ومضى الحميد في ضلاله وإضلاله متماديا بردّه لخبر الله سبحانه دافعا في وجه التأويل تأصيلا على هذيانه الماضي فجاء بسابقة أخرى وهي : أن الرسول لا يكون رسولا إلا بالنبوة ( 1 ) .

وهذه مخرقة جديدة يتحفنا بها ضال بريدة وغايته من هذه أخزاه الله التوصل عند الأغبياء من أتباعه إلى نفي أن يكون الرسول المذكور في سورة الدخان هو المهدي تعطيلا لأمر الله تعالى وجحدا لخبره ، ولقد أتى لإثبات ذلك بمحال وفي الظهر رأى الهلال ، وهي كبوة تلت أختها ، والعقرب حان قتلها . فيقال لأبي عذرتها من أين  لك هذا ؟! ، والله تعالى قال : ﴿  وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث إلاّ  إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته  فينسخ  الله  ما يلقي الشيطان ثم  يحكم  الله  آياته و الله  عليم حكيم ﴾ ( 2 ) . فإياك أبا حصان أن تلج غير مولجك وتخوض في غير بركتك ، وقد خاض في بحر المهدي من هو أكبر من منزلتك لكنه لم يجرؤ جرأتك ، فقال : قد ضمن الله للرسول والنبي أن ينسخ ما يلقي الشيطان في أمنيته ، ولم يضمن ذلك للمحدَّث ، ولهذا كان في الحرف الآخر الذي كان يقرأ به ابن عباس وغيره : ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث ﴾ ويحمل والله أعلم ألا يكون هذا الحرف متلوا ، حيث لم يضمن نسخ ما ألقى الشيطان في أمنية المحدَّث ، فإن نسخ ما ألقى الشيطان ليس إلاّ للأنبياء والمرسلين إذ هم معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى أن يستقر فيه شيء من إلقاء الشيطان ، وغيرهم لا تجب عصمته من ذلك ، وإن كان من أولياء الله المتقين .. اهـ ( 3 ) .

فانظر أخي المؤمن كيف ابتدأ كلامه بعدم الجزم على مراده وهو ليس فيما نحن فيه من أمر عظيم ، ثم انظر لهذا الزنيم القصيمي كيف ينحي القراءة من أصلها ويجحدها من غير خوف من الله ولا أمانة علمية ، وقد ثبت جحده على الدعوة المهدية أكثر من هذا وهو بهذا ليس عدلا ولا ثقة وجرحه بهذا بين ظاهر لمن آتاه الله بصيرة في الدين .

       وما قرره إمام الأئمة هنا ليس فيما نحن فيه إلا أنه لا محذور من الإدلاء والإبداء مع الأخلاّء ، فأقول : لم يتفق على معنى الأمنية في الآيـة ، وما ترجح عندي هو أنها أعم من كل ما ذكروه ، والمراد عموم الدعوة لا أصل التبليغ وحده ، أي قد يكون إلقاؤه في غير سبيل البلاغ بقصد التشويش والتلبيس فيبطل الله كيده ويزيل إلقاءه أيا كان . وأما كلامه عن الضمانة هنا خطأ لا شك فيه وهي دعوى مبناها على الظن ، وإن كان مراده رحمه الله بغير متلو النسخ فلا يستقيم هذا أيضا فهو خبر والخبر لا ينسخ ، وقد ثبت عن ابن عباس وأبي بن كعب رضي الله عنهما هذه التلاوة على هذا النحو .

وأقول هنا : إن جاز فيمن سبق إرسال من هو محدّث مع كثرة بعث وإرسال الرسل والأنبياء قبل هذه الأمة وفي بني إسرائيل على الخصوص فما المانع من أن يكون بعث وخروج المهدي إرسالا من المولى عز وجل وليس في هذه الأمة إلا نبيا واحدا وهو سيدي وإمامي عليه السلام ، إكراما لهذه الأمـة ورحمة بها ، وهذا وفق النظر السليم ، فكيف إذا ثبت صحة تحقق هذا عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما بينته سابقا ، ولا شك أن إنكار هذا بعد هذا يعدّ تكذيبا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وهل يريد الحميد أبي حصان ترك بشرى الرحمن لمحدثات أفكاره وسقطات هذيانه .

وأنا لا أشك هنا أن الحميد وغيره من ضلال هذه الأمة انقدحت عندهم شبهة تلازم الإرسال والتشريع ، وأنه لا يكون الرسول رسولا إلا بتشريع جديد وهذا باطل من الاعتقاد ووهم وقع به كثير من الناس ، قال الحميد في رده : ومن زعم أن الله يرسل رسولا بعد محمد صلى الله عليه وسلم سواء المهدي أو غيره فهو كافر ، حتى عيسى عليه السلام حين نزوله من السماء لا يقال : إنه مرسل إلينا حيث إنه تابع لمحمد يحكم بشرعه ( 4 ) .

وهذه منه بلية عظيمة ، ولغو أخرق ، فعيسى رفع رسولا وسيعود رسولا عظيما هو ومن معه ، بل جاء عن نبينا أنه يضع الجزية وهذا ليس من تشريع محمد صلى الله عليه وسلم  ولا ينافي هذا لا الختم بمحمد عليه الصلاة والسلام ولا بكون عيسى رسولا لله ، ولا معنى هنا أبدا لما قرر الحميد بعدم إرساله إلينا ، والضمير في إلينا إنما يعود للحميد وكل أخرق أرعن مثله ، وهؤلاء ما بعث عيسى ومحمد والمهدي إلا لفضح أحوالهم وإبطال أقوالهم التي زيفوا بها دين الله الحق وأذهبوا نور كلماته ، ولا وجود أبدا حقيقي لأصحاب هذا الضمير من دون الإنسانية جمعاء ، وعودة رسل الله ومعهم محمد صلى الله عليه وسلم ما هو إلا إتماما وختما لجميع رسالات رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم ، وهكذا اقتضت إرادة المولى عز وجل أن يشهد على كل أمة رسولها ، وعيسى حينما يرجع رسولا لله شاهدا على بني إسرائيل وخراف النصارى ومن اللغو البارد القول هو رسول لهم لا رسول لنا ، والحق أنه رسول الله ويعمل بأمر الله لا ينسخ شريعة الله المنزلة على محمد صلى الله عليه وسلم بل هو متبع يعود في غير زمان تكليف ، والمهدي مثله تابع لرسول الله عامل بشريعته ولا ينافي أبدا هذا كونه يرسل من الله عز وجل ، إلا عند الحميد الجاهل وأمثاله ، يوضحه الآتي :

   أنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : " لقد كان فيمن قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر "  ( 5 ) .

وفي لفظ : " قد كان فيمن مضى من الأمم محدّثون "  ( 6 ) .

وكون هؤلاء غير أنبياء مع هذا التكليم والتحديث ، ومع هذا جاز على بعضهم الإرسال بنص قراءة ابن عباس وأبي بن كعب وفي هذا أبلغ رد وإبطال لمعتقد الحميد الزائف في جعل النبوة لازمة للإرسال ، ليتوصل الخبيث بهذا إلى زعم إبطال اعتقادي إرسال المهدي ومن ثم تكفيري بهذا اللازم في معتقده وكل هذا الباطل المبني على باطل ، ظلمات متراكمة في قلب هذا الزنيم .

