الفصل السادس والثلاثون بعد المائة



ففي هذه البقعة الملعونة يقيم الكافرون إلى الأبد ، حتى لو فرض أن العالم ملئ حبوب دخن وكان طير واحد يحمل حبة واحدة منها كل مائة سنة إلى انقضاء العالم لسر الكافرون لو كان يتاح لهم بعد انقضائه الذهاب إلى الجنة ، ولكن ليس لهم هذا الأمل إذ ليس لعذابهم من نهاية ، لأنهم لم يريدوا أن يضعوا حدا لخطيئتهم حبا في الله ، أما المؤمنون فسيكون لهم تعزية لأن لعذابهم نهاية ، فذعر التلاميذ لما سمعوا هذا وقالوا : أيذهب إذا المؤمنون إلى الجحيم ؟ ، أجاب يسوع : يتحتم على كل أحد أيا كان أن يذهب إلى الجحيم ، بيد أن ما لا مشاحة فيه أن الأطهار وأنبياء الله إنما يذهبون إلى هناك ليشاهدوا لا ليكابدوا عقابا ، أما الأبرار فإنهم لا يكابدون إلا الخوف ، وماذا أقول ؟ أفيدكم أنه حتى رسول الله يذهب إلى هناك ليشاهد عدل الله ، فترتعد ثمة الجحيم لحضوره ، وبما أنه ذو جسد بشري يرفع العقاب عن كل ذي جسد بشري من المقضي عليهم بالعقاب فيمكث بلا مكابدة عقاب مدة إقامة رسول الله لمشاهدة الجحيم ، ولكنه لا يقيم هناك إلا طرفة عين ، وإنما يفعل الله هذا ليعرف كل مخلوق أنه نال نفعا من رسول الله ، ومتى ذهب إلى هناك ولولت الشياطين وحاولت الاختباء تحت الجمر المتقد قائلا بعضهم لبعض : اهربوا اهربوا فإن عدونا محمد قد أتى ، فمتى سمع الشيطان ذلك يصفع وجهه بكلتا كفيه ويقول صارخا : (( ذلك بالرغم عني لأشرف مني وهذا إنما فعـل ظلمـا )) ، أما ما يختص بالمؤمنين الذين لهم اثنان وسبعون درجة مع أصحاب الدرجتين الأخيرتين الذين كان لهم إيمان بدون أعمال صالحة إذ كان الفريق الأول حزينا على الأعمال الصالحة والآخر مسرورا بالشر ، فسيمكثون جميعا في الجحيم سبعين ألف سنة ، وبعد هذه السنين يجيء الملاك جبريل إلى الجحيم ويسمعهم يقولون : يا محمد أين وعدك لنا أن من كان على دينك لا يمكث في الجحيم إلى الأبد ، فيعود حينئذ ملاك الله إلى الجنة وبعد أن يقترب من رسول الله باحترام يقص عليه ما سمع ، فحينئذ يكلم الرسول الله ويقول : ربي وإلهي أذكر وعدك لي أنا عبدك بأن لا يمكث الذين قبلوا ديني في الجحيم إلى الأبد ، فيجيب الله : أطلب ما تريد يا خليلي لأني أهبك كل ما تطلب .