الفصل الثاني والأربعون بعد المائة
لما رأى يهوذا الخائن أن يسوع قد هرب يئس من أن يصير عظيما في العالم ، لأنه كان يحمل كيس يسوع حيث كان يحفظ فيه كل ما كان يعطى له حبا في الله ، فهو قد رجا أن يصير يسوع ملكا على إسرائيل وأنه هو نفسه يصبح رجلا عزيزا ، فلما فقد هذا الرجاء قال في نفسه : لو كان هذا الرجل نبيا لعرف أني أختلس نقوده ولكان حنق وطردني من خدمته إذ يعلم أني لا أؤمن به ، ولو كان حكيما لما هرب من المجد الذي يريد الله أن يعطيه إياه ، فالأجدر بي إذاً أن أتفق مع رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين ونرى كيف أسلمه إلى أيديهم فبهذا أتمكن من تحصيل شيء من النفع ، فبعد أن عقد النية أخبر الكتبة والفريسيين عما حدث في نايين ، فتشاوروا مع رئيس الكهنة قائلين : ( ماذا نفعل لو صار هذا الرجل ملكا ؟ ، حقا إن ذلك يكون وبالا علينا فإنه يريد أن يصلح عبادة الله على حسب السنة القديمة ، لأنه لا يقدر أن يبطل تقاليدنا ، فكيف يكون مصيرنا تحت سلطان رجل هكذا ؟ ، حقا إننا نهلك نحن وأولادنا لأننا إذا طردنا من وظيفتنا اضطررنا أن نستعطي خبزنا ، أما الآن فالحمد لله لنا ملك ووال أجنبيان عن شريعتنا ولا يباليان بشريعتنا كما لا نبالي نحن بشريعتهم ، ولذلك نقدر أن نفعل كل ما نريد ، فإن أخطأنا فإن إلهنا رحيم يمكن استرضاؤه بالضحية والصوم ، ولكن إذا صار هذا الرجل ملكا فلن يسترضى إلا إذا رأى عبادة الله كما كتب موسى ، وأنكى من ذلك أنه يقول أن مسيا لا يأتي من نسل داود (( كما قال لنا أحد تلاميذه الأخصـاء )) بل يقول أنه يأتي من نسل اسماعيل ، وأن الموعد صنع بإسماعيل لا بإسحاق ، فماذا يكون الثمر إذا تركنا هذا الإنسان يعيش ؟ ، من المؤكد أن الإسماعليين يصيرون ذوي وجاهة عند الرومانيين فيعطونهم بلادنا ملكا ، وهكذا يصير إسرائيل عرضة للعبودية كما كان قديما ) ، فلما سمع رئيس الكهنة هذا الرأي أجاب إنه يجب أن يتفق مع هيرودس والوالي ، لأن الشعب كثير الميل إليه حتى أنه لا يمكننا إجراء شيء بدون الجند ، وإن شاء الله نتمكن بواسطة الجند من القيام بهذا العمل ، فبعد أن تشاوروا فيما بينهم على إمساكه ليلا متى رضي الوالي وهيرودس بذلك .
Powered by Backdrop CMS