وأغرب شيء وأعجبه من هذا الضال حين أنكر في هذا الباب أن يكون في الأمة محدَّث غير عمر مكابرة وجحودا على الدعوة المهدية وتعد هذه من مفردات أبي حصان قبحه الله تعالى ، وسيأتي بحول الله بطلان قوله هذا وتفصيل الرد عليه ، وبيان مدى كذبه بهذا النفي على غيب الله تعالى ، وقـد أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن بعده سيكون ( معلَّمان ) عمر والمهدي .

 وقد نص القرآن على أن زمن المعلَّم الثاني الذي هو المهدي سيكون في زمن انبعاث الدخان وقد علم أن الدخان من أشراط الساعة آخر الزمان ، وسيأتي زيادة في تفصيل ذلك في استدراكي على ابن تيمية في قوله باستغناء الأمـة بالقرآن والسنة عن حتى المحدَّث ! .

       وهكذا لا يستقيم لا للحميد ولا لغيره من ضلال الجزيرة وغيرهم إنكار جواز تحقق ذلك في هذه الأمة المرحومة أبدا ، ومن أراد بالجدال إبطال صحة ثبوت وجواز وقوع هذا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم أسوة من سبق فقد طالب بالمحال ، قال ابن عباس : لم يكن في بني إسرائيل شيء إلا وهو فيكم كائن (7)وعن ابن عمرو : لتركبن سنة من كان قبلكم حلوها ومرها ( 8 ) . وعن ابن مسعود : أنتم أشبه الناس سمتا وهيئة ببني إسرائيل تتبعون آثارهم حذو القذة بالقذة حتى لا يكون فيهم شيء إلا كان فيكم مثله ( 9 ) .  وجاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " لا تترك هذه الأمة شيئا من سنن الأولين حتى تأتيه " ( 10 )  .

ومن السنن سنة الاستخلاف وهي ستكون في هذه الأمة مثل ما كانت في بني إسرائيل سواء بسواء وعلى هذا نص كتاب ربنا ، قال تعالى في ذلك : ﴿ وعد الله  الذين  آمنوا  منكم  وعملوا  الصالحات  ليستخلفنهم  في الأرض كما استخلف الـذين مـن قبلهم ﴾ ( 11 ) . وقال كذلك تبارك وتعالى : ﴿ ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ﴾ ( 12 )  . وهكذا يتفضل جل ثناؤه عليهم ويذكرهم بنعمه فعد من ذلك إتيانهم الحكم ، وهو حكم خـاص لا يكون إلاّ من الله تعالى ، لا يكون إلاّ بسبيل من سبل الوحي ، ولذا جعله قرينا بالذكر مع الكتاب والنبوة كما في قوله عز وجل : ﴿ أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ﴾ ( 13 ) . وهو حكم خاص كما قلت يؤتى به العبد من لدن العلي العظيم كما يؤتي عباده الكتاب والنبوة ، قال في ذلك عز وجل : ﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ﴾ ( 14 )  .

ولا يكون هذا الاستخلاف بهذا الحكم الخاص في هذه الأمة إلاّ للمهدي جريا على سنة من سبق ولذا قال تعالى : ﴿ ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ﴾ أتى هنا بالكاف للتشبيه ، والتي تقتضي المشابهة بالصفة ، وهذا مما لم يقع من قبل وإنما هو أمر خاص وتمليك خاص لا يكون إلا لمهدي الله تعالى ، ولا يكون إلاّ بوحي من الله تعالى ، وكل من كذّب هذا فهو مكذب لله عز وجل في خبره وراد عليه كاف التشبيه ، أو يدلنا على زمان ومكان تحقق هذه النبوءة من قبل في هذه الأمة ، وهيهات أن يثبت هذا إلاّ لمهدي الله تعالى وخليفته ، ومن أجل هذا الذي أقرره هنا بعينه وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم مهدي الله بالخليفة وأضافه إلى المولى عز وجل في أكثر من حديث ، منها حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم . ثم ذكر شيئا فقال : إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي( 15 ) .

قال بعضهم أن الكنز المذكور هنا ما هو إلا وقف المسجد الحرام ، والصحيح أنه بترول آخر الزمان فهو الكنز بحق ، ولما لم يعِ الناس هذه الحقيقة فات عليهم إدراك أن هذا الخبر قد تحقق تأويله وذلك بالقتال الذي دار بين الأقطاب الثلاثة ، ذاك القتال العَلَم الذي حف به أمور كثيرة نصت عليها العديد من الأخبار سواء بسواء في القرآن أو السنة .

وقد يتساءل الكثير من الناس : إن كان هذا حق فأين الرايات السود وأين القتال وأين هو الخليفة على ما جاء في هذا الحديث ؟!.

فيقال لهؤلاء : أما الرايات ، فأول راية في الإسلام كانت في مهمة سرِّية ، فإن كل مهمة وغاية يَبعَثُ بها الإمام سرية أو ما فوقها تعد راية ، ولا يلزم من ذلك رفرفة الخامات ، إنما العبرة برفرفة القلوب حين يلحق بالتأويل القتال الغير مسبوق ، وها هو الإمام الأكبر العظيم بعث سَرِيَّتَهُ السِّرِّية وراياته الخفية ، وقد كان شديد التأكيد على المواطأة من غير أن يتفطن الكثير من الناس ، وجاهل كل من لم يعِ قوله : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا( 16 )  . لقد كان يعني هذا جيدا مدركا على التمام أن من صفات المولى عز وجل أنه يبدئ ويعيد ، قال عز وجل في ذلك : ﴿ إن بطش ربك لشديد . إنه هو يبدئ ويعيد ﴾ ( 17 ) . وقال : ﴿  يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون . ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم  ﴾ ( 18 )  .  هذه صفة من أعظم صفات الله جل ثناؤه يُظهِرُ فيها عظيم تدبيره وكامل قدرته وعدل ميزانه ، وكما أبرم الأمر مع موسى بليل بهيم ، كذلك مع المهدي أبرم الأمر بخفاء شديد وليلة حالكة ، صباحها سيكون أنور صباح بشمس عظيمة ساطعة .

       ووجه الرد على الحميد وأمثاله من دراويش حنابلة السوء سفهاء جزيرة العرب من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم فيه : " فإنه خليفة الله المهدي " وهذا يرجع بنا إلى ما سبق تقريره في أن المهدي رسولا لله تعالى ، ويلزم من هذا أن إرساله لا يمكن أن يتم إلا بالوحي ولا يمكن للوحي أن يكون في هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالرؤيا فهي الجزء المتبقي منه .

ووجه الإلزام في ذلك كله سواءً الإرسال أو الوحي من قوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وغيره : " خليفة الله " وقد تقرر عند أهل المعرفة الحقة أن المضاف إلى الله تعالى لا يكون مستحقا للإضافة للمولى عز وجل على وجه الإضافة الخاصة لا العامة المشتركة إلاّ لمعنى يختص به يتميز به عن غيره ، وهي إضافة يخص الله بها بعض مخلوقاته توجب الرضى والاصطفاء والقرب والحب والتعظيم وغير هذا من مراتب التشريف والتكريم ، كإضافة البيت ، والناقة ، والروح ، والمهدي ما استحق هذه الإضافة إلاّ لوجه اختص به عن سائر خلفاء هذه الأمة .

ويقال للحميد ابحث عن وجه الاختصاص بحثا علميا تطلب به وجه الله ورضاه بدلا من الجدل بالباطل لرد الحق ، فلعلك ستنتهي بذلك إلى التوصل لصدق دعوتي ومعرفة أنها حق من الله تعالى .  

