الفصل التاسع والثلاثون بعد المائة
أما يسوع فوجده الذي يكتب ويعقوب ويوحنا ، فقالوا وهم باكين يا معلم لماذا هربت منا ؟ ، فلقد طلبناك ونحن حزانى بل إن التلاميذ كلهم طلبوك باكين ، فأجاب يسوع : إنما هربت لأني علمت أن جيشا من الشياطين يهيء لي ما سترونه بعد برهة وجيزة ، فسيقوم على رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب وسيطلبون أمرا من الحاكم الروماني بقتلي ، لأنهم يخافون أن أغتصب ملك إسرائيل ، وعلاوة على هذا فإن واحدا من تلاميذي يبيعني ويسلمني كما بيع يوسف إلى مصر ، ولكن الله العادل سيوثقه كما يقـول النبي داود : ( من نصب فخا لأخيه وقع فيه ) ، ولكن الله سيخلصني من أيديهم وسينقلني من العالم ، فخاف التلاميذ الثلاثة ، ولكن يسوع عزاهم قائلا : لا تخافوا لأنه لا يسلمني أحد منكم ، فكان لهم بهذا شيء من العزاء ، وجاء في اليوم التالي ستة وثلاثون تلميذا من تلاميذ يسوع مثنى مثنى ، ومكث في دمشق ينتظر الباقين ، وحزن كل منهم لأنهم عرفوا أن يسوع سينصرف من العالم ، لذلك فتح فاه وقال : إن من يسير دون أن يعلم إلى أين يذهب لهو تعيس ، وأتعس منه من هو قادر ويعرف كيف يبلغ نزلا حسنا ومع ذلك يريد أن يمكث في الطريق القذرة والمطر وخطر اللصوص ، قولوا لي أيها الإخوة هل هذا العالم وطننا ؟ لا البتة فان الإنسان الأول طرد إلى العالم منفيا ، فهو يكابد فيه عقوبة خطئه ، أيمكن أن يوجد منفي لا يبالي بالعودة إلى وطنه الغني وقد وجد نفسه في الفاقة ؟ ، حقا إن العقل لينكر ذلك ولكن الإختبار يثبته بالبرهان ، لأن محبي العالم لا يفكرون في الموت ، بل عندما يكلمهم عنه أحد لا يصغون إلى كلامه .
Powered by Backdrop CMS