الفصل الستون

الجحيم واحدة وهي ضد الجنة كما أن الشتاء هو ضد الصيف والبرد ضد الحر ، فلذلك يجب على من يصف شقاء الجحيم أن يكون قد رأى جنة نعيم الله ، يا له من مكان ملعون بعدل الله لأجل لعنة الكافرين والمنبوذين ، الذين قال عنهم أيوب خليل الله : ( ليس من نظام هناك بل خوف أبدي ) ويقول إشعيا النبي في المنبوذين : ( إن لهيبهم لا ينطفئ ودودهم لا يموت ) وقال داود أبونا باكيا : ( حينئذ يمطر عليهم برقا وصواعق وكبريتا وعاصفة شديدة ) تبا لهم من خطاة تعساء ما أشد كراهتهم حينئذ للحوم الطيبة والثياب الثمينة والأرائك الوثيرة وألحان الغناء الرخيمة ، ما أشد ما يسقمهم الجوع واللهب اللذاعة والجمر المحرق والعذاب الأليم مع البكاء المر الشديد ) ثم أنّ يسوع أنـّة أسف قائلا : حقا خير لهم لو لم يكونوا من أن يعانوا هذا العذاب الأليم ، تصوروا رجلا يعاني العذاب في كل جارحة من جسده وليس ثم من يرثي له بل الجميع يستهزئون به ، أخبروني ألا يكون هذا ألما مبرحا ؟ فأجاب التلاميذ : أشد تبريح ، فقال يسوع : إن هذا لنعيم الجحيم ، لأني أقول لكم بالحق أنه لو وضع الله في كفة كل الآلام التي عاناها الناس في هذا العالم والتي سيعانونها حتى يوم الدين وفي الكفة الأخرى ساعة واحدة من ألم الجحيم لإختار المنبوذون بدون ريب المحن العالمية ، لأن العالمية تأتي على يد الإنسان أما الأخرى فعلى يد الشياطين الذين لا شفقة لهم على الإطلاق ، فما أشد الذي سيصلونه الخطاة الأشقياء ، ما أشد البرد القارس الذي لا يخفف لهبهم ، ما أشد صرير الأسنان والبكاء والعويل ، لأن ماء الأردن أقل من الدموع التي ستجري كل دقيقة من عيونهم ، وستلعن هنا ألسنتهم كل المخلوقات مع أبيهم وأمهم وخالقهم المبارك إلى الأبد .