       وأقول هنا لكل مؤمن صالح يرجو الله تعالى ويطلب مرضاته أن يثق بكلام نبيه قبل كل أحد ويتيقن أن قوله هنا بالإضافة يريد به معنى عظيم اختص به المهدي عن سواه في أمر الخلافة ، فهو لا كسائر الخلفاء الذين يملكون بالوراثة أو الغلبة على الملك لا ، بل لن يكون خليفة إلاّ باختيار الله تعالى ذلك له ومن هنا جـاء الخبر بوصفه خليفة الله عز وجل ، وهـذه سنة فيمن سبق كما قال عز وجل : ﴿ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ﴾ ( 19 ) .  وقال : ﴿  أولئك الذين آتيناهم الكتب والحكم والنبوة ﴾ ( 20 )  . فكما  أن الكتاب والنبوة لا يمكن إلاّ أن تكون منه ، كذلك الحكم هنا منه ، وهذا وجه خصوصية هذا الحكم سواء في بني إسرائيل أو في أمة محمد صلى الله عليه وسلم  بالمهدي ، حكم قرين للكتاب والنبوة في نعمه على عباده ، ولا يمكن تصور فضيلة ذلك وعظيم منزلته إلاّ أن يكون من الكتاب والنبوة بسبب أو أنا واهم أبا حصان !! ، أو لعلك تقول هي في بني إسرائيل كذلك أما في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلا !! .

والحقيقة إلى هذا منتهى اعتقادك أنت وسفلة الحنابلة كلهم ، ظن السوء بوعد الله مع جهل أسوء بحقيقة ذاك الوعد .

       والآن سأذكر لإخوتي المؤمنين كيف تم استخلاف الله تعالى في بني إسرائيل على ما بينته كتبهم التاريخية لنتوصل بذلك إلى فهم كلام ربنا حق الفهم .

كان بنو إسرائيل بعد موسى ويوشع مرجعهم إلى التوراة منصوبة على الأحجار في الهيكل يتحاكمون لها بواسطة من يسمونهم القضاة وهم الرائين قديما والأنبياء فيما بعد ، وكانت هذه حالهم إلى أن طلب اليهود من أحد أنبيائهم وهو صموئيل أن يكون عليهم ملكا كما الأمم غيرهم ، ومما ورد في هذا الآتي :

في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل كل واحد عمل ما حسن في عينيه ، وقضى صموئيل لإسرائيل كل أيام حياته ولما شاخ جعل بنيه قضاة لإسرائيل ، ولم يسلك أبناؤه في طريقه بل مالا وراء المكسب وأخذا رشوة وعوجا القضاء فاجتمع كل شيوخ إسرائيل وجاءوا إلى صموئيل وقالوا له هو ذا أنت قد شخت وابناك لم يسيرا في طريقك ، فالآن اجعل لنا ملكا يقضي لنا كسائر الشعوب ، فساء الأمر في عيني صموئيل إذ قالوا أعطنا ملكا يقضي لنا. فقال الرب لصموئيل : " اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك ، لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم "  ( 21 )  . ثم ذكر لهم على لسان صموئيل المساوئ المترتبة على الملوكية إلاّ أن الشعب اليهودي أصر على طلبه فقالوا : لا بل يكون علينا ملك ، فنكون نحن أيضا مثل سائر الشعوب ويقضي لنا ملكنا ويخرج أمامنا ويحارب حروبنا . فقال الرب عندها لصموئيل :" اسمع لصوتهم وملك عليهم ملكا"  ( 22 )  . وردت الرواية عندهم بتعيين الملك على هذا النحو : سابقا هكذا كان يقول الرجل عند ذهابه ليسأل الله : هلم نذهب إلى الرائي ، لأن النبي كان يدعى سابقا الرائي . وفيما شاول وصبيه آتيان للقاء صموئيل كشف الرب له قبل مجيء شاول قائلا غدا في مثل الآن أرسل إليك رجلا من أرض بنيامين فامسحه رئيسا فيخلص شعبي من يد الفلسطينيين . فأخذ صموئيل قنينة الدهن وصب على رأسه وقبله وقال أليس لأن الرب قد مسحك على ميراثه رئيسا ( 23 )  .

ثم كلم صموئيل الشعب بقضاء المملكة وكتبه في السفر ووضعه أمام الرب فخطب بهم قائلا : ها أنذا قد سمعت لصوتكم وملكت عليكم ملكا ، والآن هو ذا الملك يمشي أمامكم ، وأما أنا فقد شخت وشبت وهوذا أبنائي معكم ، وأنا قد سرت أمامكم منذ صباي إلى هذا اليوم ، ولما رأيتم ناماش ملك بني عمون آتيا عليكم قلتم لي لا بل ملك علينا ملك ، والرب إلهكم ملككم ، فالآن هوذا الملك الذي اخترتموه جعله الرب عليكم ملكا اهـ  ( 24 )

ثم بعد ذلك أساء شاول فرفض ومسح داود عليه السلام ملكا على إسرائيل ، وهذا لفظ رواية اختيار داود ملكا على حسب ما هو مدون عندهم : فقال الرب لصموئيل حتى متى تنوح على شاول وأنا قد رفضته عن أن يملك على إسرائيل إملأ قرنك دهنا وتعال أرسلك إلى يسى البيتلحمي لأني قد رأيت لي في بنيه ملكا ( 25 ) . وورد في هذه الرواية أنهم عرضوا إخوة داود على هذا الرائي إلى أن قال صموئيل ليسى البيتلحمي : الرب لم يختر هؤلاء ، هل كملوا الغلمان ؟. فقال يسى : بقي بعد الصغير وهو ذا يرعى الغنم . فقال صموئيل : أرسل وأت به . فلما جاء داود وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر . فقال الرب : قم امسحه لأن هذا هو . فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط اخوته . وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدا اهـ  ( 26 ) .

قلت : تم تعيين داود عليه الصلاة والسلام ملكا في تلك الفترة والنزاع كان على أشده بين اليهود والفلسطينيين في الأرض المقدسة على مثل الحال اليوم في النزاع بينهما في فلسطين فجاء في هذا الأمر تطابق مـا بين الوضع الراهن في الأرض المقدسة وبـين وضعه هناك في زمان تعيين داود فسبحان الله الذي قال : ﴿ إنه هو يبدئ ويعيد ﴾ ( 27 )  . 

فهو يحب إعـادة الحال على المثال السابق وفي هذا سنة له كما قال صلى الله عليه وسلم : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ " .

       وسيعود الحميد ويقول : هذا اللحيدي كل شيء يرده إلى أمره.

وأقول : ليقل ما شاء ، إنما الشأن كل الشأن أن ما أقوله صـدق ومطابقته راجعة لتدبير المولى عز وجل وتطويع الأمور بحكمته ، والحميد من جهله هذا الظن ، ولو تفطن لانتظام الأمور على قولي بتواتر متكرر وتفكر في حقيقة أمرها لوجدها حكمة بالغة ودلالة باهرة على مهديتي ولعرف أن مجرد إدراك العبرة في دلالتها بالتفكر نعمة من الله تعالى وتوفيق وهداية ، ولا يمكن لأي مخلوق كان أن يأتي بها على نسق واحد على مراده أيا كان المراد ، ولا بد من اختلال الأمر عليه سواء في الزمان أو في المكان ، وليفهم هذا الحميد الضال ومن على شاكلته من حنابلة السوء فهما جيدا إن كان عندهم بقية عقل .

