الفصل الخامس والعشرون بعد المائة

 


وإني لأعود الآن إلى البخل ، فأفيدكم أنه متى أراد الحس الحصول على شيء أو حرص عليه يجب أن يقول العقل : لا بد من نهاية لهذا الشيء ، ومن المؤكد أنه إذا كان له نهاية فمن الجنون أن يحب ، لذلك وجب على الإنسان أن يحب ويحرص على ما لانهاية له ، فليتحول بخل الإنسان إذا إلى صدقة موزعاً بالعدل ما أخذه بالظلم ، وليكن على انتباه حتى لا تعرف اليد اليسرى ما تفعله اليد اليمنى ، لأن المرائين إذا تصدقوا يحبون أن ينظرهم ويمدحهم العالم ولكن الحق أنهم مغرورون لأن من يشتغل لإنسان فمنه يأخذ أجره ، فإذا نال إنسان شيئا من الله وجب عليه أن يخدم الله ، وتوخُّوا متى تصدقتم أن تحسوا أنكم تعطون الله كل شيء حبا في الله ، فلا تبطئون في العطاء وأعطوا خير ما عندكم حبا في الله ، قولوا لي أتريدون أن تنالوا شيئا رديئا من الله ؟ لا البتة أيها التراب والرماد ، فكيف يكون عندكم إيمان إذا أعطيتم شيئا رديئا حبا في الله ؟ ، ألا تعطوا شيئا خير من أن تعطوا شيئا رديئا ، لأن لكم في عدم العطاء شيئا من المعذرة في عرف العالم ، ولكن ما تكون معذرتكم في إعطاء شيء لا قيمة له وإبقاء الأفضل لأنفسكم ؟ ، وهذا كل ما أملك أن أقول لكم في شأن التوبة ، أجاب برنابا : كم يجب أن تدوم التوبة ، أجاب يسوع : يجب على الإنسان ما دام في حال الخطيئة أن يتوب ويقوم بجهاد نفسه ، فكما أن الحياة البشرية تخطئ على الدوام وجب عليها أن تقوم بجهاد النفس على الدوام ، إلا إذا كنتم تحسبون أحذيتكم أكرم من نفسكم لأنه كلما انفتق حذاؤكم أصلحتموه .