الفصل السابع والستون بعد المائة



وعليه فإذا كانت أفكاركم لا تطمئن لهذا ووددتم أن تقولوا أيضا : (( لماذا هكذا )) فإني أوضح لكم (( لماذا )) ، وهو هذا : قولوا لي لماذا لا يمكن الحجر أن يستقر على سطح الماء مع أن الأرض برمتها مستقرة على سطح الماء ؟ ، قولوا لي لماذا كان التراب والهواء والماء والنار متحدة بالإنسان ومحفوظة على وفاق ؟ مع أن الماء يطفئ النار والتراب يهرب من الهواء حتى أنه لا يقدر أحد أن يؤلف بينها ، فإذا كنتم إذاً لا تفقهون هذا ـ بل إن كل البشر من حيث هم بشر لا يقدرون أن يفقهوه ـ فكيف يفقهون أن الله خلق الكون من لا شيء بكلمة واحدة ؟ ، كيف يفقهون أزلية الله ؟ ، حقا لا يتاح لهم أبدا أن يفقهوا هذا ، لأنه لما كان الإنسان محدودا ويدخل في تركيبه الجسد الذي هو كما يقول النبي سليمان قابل للفساد يضغط النفس ولما كانت أعمال الله مناسبة لله فكيف يمكن للإنسان إدراكها ؟ ، فلما رأى إشعيا نبي الله هذا صرخ قائلا : ( حقا إنك لإله محتجب ) ، ويقول عن رسول الله كيف خلقه الله : ( أما جيله فمن يصفه ؟ ) ، ويقول عن عمل الله : ( من كان مشيره فيه ) ، لذلك يقول الله للطبيعة البشرية : (كما تعلو السماء عن الأرض هكذا تعلو طرقي عن طريقكم وأفكاركم ) ، لذلك أقول لكم أن كيفية القدر غير واضحة للإنسان وإن كان ثبوته حقيقيا كما قلت لكم ، أفيجب إذاً على الإنسان أن ينكر الواقع لأنه لا يقدر أن يعرف كيفيته ؟ ، حقا إني لم أجد أحدا يرفض الصحة وإن لم يمكن أدراك كيفيتها ، لأني لا أدري حتى الآن كيف يشفي الله المرض بواسطة لمسي .