الفصل العاشر بعد المائتين
ولما هدأ الاضطراب في الهيكل بإنصراف يسوع صعد رئيس الكهنة ، وبعد أن أومأ بيديه للصمت قال : ماذا نفعل أيها الإخوة ؟ ألا ترون أنه قد أضل العالم كله بعمله الشيطاني ؟ ، فإذا لم يكن ساحرا فكيف اختفى الآن ، فحقا إنه لو كان طاهرا ونبيا لما جدف على الله وعلى موسى خادمه وعلى مسيا الذي هو أمل إسرائيل ، وماذا أقول ؟ ، فلقد جدف على طغمة كهنتنا برمتها ، فالحق أقول لكم أنه إذا لم يزل من العالم تدنس إسرائيل ودفعنا الله إلى الأمم ، انظروا الآن كيف قد تدنس هذا الهيكل المقدس بسببه ، وتكلم رئيس الكهنة بطريقة أعرض لأجلها كثيرون عن يسوع ، فتحول بذلك الإضطهاد السري إلى إضطهاد علني ، حتى أن رئيس الكهنة ذهب بنفسه إلى هيرودس وإلى الوالي الروماني متهما يسوع بأنه رغب في أن يجعل نفسه ملكا على إسرائيل ، وكان عندهم على هذا شهود زور ، فالتأم من ثم مجلس عام ضد يسوع لأن أمر الرومانيين أخافهم ، ذلك أن مجلس الشيوخ الروماني أرسل أمرين بشأن يسوع ، يتوعد في أحدهما بالموت من يدعو يسوع الناصري نبي اليهود الله ، ويتوعد في الآخر بالموت من يشاغب في شأن يسوع الناصري نبي اليهود ، فلهذا السبب وقع الشقاق فيما بينهم ، فرغب بعضهم في أن يعودوا فيكتبوا إلى رومية يشكون يسوع .
وقال آخرون أنه يجب أن يتركوا يسوع وشأنه غاضين النظر عما قال كأنه معتوه ، وأورد آخرون الآيات العظيمة التي فعلها ، فأمر رئيس الكهنة بأن لا يتفوه أحد بكلمة دفاع عن يسوع إلا كان تحت طائلة الحرم ، ثم كلم هيرودس والوالي قائلا : كيفما كانت الحال فان بين أيدينا معضلة ، لأننا إذا قتلنا هذا الخاطئ خالفنا أمر قيصر ، وإن تركناه حيا وجعل نفسه ملكا فكيف يكون المآل ؟ ، فوقف حينئذ هيرودس وهدد الوالي قائلا : احذر من أن يكون عطفك على ذلك الرجل باعثا على ثورة هذه البلاد ، لأني أتهمك بالعصيان أمام قيصر ، حينئذ خاف الوالي مجلس الشيوخ وصالح هيرودس وكانا قبل هذا قد أبغض أحدهما الآخر إلى الموت ، واتحدا معا على إماتة يسوع وقالا لرئيس الكهنة : متى علمت أين الأثيم فأرسل إلينا نعطك جنودا ، وقد عمل هذا لتتم نبوءة داود الذي أنبأ بيسوع نبي إسرائيل قائلا : ( اتحد أمراء الأرض وملوكها على قدوس إسرائيل لأنه نادى بخلاص العالم ) ، وعليه فقد حدث تفتيش عام في ذلك اليوم على يسوع في أورشليم كلها .
Powered by Backdrop CMS