       والله عليم بالحال سبحانه ، وما كنت وقت ابتداء تحقق التأويل بالكشف عن ذاتي مدركا لكل ما تقرر على لساني فيما بعد ومستدلا به ، وما كان ممكنا لي بأي حال من الأحوال إحاطتي بالعلم في ذلك ، ومع هذا كان ابتداء الكشف عن ذات المهدي محققا على الوجه الذي نقلت تفصيله في ردي على منافق الخوالد وكان الأمر مرهونا بابتدائه برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنام ، صموئيل هذه الأمة وواسطتها العظيمة ما بين الله تعالى وبينها ، ولو قطعت الأمة عن هذه الواسطة كما هو منتهى مذهب حنابلة الوقت السفهاء لبقت الأمة جاهلة ضالة يتوسطها الحنابلة وولاة الأمر ! أبدا لا صلاح ولا إصلاح ، فهذا هو منتهى حال القوم ولو زخرفوا أو بهرجوا ، ولبقت الأمة بقاء الرافضة ، يا مهدي يا مهدي ، وأخيرا لا مهدي ولا سرداب !! ، بل خاتمي ورفسنجانِ ، وحزب الله الكذاب .

وبالعودة إلى الكلام على سابقة هذا الحميد وهي إنكار أن يكون في الأمة محدّث غير عمر ، وهو مجد في هذا الإنكار غاية الجد ليقطع كما زعم على اللحيدي شبهة من شبهاته في دعوى الإرسال ، ولننظر معا من هو الأقطع .

 فأقول : الذي دعى الحميد لما زعم التوصل لإبطال دلالة قراءة ابن عباس وأبي على إرسال المحدّث في هذه الأمة ليتسنى له بعد ذلك إنكار دلالة آيات سورة الدخان نفسها ولذا تراه مجتهدا مجدا في إقناع نفسه ومن حوله أنه يقول الحق فقال : وإذا كان قد تبين أن ليس في الأمة محدّث غير عمر مع أن المحدّث هو الذي يحدّث في سره وقلبه بالشيء فيكون كما يحدث به ، هكذا ذكر العلماء ، ولا يقال إنه يوحى إليه فضلا عن أن يقال : إنه نبي أو رسول اهـ ( 28 )  .  

هذا ما قرره في التحديث ويرد عليه بالآتي :

 أولا :  القول بأن المحدّث يرسل هو قول ربنا يا كاذب ونفيك ذلك جرأة عليه أخزاك الله عز وجل ، وما كان ابن عباس وأبي ليكذبا على الله تعالى وينسبا إليه ذلك الحرف .

ثانيا : قوله قد تبين أن ليس في الأمة محدّث غير عمر كذب بارد مبناه على جهله في فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  في خبر المحدثين ، وقد نقل عن ابن تيمية وابن القيم ما يوهم به الجهلة من حوله أن هذا اختيارهم رحمهم الله تعالى ، وهو في هذا كاذب أيضا على الشيخين ، وإنما مرادهم بالكلام الذي نقله الرد على المبطلين الذين يزعمون التحديث على الأمور الباطلة لا نفي وقوع التحديث في هذه الأمة ، وكيف يستقيم استدلال الحميد بقولهم على مراده وابن تيمية يقول بوقوع التحديث في الأمة الذي هو عندهم الإلهام بل يرى العمل به على ما سأبينه لاحقا .

ومن جهل الحميد الإيهام بقوله : وعلق وجودهم في هذه الأمة بـ( إن ) الشرطية مع أنها أفضل الأمم لاحتياج الأمم قبلنا إليهم واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته ( 29 )  . 

أقول : هذا لعله يناسب في الرد على المبطلين الزاعمين التحديث على الباطل والدجل ، ولا يستقيم نفي التحديث مطلقا بهذا الكلام إلا عند الجاهل كالحميد هذا ، وابن تيمية نفسه يقول بالإلهام ويعمل به ، وجاء عنه رحمه الله في نفي التحديث والإلهام في حال المخالفة للكتاب والسنة ، لا الموافقة كما لبس الحميد ، فقال : لم تحتج الأمة مع رسولها وكتابها إلى نبي آخر وكتاب آخر ، سواء من علم المحدثين والملهمين أو من علم أرباب النظر والقياس الذين لا يعتصمون مع ذلك بكتاب منزل من السماء ـ وذكر حديث التحديث وعلق بقوله  ـ : علق ذلك تعليقا في أمته مع جزمه به فيمن تقدم ، لأن الأمم قبلنا كانوا محتاجين إلى المحدثين ، كما كانوا محتاجين إلى نبي بعد نبي . وأما أمة محمد فأغناهم الله برسولهم وكتابهم عن كل ما سواه ، حتى أن المحدث منهم ـ كعمر ـ إنما يؤخذ منه ما وافق الكتاب والسنة . وهذا باب واسع في فضائل القرآن على ما سواه ( 30 )

 قلت :  ذكـر هذا في مبحثه في مسألة المفاضلة بين كلام الله تعالى ، وبيان فضل القرآن على مـا سواه مما سبقه من وحي الله تعالى ، ولا يفهم بحال من كلامه هنا نفي تحقق التحديث في أمة الإسلام إلا لعمر أبدا ، هذا لا يفهم من كلامه ، وإنما هو فهم هذا الجاهل الحميد نفسه ، أراد أن يلصقه في ابن تيمية ويحمله على كلامه قصرا ، ولا يصح عليه ذلك بحال ، وما سأنقله عن ابن تيمية في التحديث وجواز وقوعه في الأمة عموما ينقض دعواه الكاذبة تلك ، وهذا كله أقرره جدلا مع هذا التائه الضال ، وإلا أمر المهدي أعظم وأجل في المرتبة من أن لا يؤتيه الله تعالى إلا التحديث الذي هو أقل منزلة من الرؤيا ، وهي أصرح في أجزاء الوحي وأعلا مرتبة ، وجاء عن رسولنا أنها جزء من أجزاء الوحي ، والحميد الكذاب يغالط ويلبس في هذا الباب ، فمن أين له أن أمر المهدي وما وقع به من رؤى وسيقع حتما سيكون معارضا للكتاب والسنة ، فهذا ظنه والحثالة من أمثاله من حنابلة السوء والسفه ، إذ أصلوا أخزاهم الله تعالى في بطلان الرؤى والأمر بالرؤى خصوصا على سبيل التواتر والتكرير ، وهذا باطل وتأصيل فاسد وهو إنكارا منكر بحد ذاته لا برهان له إلا جهلهم وتلك الأفهام السطحية الغبية .

وقول ابن تيمية : أن أمة محمد أغناهم الله برسولهم وكتابهم عن كل ما سواه ، حتى أن المحدث منهم ـ كعمر ـ  إنما يؤخذ منه ما وافق الكتاب والسنة اهـ .

فهذا حق من جهة أن المحدَّث وغير المحدَّث لا يصح ما يأتي به معارضا لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن يستقل في ذلك عن الكتاب والسنة ، إلا أن الشأن مع الحميد وزمرته الضالة أنهم يزعمون المخالفة في أمري ويدعونها كذبا وزورا وإنما أصل أمرنا وتفصيله في كل ذلك مرجعه إلى الكتاب والسنة ، وتفصيلهم الزائف في معارضة ذلك ، يقابله تفصيلنا في بيان الأمر والتعريف به ، وإذا نظر المحقق المنصف وجد كل ذلك لا يخرج عن الكتاب والسنة ، بل إن أمـر المهدي ووقوعه مـا هو إلا تأويلا لما جاء في الكتاب والسنة عنه .

