الفصل الخامس بعد المائة

إن الله لا يدركه قياس إلى حد أني أرتجف من وصفه ، ولكن يجب أن أذكر لكم قضية ، فأقول لكم إذاً أن السموات تسع وأنها بعضها يبعد عن بعض كما تبعد السماء الأولى عن الأرض التي تبعد عن الأرض سفر خمس مائة سنة ، وعليه فإن الأرض تبعد عن أعلى سماء مسيرة أربعة آلف وخمس مائة سنة ، فبناءا على ذلك أقول لكم أنها بالنسبة إلى السماء الأولى كرأس إبرة ، ومثلها السماء الأولى بالنسبة إلى الثانية وعلى هذا النمط كل السموات الواحدة منها أسفل مما يليها ، ولكن كل حجم الأرض مع حجم كل السموات بالنسبة إلى الجنة كنقطة بل كحبة رمل أليست هذه العظمة مما لا يقاس ؟ ، فأجاب التلاميذ : بلى بلى ، حينئذ قال يسوع : لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الكون أمام الله لصغير كحبة رمل ، والله أعظم من ذلك بمقدار ما يلزم من حبوب الرمل لملء كل السموات والجنة بل أكثر ، فانظروا الآن إذا كان هناك نسبة بين الله والإنسان الذي ليس سوى كتلة صغيرة من طين واقفة على الأرض ، فانتبهوا إذاً لتأخذوا المعنى لا مجرد الكلام إذا أردتم أن تنالوا الحياة الأبدية ، فأجاب التلاميذ : إن الله وحده يقدر أن يعرف نفسه وإنه حقا لكما قال إشعيا النبي : (( هو محتجب عن الحواس البشرية )) ، أجاب يسوع : إن هذا لهو الحق لذلك سنعرف الله متى صرنا في الجنة كما يعرف هنا البحر من قطرة ماء مالح ، وإني أعود إلى حديثي فأقول لكم أنه يجب على الإنسان أن يبكي على الخطيئة فقط لأنه بالخطيئة يترك الإنسان خالقه ، ولكن كيف يبكي من يحضر مجالس الطرب والولائم ، إنه يبكي كما يعطي الثلج نارا !، فعليكم أن تحولوا مجالس الطرب إلى صوم إذا أحببتم أن يكون لكم سلطة على حواسكم لأن سلطة إلهنا هكذا .

فقال تداوس : إذاً يكون لله حاسة يمكن التسلط عليها ؟ ، أجاب يسوع : أتعودون إذا للقول بأن لله هذا وأن الله هكذا ؟ ، قولوا لي أللإنسان حاسة ؟ ، أجاب التلاميذ : نعم ، فأجاب يسوع : أيمكن أن يوجد إنسان فيه حياة ولا تعمل فيه حاسة ؟ ، أجاب التلاميذ : لا ، قال يسوع : إنكم تخدعون أنفسكم فأين حاسة من كان أعمى أو أطرش أو أخرس أو أبتر والإنسان حين يكون في غيبوبة ؟ ، فتحير حينئذ التلاميذ ، أما يسوع فقال : يتألف الإنسان من ثلاثة أشياء أي النفس والحس والجسد كل منها مستقل بذاته ، ولقد خلق إلهنا النفس والجسد كما سمعتم ، ولكنكم لم تسمعوا حتى الآن كيف خلق الحس ، لذلك أقول لكم كل شيء غدا إن شاء الله ، ولما قال يسوع هذا شكر الله وصلى لخلاص شعبنا وكل منا يقول : آمين .