بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد ، وعلى الأتقياء الأوفياء من آله وصحبه ، من الأولين والآخرين ، أما بعد :
إن هذه المسألة من المسائل المصيريـة والاعتقادات الفصلية في أمر المهدي عليه السلام ، وهي مسألة اعتقاد البعض ( كفر كل من اعتقد أن الله يرسل المهدي عليه السلام ) * وقد تولى كبر هذه الضلالة في وقتنا مخبول بريدة القصيم المدعو عبدالكريم الحميد أبي حصان ، وتلقفها عنه بعض السفهاء أهل الحمق والغرور ممن ارتكس في الجهل والخسران .
وهذه المسألة الآن تعد من أخطر المعتقدات التي تعلقت بأمره وأُحدِثَتْ من المبطلين المكذبين في رده ، حتى بلغ الأمر أن قد يهلك أو هلك من اعتقد هذا الاعتقاد المنكر العظيم على ما ثبت لدينا في واقع الكثير ما ليس هذا أوان ومناسبة ذكره .
ومن البلاء في ذلك أن جرَّأ بعض السفهاء على هذا المعتقد ، بعض العامة من الناس ممن يجهل جهلا مركبا في مثل هذا المبحث وغيره من مباحث الشرع ، ودفعوهم له أو كانوا سببا لذلك ، حتى حسبوه من الحق الذي لا يطرقه الشك بتاتا فضلا عن أن يكون من الباطل يقينا .
وفي عداد هؤلاء ممن ضلوا بهذه الفرية العظيمة أقرباء للمهدي اللحيدي عليه السلام نفسه ، بله من أشدهم قربا لقلبه ومحبة ! ، وتلك وربي بلية عظيمة وفتنة وخيمة على أهلها ، تقحمها من ضل منهم وجهل ، جهلا وضلالا عظيما مبينا بأدلة المنع من ذلك ، وإدراك أن حقيقة هذا المعتقد المنكر تكذيب الله تعالى ورسوله ، وتكفير صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم ممن روي عنه القول بأن المهدي إنما يخرج بعثا من المولى عز وجل ، والبعث إنما حقيقته لما يكون من المولى العزيز الحكيم أن يكون إرسالا شرعيا مرضيا لله ، ولا معنى له غير ذلك ، فكيف أقدم بعض الطغام من السفلة والحمقى الجهال بالجرأة على اعتقاد هذا أو التلفظ به على الرغم من ذلك ؟ ، لا شك ما جرَّأَهم على هذا إلا الجهل بمعنى الأدلة المانعة منه ، لأن هؤلاء لو علموا أنه يلزم من هذا الاعتقاد الظني ، تكذيب الله تعالى ورسوله ، وتكفير من قال به من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما جرؤا عليه بعد ذلك وفيهم ذرة مـن خشية الله تعالى ، أو مسكة من عقل وجذوة من بصيرة .
واليوم من أجل التنبيه على هذا الأمر الجلل الخطير ، وإشعار أتباع المهدي عليه السلام بأهمية هذا الأمر وضرورة المفاصلة عليه في عقيدتهم ودينهم ، فقد يُلهي المرء نصحه لمن يحب وطمعه بهداية الآخرين لما يعتقد من الحق في أمر بعث المهدي عليه السلام ، فيكثر لهم في الجدال وتبيين محل البراهين من أمره بعيدا عن التأكيد والتفصيل في هذا المبحث الأهم والخطير ، والذي هو من العقيدة والفريضة في الفرق ما بين حدود الكفر والإيمان ، والتصديق والنكران في محل الأصول من أوثق الأركان ، لا ينبغي التغافل عنه وتركه بعيدا عن الإيضاح والبيان ، فالقوم يكفرون على هذا ويعتقدون البهتان ، أنتم تدعونهم للحق في أمر المهدي والفرقان ، وهم يعتقدون بكم الكفر بتكذيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وربنا الرحمن ، ما يحتم في اعتقاد أهل الحق والتصديق مجابهتهم في باطلهم هذا من الابتداء وإيقافهم على حقيقته الشرعية القرآنية السنية ، وتعريفهم بمدى شدة شناعة هذا المنكر ، وكيف أنه من الباطل والمحال لما بينه المهدي عليه السلام من أدلة السنة والكتاب في رده على بعض القائلين بهذا المنكر العظيم من أهل البهت والنكران ـ ومنهم وأخصهم سفيه بريدة القصيم أبي حصان ـ وذلك في كتابه ( فتح المنان ) وأن لازم هذا المنكر العظيم ومقتضاه كفر القائل نفسه نعوذ بالله تعالى من الخيبة والخسران بالردة عن هذا الدين العظيم .
وما درج على هؤلاء الجهلة هذا المنكر وتساهلوا في وهلهم وظنوه حقا إلا من استنكارهم إطلاق لفظة الإرسال على المهدي وليس في حسبانهم أن القرآن أوردها صريحة ويريد بها المهدي عليه السلام ، وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قالها جلية في حفيده ، فكيف يقال بعد هذا بتكفير معتقد الإرسال في المهدي إلا ممن لا يعقل ويعي ، وإلا ما وقع بهذا الكفر وجره على دينه وعقيدته بنفسه ، وفي القرآن والسنة ما يمنع من هذا ويبطله .
..........
* أصل هذا الكتاب مقالة نشرت في موقع المهدي عليه السلام بتاريخ 16/4/1425 هـ .
Powered by Backdrop CMS