أما قول ابن تيمية : بغنى الأمة بالكتاب والسنة اهـ . فيه نظر ويحتاج إلى تفصيل ليزول اللبس ، فالغنى بهما لا يسلم له إلا أن يكون مراده بأصل ذلك ووجوده ، ولا غنى في ذلك على الإطلاق ، وخلاف ذلك كذب وباطل مصادم للواقع وأخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم في أن الأمة قد تضل ولا يزال الكتاب والسنة بين ظهرانيها . فقد روى أبو أمامة رضي الله عنه : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف يذهب العلم وفينا كتاب الله ؟ فغضب وقال : " ثكلتكم أمهاتكم ، أولم تكن التوراة والإنجيل في بني إسرائيل فلم يغنيا عنهم شيئا ، إن ذهاب العلم أن يذهب حملته ، إن ذهاب العلم أن يذهب حملته " (31) .

، ومثله عن أبي الدرداء ، وقيل لعبادة فيه فقال : صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس الخشوع ، يوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيه رجلا خاشعا ( 32 )  . 

وعن عوف بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  يوما : " هذا أوان يرفع العلم " فقال له رجل من الأنصار : أيرفع العلم وفينا كتاب الله وقد علمناه أبناءنا ونساءنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة " وذكر له ضلالة أهل الكتاب وعندهم ما عندهم من كتاب الله فلقى جبير بن نفير شداد بن أوس فحدثه هذا الحديث عن عوف بن مالك فقال : صدق عوف . هل تدري ما رفع العلم ؟ قلت : لا أدري . قال : ذهاب أوعيته . وأول العلم رفعا الخشوع  ، فلا يرى خاشعا ( 33 ) .

قال الحافظ : استدل بهذا على جواز خلو الزمان عن مجتهد وهو قول الجمهور خلافا لأكثر الحنابلة ، وبعض من غيرهم ، لأنه صريح في رفع العلم بقبض العلماء ، وفي ترئيس أهل الجهل ومن لازمه الحكم بالجهل اهـ ( 34 ) .

قلت : والواقع مصدق لهذه الأخبار وشاهد لمعناها ، وها هو الكتاب والسنة بين ظهرانيهم لم ينتفعوا بكل ذلك ولم يعتصموا بهما في كثير من الأمور كبيرها وصغيرها ، ووقع بينهما الاختلاف والتنازع حتى صاروا شيعا وأحزابا ، والأمر فيما أقول هنا ظاهر بين لا ينكره إلا جاحد مغرور ومخدوع ممن يحسب أنه على شيء وهو ليس على شيء .

ومما يثبت حتمية حاجة الأمة لوحي خاص وهداية خاصة آخر الزمان ، كان تقدير الله تعالى لأمر المهدي وخروجه تحقيقا لهذا المطلب ، وأصرح ما دل على ذلك ما رواه ابن سعد في الطبقات عن عبدالرحمن ابن أبي الزناد قال : سمعت ابن أبي عتيق يحدث عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : " ما من نبي إلا في أمته معلَّم أو معلَّمان ، وإن يكن في أمتي أحد فابن الخطاب ، إن الحق على لسان عمر وقلبه ( 35 ) .

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم هما اثنان ، عمر والمهدي !! ، والمهدي أحق بهذا الوصف ، كيف لا وقد زيد له بما يعد أرفع مرتبة من مجرد التحديث وهي ( الرؤيا ) !! ، وقد جاء عن رسولنا صلى الله عليه وسلم التصريح بأنها جزء من الوحي والنبوة المتبقية بعده آخر الزمان ، الذي هو زمان المهدي ، وهو المراد بالذكر في سورة الدخان ، قوله تعالى : ﴿  أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين . ثم تولوا عنه وقالوا معلَّم مجنون ﴾ ( 36 ) . فمعلَّم هنا المراد به : المحدَّث ، المكلَّم ، المعلَّم ، كل هذا سواء . والمعلَّم هو الذي يعلمه الله ويلهمه ويلقي في روعه ما يشاء من الحق كحال عمر رضي الله عنه ، وعلى هذا لو كان المراد بآيات سورة الدخان محمد صلى الله عليه وسلم لما ذكر المعلَّم في وصف ذاك الرسول ، لأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أعظم وأجل من المهدي وعمر ومنزلته في النبوة أرفع بكثير من منزلة المعلَّم . وجاء في أول رواية عبدالرحمن بن أبي الزناد عن عبدالرحمن بن عوف أنه كان يقول إذا خطب عمر رضي الله عنه : أشهد أنك معلَّم ( 37 ) .

وفي هذا المبحث أبلغ رد على زعم شيخ الإسلام استغناء الأمة بالكتاب والسنة ، فالكتاب والسنة لابد لهما من تفصيل وتأويل وأمر المهدي من التأويل والتفصيل !! ، ويعد هذا من المباحث العزيزة المفقودة في زمان قبض العلم !!.          

وكون المهدي ملهم أو محدَّث ليس هو ما يعنيني كما توهم في هذا الحميد الضال ولذا تراه مجدا في نفي التحديث ولم يوفق مـع هذا ، وكم هو غبي في جده هذا وأنا لا أريده ، بل وجه الاستدلال عندي على أمري هو أنه كما جاز إرسال المحدّث في السابقين فجواز إرسال المهدي بالرؤيا أحق وآكد هذا وجه الاستدلال ، فانظروا للسائمة أين ترعى بالله عليكم ، ومع هذا لم يوفق الحميد ولم يصب شيء لا في نفيه عليّ ولا في إثباتي للمسألة محل البحث ، وإرسال المهدي بالرؤيا من كمال نبي الله تعالى وتمام رسالته فهو الذي نص على وقوع هذا نقلا عن ربه .

أما دعوى ( إن ) للشرطية في الحديث فهذا الكلام مما يناسب الحميد المقلد ، والصحيح أنها للتوكيد إجلالا لمكانة عمر رضي الله عنه وتوفيق الله له لا لنفي التحديث إلا له ، وإنما يفهم هذا جاهل مثل أبي حصان .

 قال الحافظ بن حجر : قيل لم يورد هذا القول مورد التردد ، فإن أمته أفضل الأمم ، وإذا ثبت أن ذلك وجد في غيرهم فإمكان وجوده فيهم أولى ، وإنما أورده مـورد التأكيد يقول الرجل : إن يكن لي صديق فإنه فلان ، لاختصاصه بكمال الصداقة لا لنفي الأصدقاء اهـ ( 38 ) .

وقالوا في المحدّث هو الذي تكلمه الملائكة ومحل الكلام في النفس وردوا ذلك للإلهام بالاتفاق ، وقال بعضهم هو التفهيم وهو قوي وانسب لحال المهدي ، وكل هذا كما قلت سابقا دون الرؤيا فهي أرفع مرتبة من الإلهام وما أبقيت في الأمة من أجزاء الوحي إلاّ لإرسال المهدي . هذا وإنكار الحميد لوقوع التحديث في الأمة الذي هو الإلهام باتفاق العلماء مكابرة منه في وجه الدعوة المهدية وسابقة غريبة من كيس أبي حصان ، وهذا قول بعض أهل العلم في الإلهام :

قال ابن تيمية : وأحكام المعينات التي تسمى ( تنقيح المناط ) مثل كـون الشخص المعين عدلا أو فاسقا أو مؤمنا أو منافقا أو وليا أو عدوا له ، فهذه الأمـور لا يجب أن تعلم بالأدلة الشرعية العامـة الكلية ، بل تعلم بأدلة خاصة تدل عليها ، ومن طرق ذلك الإلهام اهـ ( 39 )  . 

