاكم لا تنفذ إليهم كلمة الله ، على أنهم وإن كان لهم شيء من تذكرها فحالما تصيبهم شدة تخرج كلمة الله من ذاكرتهم ، لأنهم وهم لم يخدموا الله لا يقدرون أن يرجوا معونة من الله ، وتقع على الشوك متى جاءت إلى آذان الذين يحبون حياتهم ، لأنهم ـ وإن نمت كلمة الله فيهم ـ إذا نمت الأهواء الجسدية خنقت البذور الجيدة من كلمة الله ، لأن رغد العيش الجسدي يبعث على هجران كلمة الله ، أما التي تقع على الأرض الجيدة فهو ما جاء من كلمة الله إلى أذني من يخاف الله حيث تثمر ثمر الحياة الأبدية .
الحق أقول لكم أن كلمة الله تثمر في كل حال متى خاف الإنسان الله ، أما ما يختص بأبي الأسرة فالحق أقول لكم أنه الله ربنا أب كل الأشياء لأنه خلق الأشياء كلها ، ولكنه ليس أباً على طريقة الطبيعة لأنه غير قادر على الحركة التي لا يمكن التناسل بدونها ، فهو إذاً إلهنا الذي يخصه هذا العالم ، والحقل الذي يزرع فيه هو الجنس البشري ، والبذار هو كلمة الله ، فمتى أهمل المعلمون التبشير بكلمة الله لانشغالهم بتشاغل العالم زرع الشيطان ضلالا في قلب البشر ينشأ عنه شفيع لا تحصى من التعليم الشري ، فيصرخ الأطهار والأنبياء : (( يا سيد ألم تعط تعليما صالحا للبشر فمن أين إذاً الأضاليل الكثيرة ؟ )) ، فيجيب الله : (( إني أعطيت البشر تعليما صالحا ولكن بينما كان البشر منقطعين إلى الباطل زرع الشيطان ضلالا يبطل شريعتي ، فيقول الأطهار : (( يا سيد إننا نبدد هذه الأضاليل بإهلاك البشر )) ، فيجيب الله : (( لا تفعلوا هذا لأن المؤمنين يهلكون مع الكافرين ، ولكن تمهلوا إلى الدينونة ، لأنه في ذلك الوقت ستجمع ملائكتي الكفار فيقعون مع الشيطان في الجحيم والمؤمنون يأتون إلى مملكتي )) ، ومما لا ريب فيه أن كثيرين من الآباء الكفار يلدون أبناء مؤمنين لأجلهم أمهل الله العالم ليتوب .
Powered by Backdrop CMS