فصــل
﴿ السؤال الأول (1) ﴾
هذا السؤال والذي يليه يعدان سؤالان صغيران في جملتيهما لكنهما عظيمان في هدفيهما ، وقل مثل ذلك في السؤال الثالث .
فهل يعقل أن يعلق الله تعالى في مشيئته أمرا باطلا ؟! ، أو محالا ؟! .
أقول هذا وأعني به ما يلي : هل يعقل أن يعلق الله تعالى بمشيئته إعادة المصطفى للدنيا ، وأن يرسل في أمته من بعده رسولا وهو لا يريد فعل ذلك ، بل هو عنده من المحالات أو المحرمات ، ومن جوز هذا في أخبار الله تعالى وحكمته فهو ضال غير مدرك لما ينسبه لله العظيم المتعال .
قال تعالى : ﴿ ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا . فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ﴾ . قال هذا لرسوله وهو في مكة يحثه على جهادهم وينبهه على مسؤولية ما أناط به من إعلان توحيده والبراءة من شركهم ، منبها له على أني لو شئت لبعثت غيرك لا فيما يجاور قريتك فقط !! ، بل في كل قرية من قرى العرب أنا قادر على إرسال رسول ينذر الناس وينهاهم عن الشرك .
ويستقر في المدينة ويخبر الناس أن الله عز وجل سيبعث في آخر الزمان رجلا من ذريته بقوله : صلى الله عليه وسلمثم يأتي فيما بعد رسول الله ( أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل ) . وقوله في أكثر من خبر : ( .. ثم يبعث الله تعالى .... ) .
وبهذا يتضح أنه يواطىء لفظ القرآن وهو الذي عرف عنه تحري ما في القرآن في كل شيء ، فيختار في خبره عن المهدي ما اختار الله تعالى في آية نبأ بعث الرسل ( لبعثنا ) فيقول في المهدي ( يبعث ) وهل لمن فرق ما بين المعنى المراد في كلمة الله والمعنى المراد في كلمة رسول الله أي حجة !! ، بل الصحيح أن كليهما المعنى المراد منهما واحد ، فليفرقوا ما شاؤوا فما هم إلا مكذبين دجاجلة ، يحسبون الجهلة أنهم وعوا ما لم يعِ نبي الله الذي آتاه الله تعالى علم ما كان وما سيكون إلى دخول أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار !! .
الضلال والعياذ بالله بإخباره عن الله بمحال أو باطل ، وكيف والله تعالى بنفسه سبحانه أشار قبل ذلك لجواز تحقق هذا إلا أنه علقه بالمشيئة ! .صلى الله عليه وسلملا يعقل أبدا أن يكـون الله تعالى في مكة يعلق خبر البعث بالمشيئة ، والنبي في المدينة يجزم به ويخبر أنه سيتحقق في آخر الزمان برجل من ذريته ، وبهذا يخرج الأمر عن أن يكون محالا أو باطلا ، إذاً هؤلاء ينسبون لرسول الله
لكن الحق أقول أن هؤلاء الجهلة المنكرين لهذا الأمر إنما هم آخذون بنسبة جهالاتهم لحكمة الله وتقديره ويطرحونها في وجه الحق ، ضلالا وبعدا عن صراطه المستقيم والعياذ بالله تعالى .
ويكفي في هذا بيانا وتيسيرا لإيضاح مدى شدة ما هم فيه من زيغ وبعد عن إدراك حقيقة هذا الحق المبين ، وأنَّى لمن كان بهذه المثابة من ضعف الإدراك أن يهتدي للحق إذ جاءه ؟! ، وسترون كم هم عاجزون عن الجواب على هذه الأسئلة .
(1) نشرت هذه المقالة في منتديات المهدي بتاريخ ( 25/2/1424 هـ الموافق 27/4/2003 ) .