وهذا منه تأكيد على وقوع الإلهام في الأمة على عكس زعم الحميد عليه .

وقال ابن القيم : التحديث أخص من الإلهام وهو الوحي إلى غير الأنبياء ( 40 ) .

وقال السمعاني : إنكار الإلهام مردود ، ويجوز أن يفعل الله بعبده ما يكرمه به . ونحن لا ننكر أن الله يكرم عبده بزيادة نور منه ، يزداد به نظره ويقوى به رأيه ، وإنما ننكر أن يرجع إلى قلبه بقول لا يعرف أصله ولا نزعم أنه حجة شرعية ، وإنما هو نور يخص الله به من يشاء من عباده ، فإن وافق الشرع كان الشرع هو الحجة ( 41 ) .

وقال ابن التين : كان السر في ندور الإلهام في زمنه وكثرته من بعده ، غلبة الوحي إليه في اليقظة وإرادة إظهار المعجزات منه ، وكان المناسب أن لا يقع لغيره في زمانه منه شيء فلما انقطع الوحي بموته وقع الإلهام لمن اختصه الله به ، للأمن من اللبس في ذلك ، وفي إنكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة لمن أنكره ( 42 ) .

وقال ابن حجر : لم أقف في شيء من الأخبار على كون الإلهام جزءا من أجزاء النبوة ، مع أنه من أنواع الوحي !! ( 43 ) .

 قلت :  وهذا منهم في الإلهام الذي أنكر تحققه الحميد في هذه الأمة لغير عمر وقد كذب بهذا وعرف مقصده ، فكيف بالرؤيا وهي آكد تحققا في الأمة وآكد في أنها من أجزاء الوحي ، وقد بسط في أمرها هذا الدعي وقارب أن ينكرها كما أنكر الإلهام حتى أنه أصل ببطلان كل ما ذكرته من رؤى في كتابي ( تعبيد الموارد للوقوف على حقيقة منافق الخوالد ) وبطلان ما دلت عليه على الرغم من صحة نقلي وتوثيقي لذلك ما به يصح تحقق التواتر الذي هو حجة في بابه وقد أنكر كل ذلك الحميد ما قارب به حال الجاحدين للرؤيا من أصلها .

بل ذهب الخبيث إلى أبعد من هذا حين أنكر علي آية تشكل الغيم فوق رأسي رأيت ذلك رؤية عين وقد رآها غيري كذلك وهي آية نص على ذكرها إنجيل عيسى الصحيح وأنها إنما تكون عند بعث رسول الله ويعني بذلك المهدي ، وقد زعم هذا الملعون أن فعل الله تعالى هذا في الغيم وتصريف الرياح من عمل الشيطان والعياذ بالله تعالى وإلى هنا المنتهى في الظلم والجحد والجرأة الكبيرة على القول على الله وغيبه .

وأحب أن أنبه هنا أن الحميد له جرأة عجيبة على إنكار ما ثبت لغيره مع شدة انفصاله عمن حوله ، ولا أدري كيف يمكنه ذلك مع يقين جارف ، وليس هذا فقط ، بل هو مستعد دائما للمباهلة على ذلك أيضا ، وهذا عجب من أبي حصان ، ولو أن الناس طاوعته على ذلك لوجدوا أنفسهم جميعا مباهلين له ، فكم من الخلق الآن يصدقون ويوقنون بوصول الإنسان إلى القمر ، الجميع يصدق ذلك إلاّ الحميد وقلة على شاكلته لا يتعدى عددها أصابع يجحدون قدرة البشر على تحقيق ذلك ، وهؤلاء قطعا فهمهم وترجيحاتهم فيها خلل واضطراب لقصورهم في إدراك واقع الحال ولا يمكن الوثوق بنفيهم وإثباتاتهم إلا عند من هم مثلهم في الجهل والسذاجة.                       

إن البدار برد شيء لم تحط ....   علما به سبب إلى الحرمان                                                 

  وهذا ابن باز وهو رجل أعمى إلا أنه أحكم من هذا وأعلم وأصوب منه في النظر قال : قد تأملنا ما ورد في الكتاب العزيز من الآيات المشتملة على ذكر الشمس والقمر والكواكب ، فلم تجد فيها ما يدل دلالة صريحة على عدم إمكان الوصول إلى القمر أو غيره من الكواكب ، وهكذا السنة لم نجد فيها مـا يدل على عدم إمكان ذلك اهـ ( 44 ) في جملة كلام له في الباب أطال في شرحه ولم يبادر إلى إنكار فضلا على أن يباهل المخالف أو يكفره ، وهو رجل أعمى تمكن من إدراك حقيقة المسألة وإمكانية ثبوت تحققها ، أما هذا المغرور فعدم ذلك وتاه في المسالك ، يباهل وهو جاهل ، فانظر فرق ما بين الرجلين ، فهذا أعمى والآخر مبصر : ﴿ إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ﴾ ( 45 )

ثالثا : قوله هنا بعد إنكار وقوع التحديث الذي هو في مفهوم العلماء الإلهام : . . ولا يقال إنه يوحى إليه فضلا عن  أن يقال  : إنه نبي أو رسول اهـ .

فأقول : أما نفيه الوحي والإرسال فهو جهل وضلال ودعوى مجردة من البرهان ، بل هي معارضة مصادمة للقرآن ، وقد سبق وأن زعم الجاحد المكابر فيما قررته على قراءة ابن عباس لآيات سورة الحج ، واختياره أن الدخان آخر الزمان ، أن قولي في ذلك ما هو إلا شبه وأنه هو كاشفها ومظهر بطلانها ، وزعم في ذلك أنه ضلال من الشيطان وتلبيس ، وقد كذب جندي إبليس ، بل هو الذي أتى بالتدليس وسيعود بإذن الله بالتفليس ، وقد اعتبرت أقواله فما وجدتها إلا أقاويل كاذبة بعضها لم يسبقه إليها أحد .

ومن أفرى الفرى كذبه عليّ وعلى من معي ، بدعوى إدعاء النبوة ، وهذه من كيس أبي حصان الفتان ، كذبة كبرى مبناها على مـا بينت بطلانه سابقا ، وسأبين لاحقا ، أن الإرسال لا يكون إلا لنبي ، وقد أورد هنا في ذلك اعتراضين  ، وهما :

الأول : أن القرآن جاء أن محمداً صلى الله عليه وسلم  خاتم النبيين ، كذلك جاءت السنة بأنه لا نبي بعده ، ولا منافاة على الحقيقة بين كون النبي خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده ، وبين ما ورد في القرآن كما في آيات سورة الدخان أن الله تعالى يبعث رسولا من عنده آخر الزمان عند انبعاث الدخان ، ولا يجوز إلا الإيمان بالقرآن كله وأنه حق من المولى عز وجل ، وقد ذم الله تعالى من يؤمن ببعضه ويكفر ببعض ، أو أن يحرف ويخرف فيه تحريف وتخريف اليهود ، فقال : ﴿  أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ﴾ ( 46 ) . ومن أنزل خطاب الرحمن كما ورد في سورة الدخان على أفهام العقلاء الأذكياء ومن هو دونهم في الأمة من البسطاء سيسلم على فهم هؤلاء أنها خبر آت وإرسال لم يقع بعد ، وتمويهات الحميد وتلبيساته لا يمكن أن تدفع بتأويل ما ورد في سورة الدخان أبدا ، إلا عند من أضل الله بصائرهم وأعمى قلوبهم على الهداية والإيمان بالوعد الحق .

