الفصل الثاني والعشرون بعد المائة

 


أما البخل فيجب تحويله إلى تصدق ، الحق أقول لكم أنه كما أن غاية الشاقول المركز كذلك الجحيم غاية البخيل ، لأنه من المحال أن ينال البخيل خيرا في الجنة ، أتعلمون لماذا ؟ ، إني مخبركم ، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن البخيل وإن كان لسانه صامتا ليقول بأعماله : (( لا إله غيري )) ، لأنه يصرف كل ماله على ملذته الخاصة غير ناظر إلى بدايته أو نهايته فإنه ولد عريا ومتى مات ترك كل شيء ، ألا فقولوا لي إذا أعطاكم هيرودس بستانا لتحفظوه وأحببتم أن تتصرفوا فيه كأنكم أصحاب الملك فلا ترسلون ثمرا منه لهيرودس ومتى أرسل هيرودس يطلب ثمرا طردتم رسله قولوا لي ألا تكونون بذلك قد جعلتم أنفسكم ملوكا على البستان ؟ ، بلى البتة ، فأقول لكم أنه هكذا يجعل البخيل نفسه إلها على الثروة التي وهبه إياها الله ، البخل هو عطش الحس الذي لما فقد الله بالخطيئة لأنه يعيش بالملذة ولما لم يعد قادرا على الابتهاج بالله المتحجب عنه أحاط نفسه بالأشياء العالمية التي يحسبها خيره ، وكلما رأى نفسه محروما من الله ازداد قوة ، وهكذا فإن تجدد الخاطئ إنما هو من الله الذي ينعم عليه فيتوب كما قال أبونا داود هذا التغير يأتي من يمين الله ، ومن الضروري أن أفيدكم من أي نوع هو الإنسان إذا كنتم تريدون أن تعلموا كيف يجب فعل التوبة ، ولنشكر اليوم الله الذي وهبنا نعمة لأبلغ إرادته بكلمتي ، ثم رفع يديه وصلى قائلا : أيها الرب الإله القدير الرحيم الذي خلقتنا نحن عبيدك برحمة ومنحتنا مرتبة البشر ودين رسولك الحقيقي ، إننا نشكرك على كل إنعاماتك ، ونود أن نعبدك وحدك كل أيام حياتنا ، نادبين خطايانا ، مصلين ومتصدقين ، صائمين ومطالعين كلمتك ، مثقفين الذين يجهلون مشيئتك ، مكابدين الآلام من العالم حبا فيك ، وباذلين نفسنا للموت خدمة لك ، فنجنا أنت يا رب من الشيطان ومن الجسد ومن العالم ، كما نجيت مصطفاك إكراما لنفسك وإكراما لرسولك الذي لأجله خلقتنا وإكراما لكل قديسيك وأنبيائك فكان يجيب التلاميذ دائما : ليكن كذلك ليكن كذلك يا رب ليكن كذلك أيها الإله الرحيم .