الفصل الرابع عشر بعد المائة
أجاب يسوع : الحق أقول لكم أن صاحب الملك هو الله والكرام شريعته ، فكان عند الله إذاً في الجنة النخل والبلسان لأن الشيطان هو النخل والإنسان الأول هو البلسان ، فطردهما كليهما لأنهما لم يحملا ثمرا من الأعمال الصالحة بل فاها بألفاظ غير صالحة كانت قضاء على ملائكة وأناس كثيرون ، ولما كان الله قد وضع الإنسان في وسط خلائقه التي تعبده كلها بحسب أمره فإذا كان كما قلت لا يحمل ثمرا فان الله يقطعه ويدفعه إلى الجحيم ، لأنه لم يعف عن الملاك والإنسان الأول فنكل بالملاك تنكيلا أبديا وبالإنسان إلى حين ، فتقول من ثم شريعة الله إن للإنسان طيبات أكثر مما يجب في هذه الحياة ، فوجب عليه إذا أن يحتمل الضيق ويحرم من الطيبات العالمية ليعمل أعمالا صالحة ، وعليه فإن الله يمهل الإنسان ليتوب ، الحق أقول لكم إن إلهنا قضى على الإنسان بالعمل للغرض الذي قاله أيوب خليل الله ونبيه : ( كما أن الطير مولودة للطيران والسمك للسباحة هكذا الإنسان مولود للعمل ) ، وهكذا يقول أيضا داود أبونا نبي الله : ( لأننا إذا أكلنا تعب أيدينا نبارك ويكون خير لنا ) ، لذلك يجب على كل أحد أن يعمل بحسب صفته ، ألا فقولوا لي إذا كان أبونا داود وابنه سليمان اشتغلا بأيديهما فماذا يجب على الخاطئ أن يفعل ؟ ، فقال يوحنا : يعلم أن العمل شيء حسن ولكن يجب على الفقراء أن يقوموا به ، فأجاب يسوع : نعم لأنهم لا يقدرون أن يفعلوا غير ذلك ، ولكن ألا تعلم أنه يجب على الصالح ليكون صالحا أن يكون مجردا عن الضرورة ، فالشمس والسيارات الأخرى تتقوى بأوامر الله حتى أنها لا تقدر أن تفعل غير ذلك فليس لهن فضل ، قولوا لي أقـال الله عندما أمر بالعمل : (( يعيش الفقير من عرق وجهه ؟ )) ، أو قال أيوب : (كما أن الطير مولودة للطيران هكذا الفقير مولود للعمل ؟ ) ، بل قال الله للإنسان : ( بعرق وجهك تأكل خبزك ) ، وقال أيوب : ( الإنسان مولود للعمل ) ، وعليه فإن من ليس بإنسان معفى من هذا الأمر ، حقا إنه لا سبب لغلاء الأشياء سوى أنه يوجد جمهور غفير من الكسالى، فلو اشتغل هؤلاء وعمل بعضهم في الأرض وآخرون في صيد الأسماك في الماء لكان العالم في أعظم سعة ، ويجب أن يؤدي الحساب على هذا النقص في يوم الدين الرهيب .
Powered by Backdrop CMS