والحميد ما هو أولى منا بالإيمان بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاتم وأنه لا نبي بعده ، ونحن بفضل الله أحق منه وأولى بالإيمان بذلك ، مع إيماننا بكل القرآن وتصديقنا بكل أخباره .

      وكم كان الحميد اللعين مفتريا كاذبا وملبسا على أمري حين زعم بقوله : ودعوى أنه يوحى إليه هي دعوى أنه نبي ، واللحيدي يجعل المهدي نبيا رسولا ويدعي ذلك لنفسه وقد كذب ، ولا شك أن دعوى النبوة أو الرسالة بأي وصف بعد النبي صلى الله عليه وسلم كفر اهـ ( 47 )  . 

فأقول : أما دعوى النبوة ، فقد برأ الله منها عقيدتي وأصحابي والحمد لله ، وقد جحد ذلك هذا الملعون حين قرأ كتبي وقصد الرد على ما فيها ، إذ قلت في كتابي ( وجوب الاعتزال )  الآتي : الجواب الصحيح على ما أشكل من ذكر الرسول في سورة الدخان مع كون الدخان إنما يكون آخر الزمـان والآيات نص في هذا الأمـر ، فكيف يكون رسول في آخر الزمان والنبي قد صح عنه !! أنه لا نبي بعده !! ، وفي هذا مخالفة في ظاهر الأمـر لنص الآية في سورة الدخان اهـ  ( 48 ) .

وقولي هنا في ظاهر الأمر لا في نفس الأمر ، إذ قد يبدو من الظاهر ما هو على خلاف حقيقة الأمر لبعضهم ، ومرادي من هذا  استشكال بعضهم  اعتقاد بعث الرسول بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، مع أن ظاهر القرآن والسنة دلَّ على هذا ، ولهذا أوردت هذا على حسب فهم البعض للنصوص في هذا الأمر لا أن الأمر عندي متعارض كما موه الحميد ملمحا لهذا وملبسا على حسابي ، وكل منصف فاهم يقف على كلامي المذكور يدرك ما أعني من جوابي الكافي الوافي على ما يفهم من ظاهره التعارض ولا تعارض ، وقد قطعت هناك بالختم بالنبوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليزايد الحميد كيفما يريد ، فلله مرد الأمر كله وهو شهيد على كل شيء.

      قلت في كتابي ( وجوب الاعتزال ) تعليقا على حديث أبي هريرة المرفوع : " كان بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون"  ، قالوا : ما تأمرنا ؟ قال : " وفوا بيعة الأول فالأول ( 49 ) . وهذا مع كونه في النبوة بعده ، أي لا يخلفه نبي كما كان الأمر مع بني إسرائيل ، فليس فيه ذكر لنفي أن يرسل بعده رسول ، إنما هو دليل على نفي النبوة بعده ، وهذا على الصحيح عام في النفي ، سواء كانت البعدية تفيد القرب أو البعد ، فهو نفي مطلق ، ولا يستثنى من هذا النفي العام إلا المبشرات وهي الرؤيا ، فهي على الخصوص آخر الزمان لا تكاد تكذب . وعن أنس رفعه : " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي ، إلا المبشرات ، وهي الرؤيا جزء من أجزاء النبوة " رواه أحمد والترمذي والحاكم . والاستثناء واقع على الرسالة والنبوة ، وهو لا يعارض القول بأن آيات سورة الدخان في آخر الزمان ، بل يؤيده من حيث حدوث الاستثناء اهـ ( 50 )  .

هذا ما ذكرته بنصه تعليقا على ما يرد على البعض من إشكال بتوهم التعارض بين آيات سورة الدخان وبين ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  في نفي تحقق النبوة والإرسال بعده ، وليس الأمر كما ظنوا ، والحق والحمد لله بين فيهما غير خاف إلا على الحميد وأشباهه من الجهال ، الذين ضربوا السنة بالكتاب ، والكتاب بالكتاب ، والحق أحق بالاتباع ولو راع الحميد مما راع ، وعلى الحق ما استطاع .

      والاستثناء المذكور في حديث أنس هنا واقع على الرسالة والنبوة ، وقد أراد عليه السلام فيه معنا عظيما موائما لظاهر آيات سورة الدخان ومتحد في معناها ، ومراده أن الإرسال والإنباء منقطع بعده إلا بالمبشرات ولهذا شق على الصحابة ذكره للانقطاع بعده أول وهله ، ثم استثنى المبشرات سلواً لهم وطلبا لفرحتهم وبيان أن هذه الأمة لن تعدم من الخير بعده ، فافهم هذا أخي المؤمن والزم إدراكه تفلح ، ولا تلتفت لتمويهات الحميد الكذاب بقوله عني : يقول إن قول رسول الله : " لا نبي بعدي " . يخالف آيات سورة الدخان مخالفة ظاهرة ( 51 )  . 

وهذه من كذباته عليّ ، فقد نسب لي هنا ما لم أقله وأسقط من كلامي ما يفسد معناه ويحرفه عن مسعاه ، وإنما كلامي ومعناه على ما نقلته قبل قليل هو : والنبي صح عنه أنه لا نبي بعده ، وفي هذا مخالفة في ظاهر الأمر لنص الآية . فأسقط من كلامي : ( في ظاهر الأمر ) !! . ومرادي في ظاهر الأمر على حسب فهم المخالفين المفترضين أن هناك تعارض ما بين الآيات والحديث ، ولذا أوردت هذا إشكالا وأجبت عليه .

       وفي فعل الحميد هذا دليلا على عدم أمانته العلمية ، فجمع في ما ادعاه وسطره بقلمه كذبا عليّ ، بين الجهل والكذب والجرأة على الله تعالى وغيبه ، وكيف يصدق قوله هذا عليّ وقد أعلنت في نفس الموضع الذي نقل منه الحميد كلامي ، القول بصحة الحديث مع إيماني بالآيات في سورة الدخان ، وكل هذا عندي حق لا يعارض بعضه بعضا ، وإنما محل المعارضة في رأس أبي حصان وأمثاله من الجهلة من أتباعه حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام .

      ومما يدل على تعمده الكذب علي وتجنيه ، إعراضه وتجاهله لقولي في نفس هذا الموضع الذي نقل منه ما اتهمني به وهو إدعاء النبوة ، قولي : إنما هو دليل على نفي النبوة بعده ، وهذا على الصحيح عام في النفي ، سواء كانت البعدية تفيد القرب أو البعد ، فهو نفي مطلق اهـ ( 52 ) . فهل يصح بعد هذا نسبة القول بالنبوة لمن يقرر هذا في أهم كتبه ، إلا ممن لا يخشى الله تعالى ولا يستحيي من الناس والكذب عليهم .

--------

( 1 ) رد الحميد (21) .

( 2 ) سورة الحج (52) .

( 3 ) مجموعة الفتاوى (11/ 68) .

( 4 ) رد الحميد (34) .

( 5 ) رواه البخاري .

( 6 ) متفق عليه رواه البخـاري عن أبي هريرة ومسلم عن عائشة . قال ابن وهب : عند مسلم : محدثون ، ملهمون . وذكر الترمذي عن بعض أصحاب ابن عيينة : يعني مفهمون .

( 7 ) نعيم (1/ 38) والسنة للمروزي (25) . 

( 8 ) رواه المروزي في السنة (25) وقال في الفتح : رواه الشافعي بسند صحيح (13/301) .

( 9 ) المروزي (25).

( 10 ) عن المستورد بن شداد .

( 11 ) سورة النور (55) .

