الفصل السادس والستون بعد المائة



أجاب اندراوس : ولكن كيف يجب أن يفهم ما قال الله لموسى من أنه يرحّم من يَرحم ويقسِّي من يقسو ؟ ، أجاب يسوع : إنما يقول الله هذا لكيلا يعتقد الإنسان أنه خلص بفضيلته ، بل ليدرك أن الحياة ورحمة الله قد منحهما له الله من جوده ، ويقوله ليتجنب البشر الذهاب إلى أنه يوجد آلهة أخرى سواه ، فإذا هو قسِّى فرعون فإنما فعله لأنه نكل بشعبنا وحاول أن يبغي عليه بإبادة كل الأطفال الذكور من إسرائيل حتى كاد موسى يخسر حياته ، وعليه أقول لكم حقا أن أساس القدر إنما هو شريعة الله وحرية الإرادة البشرية ، بل لو قدّر الله أن يخلص العالم كله حتى لا يهلك أحد لما أراد أن يفعل ذلك ، لكيلا يجرد الإنسان من الحرية التي يحفظها له ليكبت الشيطان حتى يكون لهذه الطينة التي امتهنها الروح ( الشيطان ) ـ وإن أخطأت كما فعل الروح ـ قدرة على التوبة والذهاب للسكن في ذلك الموضع الذي طرد منه الروح ، فأقول أن إلهنا يريد أن يتبع برحمته حرية إرادة الإنسان ، ولا يريد أن يترك بقدرته غير المتناهية المخلوق ، هكذا لا يقدر أحد في يوم الدين أن يعتذر عن خطاياه ، لأنه يتضح له حينئذ كم فعل الله لتجديده وكم وكم قد دعاه إلى التوبة .