الفصل العشرون بعد المائة

 


أما ثمر الكلام الباطل فهو هذا : أنه يوهن البصيرة إلى حد لا يمكنها معه أن تكون مستعدة لقبول الحق ، فهي كفرس اعتاد أن يحمل رطلا من القطن فلم يعد قادرا أن يحمل مائة رطل من الحجر ، ولكن شر من ذلك الرجل الذي يصرف وقته في المزاح ، فمتى أراد أن يصلي ذكّره الشيطان بنفس تلك الفكاهات المزحية حتى أنه عندما يجب عليه أن يبكي على خطاياه لكي يستمنح الله الرحمة ولينال غفران خطاياه يثير بالضحك غضب الله الذي سيؤدبه ويطرحه خارجا ، ويل إذا للمازحين والمتكلمين بالباطل ! ، ولكن إذا كان يمقت إلهنا المازحين والمتكلمين بالباطل فكيف يعتبر الذين يتذمرون ويغتابون جيرانهم وفي أي ورطة يكون الذين يتخذون ارتكاب الخطايا ضربا من التجارة على غاية الضرورة ؟ ، أيها العالم الدنس لا أقدر أن أتصور بأي صرامة يقتص منك الله ، فعلى من يجاهد نفسه أن يعطي كلامه بثمن الذهب ، أجاب تلاميذه : ولكن من يشتري كلام امرئ بثمن الذهب ؟ ، لا أحد قط ، وكيف يجاهد نفسه ؟ من المؤكد أنه يصير طماعا ؟ ، أجاب يسوع : إن قلبكم ثقيل جدا حتى أني لا اقدر على رفعه ، لذلك لزم أن أفيدكم معنى كل كلمة ، ولكن اشكروا الله الذي وهبكم نعمة لتعرفوا أسرار الله ، لا أقول أن على التائب أن يبيع كلامه بل أقول أنه متى تكلم وجب عليه أن يحسب أنه يلفظ ذهبا ، حقا إنه إذا فعل ذلك فإنه يتكلم متى كان الكلام ضروريا فقط كما يصرف الذهب على الأشياء الضرورية ، فكما لا يصرف أحد ذهبا على شيء يكون من ورائه ضرر بجسده كذلك لا ينبغي له أن يتكلم عن شيء قد يضر نفسه .