( 12 ) سورة الجاثية (16) .

( 13 ) سورة الأنعام (89) .

( 14 ) سورة آل عمران (79) .

( 15 ) رواه ابن ماجة والحاكم وصححه وأقره الذهبي ، وصححه في التاريخ ابن كثير . راجع تعليقي على هذا الحديث في وجوب الاعتزال (2/27) .

( 16 ) رواه ابن مسعود وغيره وهو من الأحاديث المتواترة .

( 17 ) سورة البروج (12- 13) .

( 18 ) سورة الدخان (16-17) .

( 19 ) سورة النور (55) .

( 20 ) سورة الأنعام (89) .

( 21 ) الإصحاح (8/10) (437) من كتابهم طبعة دار الكتاب في الشرق الأوسط .

( 22 ) المصدر السابق .

( 23 ) الإصحاح (12/1) (443) .

( 24 ) المصدر السابق .

( 25 ) الإصحاح (16/1) (452) .

( 26 ) المصدر السابق, وورد في إنجيل عيسى عليه السلام الصحيح أن تعيينه تم وهو ابن خمس عشرة سنة (226).

( 27 ) سورة البروج (13) .

( 28 ) رد الحميد (26) .

( 29 ) رد الحميد (24) .

( 30 ) مجموعة الفتاوى (9/29) .

( 31 ) الدارمي (1/77) .

( 32 ) الدارمي (1/87) .

( 33 ) رواه أحمد وأبو نعيم والطحاوي وأبو عمر في بيان العلم (1/593) وغيرهم .

( 34 ) الفتح (13/282) .

( 35 ) الطبقات لإبن سعد (2/255) .

( 36 ) سورة الدخان (13-14) .

( 37 ) الطبقات لإبن سعد (2/255) .

( 38 ) الفتح (7/50) .

( 39 ) مجموعة الفتاوى (10/ 478) .

( 40 ) بدائع التفسير (1/152) .

( 41 ) ذكره ابن حجر في الفتح .

( 42 ) ذكره ابن حجر في الفتح على حسب المطبوعة السلفية ، وفي الكلام هناك سقط وأتممت كلامه من شرح الزرقاني على المواهب للقسطلاني (7/163) .

( 43 ) الفتح كتاب التعبير .

( 44 ) الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس (7) . 

( 42 ) ذكره ابن حجر في الفتح على حسب المطبوعة السلفية ، وفي الكلام هناك سقط وأتممت كلامه من شرح الزرقاني على المواهب للقسطلاني (7/163) .

( 43 ) الفتح كتاب التعبير .

( 45 ) سورة الحج (46) .

( 46 ) سورة البقرة (85) .

( 47 ) رد الحميد (23) .

( 48 ) وجوب الاعتزال (1/74) .

( 49 ) متفق عليه .

( 50 ) وجوب الاعتزال (1/74) .

( 51 ) رد الحميد (21) .

( 52 ) وجوب الاعتزال ( الحاشية 1/74 ) .

-------------

                                               

مواضيع الفصل الأول
زعم الحميد بأن الرسـول لا يكون رسولا إلا بالنبوة ،  كذب على الله تعالى ومفردة من مفردات أبي حصان .
الحميد الضال يجحد دلالة الإرسـال للمحدث في قـراءة  ابن عباس وأبي بن كعب
إن جـاز إرسال المحدث في السابقين فجوازه في هذه الأمة أولى لكثرة الأنبياء فيهم وليس لهذه الأمـة غير نبينا عليه الصلاة والسلام
المانع لهم من تصديق إرسال المهدي شبهة ظن اللازم  بين الإرسال والتشريع
إبطال دعوى التلازم بين الإرسال والتشريع
من مفردات أبي حصان الحميد نفيه أن يكون في الأمة    محدث غير عمر
المانع لتحقق إرسال المحدث في هذه الأمة ضال طالبا  محال
ما كان في بني إسرائيل أمرا إلا وسيكون في الأمة مثله ، ومن  ذلك الاستخلاف بالمهدي سيكون على سنة بني إسرائيل ، اختيار من الله وبسبيل من الوحي
إتيان المهدي الملك مـن الله تعالى لـن يكون في هذه  الأمة إلا له
وصف رسول الله للمهدي بأنه ( خليفة الله ) جار على  هذا الأصل
تأويل حـديث ثوبان في الرايات مضى تحققه بعد فتنة صدام العراق
إضافة التشريف لله في وصف المهدي تستلزم أن يكون   اختياره من الله  وبوحي منه
تمكين المهدي في الأرض وعد من الله لهذه الأمة قطعه في الذكر والزبور والقرآن
قصة تمليك الله تعالى لأول ملك في بني إسرائيل
ثاني ملك في بنـي إسرائيل داود وكان تعيينه ملكا مـن الله تعالى قبل أن يوحى له
اختيـر داود ملكـا والنـزاع على أشـده بين اليهـود    والفلسطينيين ، واليوم يختار المهدي والنزاع أشد
منتهى مذهب الحنابلة اليوم قطع الأمـة عن وحـي الله  تعالى واختياره
من مفردات الحميد الكاذب أيضا إنكار أن المهدي يحدث
إنكـاره إرسال المحدث ، لمنع تصديق تحقق تأويل آيات سورة الدخان آخر الزمان
كـذب الحميـد في نسبته إنكار التحديث في الأمـة لغير عمر ، لإبن تيمية وابن القيم
ابن تيمية ينكـر دعـوى الإلهام والتحديث إذا خـالف الكتاب والسنة
ضـلال الحميـد وحنابلة السفه المعاصرين بقطعهم في مخالفة الرؤى عن رسول الله في أمره
قول ابن تيمية بغنى الأمـة بالكتاب والسنة غير صحيح بل قد تضل مع وجودهما
قال الجمهور: بجواز خلو الزمن عن مجتهد خلافا لأكثر    الحنابلة
الرد على دعوى ابن تيمية بعدم حاجة الأمة لمحدث كما   الأمم السابقة وأن الأمة أغنيت برسولها وكتابها
قول رسول الله :  " مـا مـن نبي إلا في أمته معلم أو  معلمان "
المهدي معلم وهو المذكور في سورة الدخان
خطأ من حمل تأويل آيات سورة الدخان على رسول الله    والقرآن يصفه بالمعلَّم ، والمعلَّم يأتـي بعد النبي وليس  هو النبي
بعث المعلم في الأمـة أبلغ رد على تضعيف قـول ابن تيمية باستغناء الأمة بالكتاب والسنة
إرسال المهدي بالرؤيا من كمال دين ورسالة رسول الله فهو الذي أخبر بذلك
بعض أقوال أهل العلم في الإلهام
أنكـر الحميد آية تشكل الغيم على رأس المهدي وكذَّب    ذلك ، وفي هذا منه تكذيبا للمهدي وللإنجيل الذي نص على خبرها
من شدة إنكـار الحميد وجهله ، إنكار وصولهم للقمر ،  وقد تواتر النقل عنهم على وقوع ذلك
ابن باز  ينفي أن في الشـرع أدلة تدل على عدم إمكان    الوصول للقمر
نفي تحقق الوحـي بعد رسـول الله دعوى مجردة من الحميد
لا منافاة بين ختم المصطفى بالنبوة ، وبين بعث وإرسال المهدي آخر الزمان صول للقمر
الحميد يفتري على المهدي بدعوى النبوة ، والرد عليه
الاستثناء بانقطاع النبوة والإرسال ، دال على جواز إرسال المهدي والوحي له بالرؤيا