الفصل السادس بعد المائة
فلما فرع يسوع من صلاة الفجر جلس تحت شجرة نخل فاقترب تلاميذه إليه هناك ، حينئذ قال يسوع : لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته إن كثيرين مخدوعون في شأن حياتنا ، لأن النفس والحس مرتبطان معا ارتباطا محكما حتى أن أكثر الناس يثبتون أن النفس والحس إنما هما شيء واحد فارقين بينهما بالعمل لا بالجوهر ويسمونها بالنفس الحاسة والنباتية والعقلية ، ولكن الحق أقول لكم أن النفس هي شيء حي مفكر ، ما أشد غباوتهم فأين يجدون النفس العقلية بدون حياة ؟ ، لن يجدوها أبدا ، ولن يسهل وجود الحياة بدون حس كما يشاهد في من وقع في غيبوبة متى فارقه الحس ، أجاب تداوس : يا معلم متى فارق الحس الحياة فلا يكون للإنسان حياة ، أجاب يسوع : إن هذا ليس بصحيح لأن الإنسان إنما يفقد الحياة متى فارقته النفس لأن النفس لا ترجع إلى الجسد إلا بآية ، ولكن الحس يذهب بسبب الخوف الذي يعرض له أو بسبب الغم الشديد الذي يعرض للنفس ، لأن الله خلق الحس لأجل الملذة ولا يعيش إلا بها كما أن الجسد يعيش بالطعام والنفس تعيش بالعلم والحب ، فهذا الحس يخالف النفس بسبب الغيظ الذي يلم به لحرمانه من ملذة الجنة بسبب الخطيئة ، لذلك وجب أشد الوجوب وآكده على من لا يريد تغذيته بالملذات الجسدية أن يغذيه بالملذة الروحية ، أتفهمون ؟ ، الحق أقول لكم أن الله لما خلقه حكم عليه بالجحيم والثلج والجليد اللذين لا يطاقان ، لأنه قال أنه هو الله ، ولكن لما حرمه من التغذية وأخذ طعامه منه أقر أنه عبد الله وعمل يديه ، والآن قولوا لي كيف يعمل الحس في الفجار ؟ ، حقا إنه لهم بمثابة الله لأنهم يتبعون الحس معرضين عن العقل وعن شريعة الله ، فيصيرون مكروهين (( منبوذين )) ولا يعملون صالحا .
Powered by Backdrop CMS