الفصل السابع والعشرون بعد المائة
وانصرف يسوع من البرية ودخل أورشليم ، فأسرع من ثم الشعب كله إلى الهيكل ليراه ، فبعد قراءة المزامير ارتقى يسوع الدكة التي كان يرتقيها الكتبة ، وبعد أن أشار بيده إيماءً للصمت قال : أيها الإخوة تبارك اسم الله القدوس الذي خلقنا من طين الأرض لا من روح ملتهب ، لأنه متى أخطأنا وجدنا رحمة عند الله لن يجدها الشيطان أبدا ، لأنه لا يمكن إصلاحه بسبب كبريائه إذ يقول أنه شريف دوما لأنه روح ملتهب ، هل سمعتم أيها الإخوة ما يقول أبونا داود عن إلهنا إنه يذكر أننا تراب وأن روحنا تمضي فلا تعود أيضا فلذلك رحمنا ؟ ، طوبى للذين يعرفون هذه الكلمات لأنهم لا يخطئون إلى ربهم إلى الأبد فإنهم بعد أن يخطئوا يتوبون فلذلك لا تدوم خطيئتهم ، ويل للمتغطرسين لأنهم سيذلون في جمرات الجحيم ، قولوا لي أيها الإخوة ما هو سبب الغطرسة ؟، أيتفق أن يوجد صلاح على الأرض ؟ ، لا البتة لأنه كما يقول سليمان نبي الله : ( إن كل ما تحت الشمس لباطل ) ، ولكن إذا كانت أشياء العالم لا تسوغ لنا الغطرسة بقلبنا فبالأحرى ألا تسوغه حياتنا ، لأنها مثقلة بشقاء كثير لأن كل الحيوانات التي هي دون الإنسان تقاتلنا ، ما أكثر الذين قتلهم حر الصيف المحرق ! ، ما أكثر الذين قتلهم الصقيع وبرد الشتـاء ! ، ما أكثر الذين قتلتهم الصواعق والبرد ! ، ما أكثر الذين غرقوا في البحر بعصف الرياح ! ، ما أكثر الذين ماتوا من الوباء والجوع أو لأن الوحوش الضارية قد افترستهم أو نهشتهم الأفاعي أو خنقهم الطعام ! ، ما أتعس الإنسان المتغطرس إذ أنه يرزح تحت أحمال ثقيلة وتقف له في كل موضع جميع الخلائق بالمرصاد ، ولكن ماذا أقول عن الجسد والحس اللذين لا يطلبان إلا الإثم ، وعن العالم الذي لا يقدم إلا الخطيئة ، وعن الشرير الذي لما كان يخدم الشيطان يضطهد كل من يعيش بحسب شريعة الله ؟ ، ومن المؤكد أيها الإخوة أن الإنسان كما يقول داود : ( لو تأمل الأبدية بعينه لما أخطأ )، ليس تغطرس الإنسان بقلبه سوى إقفال رأفة الله ورحمته حتى لا يعود يصفح ، لأن أبانا داود يقول : ( إن إلهنا يذكر أننا لسنا سوى تراب وأن روحنا تمضي ولا تعود أيضا )، فمن تغطرس إذاً أنكر أنه تراب وعليه فلما كان لا يعرف حاجته فهو لا يطلب عونا فيغضب الله معينه ، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الله يعفو عن الشيطان لو عرف الشيطان شقاءه وطلب رحمة من خالقه المبارك إلى الأبد .
Powered by Backdrop CMS