الفصل الخامس والخمسون بعد المائة

 


حينئذ دعا رئيس الكهنة سرا كاهنين شيخين وأرسلهم إلى يسوع الذي كان قد خرج من الهيكل وكان جالسا في رواق سليمان منتظرا ليصلي صلاة الظهيرة ، وكان بجانبه تلاميذه مع جم غفير من الشعب ، فاقترب الكاهنان من يسوع وقالا : لماذا أكل الإنسان حنطة وثمرا ؟ ، هل أراد الله أن يأكلهما أم لا ؟ ، وإنما قالا هذا ليجرباه ، لأنه لو قال : أن الله أراد ذلك لأجابا : لماذا نهى عنها ؟ ، وإذا قال : أن الله لم يرد ذلك يقولان : أن للإنسان قوة أعظم من الله لأنه يعمل ضد إرادة الله ، أجاب يسوع : إن سؤالكما كطريق في جبل ذو جرف عن اليمين وعن اليسار ولكن أسير في الوسط ، فلما سمع الكاهنان ذلك تحيرا لأنهما أدركا أن يسوع قد فهم قلبيهما ، ثم قال يسوع : لما كان كل إنسان محتاجا كان يعمل كل شيء لأجل منفعته ، ولكن الله الذي لا يحتاج إلى شيء عمل بحسب مشيئته ، لذلك لما خلق الإنسان خلقه حرا ليعلم أن ليس لله حاجة إليه ، كما يفعل الملك الذي يعطى حرية لعبيده ليظهر ثروته وليكون عبيده أشد حبا له ، إذاً قد خلق الله الإنسان حرا لكي يكون أشد حبا لخالقه وليعرف جوده ، لأن الله وهو قادر على كل شيء غير محتاج إلى الإنسان فإنه إذ خلقه بقدرته على كل شيء تركه حرا بجوده على طريقة يمكنه معها مقاومة الشر وفعل الخير ، وإن الله على قدرته على منع الخطيئة لم يرد أن يضاد جوده ( إذ ليس عند الله تضاد ) فلما عملت قدرته على كل شيء وجوده ( عملهما ) في الإنسان لم يقاوم الخطيئة في الإنسان لكي تعمل في الإنسان رحمة الله وبره ، وآية صدقي هي أن أقول لكما أن رئيس الكهنة قد أرسلكما لتجرباني وهذا هو ثمر كهنوته ، فانصرف الشيخان وقصا كل شيء على رئيس الكهنة الذي قال : إن وراء ظهر هذا الشخص الشيطان الذي يلقنه كل شيء ، لأنه يطمح إلى ملكية إسرائيل ، ولكن الأمر في ذلك لله .