الفصل السابع والسبعون

الحق أقول لكم أن كثيرين سيقولون لله يوم الدينونة : (( يا رب لقد بشرنا وعلَّمنا بشريعتك )) ، ولكن الحجـارة نفسها ستصرخ ضدهم قائلة : (( لما كنتم قد بشرتم الآخرين فبلسانكم قد أدنتم أنفسكم يا فاعلي الإثم )) ، قال يسوع : لعمر الله أن من يعرف الحق ويفعل عكسه يعاقب عقابا أليما حـتى تكاد الشياطين ترثي له ، ألا قولوا لي أللعلم أم العمل أعطانا الله الشريعة ؟ ، الحق أقول لكم أن غاية كل علم هي تلك الحكمة التي تفعل كل ما تعلم ، قولوا لي إذا كان أحد جالسا على المائدة ورأى بعينيه طعاما شهيا ولكنه اختار بيديه أشياء قذرة فأكلها ألا يكون مجنونا ؟ ، فقال التلاميذ : بلى البتة ، حينئذ قال يسوع : إنك لأنت أشد جنونا من كل المجانين أيها الإنسان الذي تعرف السماء بإدراكك وتختار الأرض بيديك ، الذي تعرف الله بإدراكك تشتهي العالم بهواك ، الذي تعرف ملذات الجنة بإدراكك وتختار بأعمالك شقاء الجحيم ، إنك لجندي باسل يا من تنبذ الحسام وتحمل الغمد لتحارب ! ، ألا تعلمون أن من يسير في الظلام يشتهي النور لا ليراه فقط بل ليرى الصراط المستقيم فيسير آمنا إلى الفندق ، ما أشقاك أيها العالم الذي يجب أن يحتقر ويمقت ألف مرة لأن إلهنا أراد دائما أن يمنحه معرفة الصراط بواسطة أنبيائه الأطهار ليسير إلى وطنه وراحته ، ولكنك أيها الشرير لم تمتنع عن الذهاب فقط بل فعلت ما هو شر من ذلك ، احتقرت النور ، لقد صح مَثل الجمل أنه لا يرغب أن يشرب من الماء الصافي لأنه لا يريد أن ينظر وجهه القبيح ، هكذا يفعل الغير صالح الذي يفعل الشر ، لأنه يكره النور لئلا تعرف أعماله ، أما ومن يؤتى حكمة ولا يكتفي بأن لا يفعل حسنا بل يفعل شرا من ذلك بأن يستخدمها للشـر فإنما يشبه من يستعمل الهبات أدوات لقتل الواهب .