فصــل

 

﴿ استطراد ⁽⁵⁾ ﴾

 

لماذا قال الله تعالى في آية سورة الدخان : ﴿..ثم تولوا عنه وقالوا معلَّمٌ مجنون ﴾ . ولم يقل ( رسولٌ ) أو ( نبيٌ ) ؟! ، قال ذلك على لسان حال مخالفيه ، لكن لما وصفه عن نفسه قال ( رسول ) .

 

من عرف جواب هذا السؤال بعلم ، أيقن مدى غباء هذه الأمة وإضاعتها للذكر الذي جعله الله تعالى فيها ، وذلك كما ورد في قوله تعالى : ﴿ لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ﴾ ! .

 

وقوله تعالى : ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون . ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدثٍ إلا استمعوه وهم يلعبون ﴾ .

 

وغير هذا من آيات تنص على أن في القرآن ذكرا يجب العناية به ، لكن مع الأسف الأمر كما قال تعالى يستمعون وهم يلعبون ولا يعون ، مع أن المصطفى صلى الله عليه وسلم  قد بين لهم ، قال تعالى : ﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ﴾ .

 

ولا نراهم تفكروا بل جهلوا والتهوا عما نص عليه كتاب الله العزيز في خبر المهدي عليه السلام والذي سيكون عليه مدار ذكر هذه الأمة بل ذكر العالمين ! ، وباتت حالهم كحال من قال فيهم ربنا سبحانه : ﴿ الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا ﴾ .

 

والذكر اسم عام يدخل فيه كل أخبار الله تعالى المستقبلية وأخبار رسله ، وليس هو خاص بالقرآن ، بل يدخل فيه أخبار القرآن سابقة ولاحقة ، وأخبار كل كتب الله تعالى ورسله السابقة ، وممـا يدل على هذا قوله تعالى : ﴿ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾ .

 

وبالتأكيد هنا لا يحيل على من عنده علم القرآن ، بل على من عنده علم ما ورد في الكتب السابقة ! ومع هذا وصفهم بأهل الذكر .

 

لكن يبقى للقرآن ذكرا خاصا بهذه الأمة ، يحدث لاحقا لكن أكثر الناس لا يعقلون ، قال تعالى : ﴿ وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ﴾ ! .

 

وهنا تفيد هذه الآية ومثلها مما ذكر آنفا أن الذكر يحدث بعد إن لم يكن وإنما القرآن يخبر بنبأ هذا الذكر وليس القرآن كلام الله تعالى بذاته محدث ، فكلام الله عز وجل يبقى كلاما له غير محدث ، إنما الإحداث واقع على ذكرهم الخاص إن لم يتقو ! .

 

وهذا وعيد مبطن بالإِشارة إلى أن هذه الأمة لن تترك هملا ، فإما تتقي أو سيحدث لهم ذكرا يذل به أهل معصيته ، ويعز به أهل طاعته والله فعال لما يريد سبحانه .

 

تعرفوا على جواب هذا السؤال مثل ما قلت لكم ، تعرفوا مدى غباء هذه الأمة الجاهلة .