الفصل الثالث والسبعون بعد المائة
قال يسوع : تأملوا إذاً خيرات الجنة ، أنه لو أعطى الله للإنسان في هذا العالم أوقية من سعة العيش فسيعطيه في الجنة ألف ألف حمل ، تأملوا مقدار الثمار التي في هذا العالم ومقدار الأزهار ومقدار الأشياء التي تخدم الإنسان ، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته كما يزيد رمل البحر على الحبة التي يأخذها منه آخذ يزيد تين الجنة في جودته ومقداره على نوع التين الذي نأكله هنا ، وقس عليه كل شيء آخر في الجنة ، ولكن أقول لكم أيضا أنه كما أن الجبل من ذهب واللآلئ هو أثمن من ظل نملة هكذا تكون مسرات الجنة أعظم قيمة من مسرات العظماء والملوك التي كانت وستكون لهم دينونة الله حين ينقضي العالم ، قال بطرس : أيذهب جسدنا الذي لنا الآن إلى الجنة ؟ ، أجاب يسوع : احذر يا بطرس من أن تصير صدوقيا فإن الصدوقيين يقولون أن الجسد لا يقوم أيضا وأنه لا توجد ملائكة ، لذلك حرم على جسدهم وروحهم الدخول في الجنة وهم محرومون من كل خدمة الملائكة في هذا العالم ، أنسيتم أيوب النبي وخليل الله كيف يقول : ( أعلم أن إلهي حي وأني سأقوم في اليوم الأخير بجسدي و سأرى بعيني الله مخلصي ) ؟ ، ولكن صدقوني أن جسدنا هذا يتطهر على كيفية لا يكون له معها خاصة واحدة من خصائصه الحاضرة ، لأنه سيتطهر من كل شهوة شريرة ، وسيعيده الله إلى الحال التي كان عليها آدم قبل أن أخطأ ، رجلان يخدمان سيدا واحدا في عمل واحد ، أحدهما يقتصر على النظر في العمل وإصدار الأوامر والثاني يقوم بكل ما يأمره به الأول ، أقول أترون من العدل أن يخص السيد بالجزاء من ينظر و يأمر فقط ويطرد من بيته من أنهك نفسه في العمل ؟ ، لا البتة ، فكيف يحتمل عدل الله هذا ؟ ، إن نفس الإنسان وجسده وحسه تخدم الله ، فالنفس تنظر وتأمر بالخدمة فقط لأن النفس لما كانت لا تأكل خبزا فهي لا تصوم ولا تمشي ولا تشعر بالبرد أو الحر ولا تمرض ولا تقتل لأنها خالدة ، وهي لا تكابد شيئا من الآلام الجسدية التي يكابدها الجسد بفعل العناصر ، فأقول هل من العدل إذاً أن تذهب النفس وحدها إلى الجنة دون الجسد الذي أنهك نفسه بهذا المقدار في خدمة الله ؟ ، قال بطرس : يا معلم لما كان الجسد هو الذي حمل النفس على الخطيئة فلا ينبغي أن يوضع في الجنة ، أجاب يسوع : كيف يخطئ الجسد بدون النفس ، حقا إن هذا محال ، فإذا نزعت رحمة الله من الجسد قضيت على النفس بالجحيم .
Powered by Backdrop CMS