قال الأخ اليمني : يذكر المدعو ( أمين ) أن هناك ( حديث صحيح ) فيه قوله : ( اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي , يصلحه الله في ليلة ) . ويقول : لو أنزلناه على النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يصلحه الله تعالى في ليلة ؟ اهـ .
أقول : لا يوجد حديث ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في خبر المهدي بهذا اللفظ المذكور هنا , وإن صح هذا الزعم المنسوب لهذا الرجل منه , فلا شك أنه من الكاذبين على المصطفى عليه السلام الذين ينسبون له قولا لم يقله وقد توعدهم بدخول النار جراء فعلهم هذا الشنيع , قال علي رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار ) ( 32 ) .
ووجه الاحتجاج بمفهوم هذا اللفظ المجموع على هذا التركيب المعين المذكور هنا مما يدل على قصد المحتج السيئ , إذ بهذا التركيب للفظ يمكنه الاحتجاج بما قال , والذي ألجأه إلى هذا التركيب حاجته إلى الاحتجاج به لإثبات بطلان الدعوة المهدية الحقة بما يفيده مفهوم هذا اللفظ المركب , ولولا هذا التركيب لما أمكنه ذلك , ولذا اضطر إليه , ويعد بهذه الفعلة كاذبا على المصطفى عليه الصلاة والسلام , وإن لم يكن هذا كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أدري ما هو الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم .
والذي يثبت قولي هذا أن هذا المدعو بـ( الأمين ) وهو إن صح عنه هذا فما هو بأمين بل خائن زنيم بين الزنامة شديد , إنه لن يستطيع بأي حـال من الأحوال أن يعزو لفظه لأي مرجع معتمد أبدا , وهذا سيكون كافيا في إثبات كذبه في هذا التركيب المفترى ليتمكن من ابتداع مفهوما زائفا مبنيا على الكذب توصلا لرد الحق والعياذ بالله تعالى .
والحديث المشهور إنما لفظه على التمام هو كما روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ) ( 33 ) . رواه جماعة ولم يذكروه بهذا اللفظ الذي لفقه كذاب اليمن الخائن وزاد من كيسه : اسمه اسمي . بقصد سيئ .
وقد انفرد بلفظ هذا الحديث على ما ذكره جماعة لا كذاب اليمن , ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال البخاري في هذا الحـديث : في إسناده نظر . وقال العقيلي : لا يتابع ياسين على هذا اللفظ . ذكر له متابعا عند أبي نعيم والله أعلم .
وأكثر النقاد على تضعيف هذا الحديث إلا أن لي ولو ضعفوه شهادة واقعية أعتد بها على تصحيحه , إذ ناسب معنى هذا الخبر الحال التي بُدأ بها أمري , حين اقترن بذهني وداخلة صدري خواطر الوعظ وإلهام التذكير المتواصل المُلِح بالتخويف من الله والحث على التمسك بالدين والعبادة والحرص على اتباع الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم , لقد كان شديد ملازما في همسه أكاد أصدق أنه بالخارج حتى أنه أصابني جراء ذلك بالهلع , وقد نقلني نقلة شعورية وعملية أذهلت أصحابي ! , هناك في فرانكفورت ألمانيا ! .
ووجه دلالة واقع الحال لا بمجرد تحقق الهداية والتوجه إلى الله عز وجل لا , بل هو تحقق هذا الاقتران وعلى الفور بعد ابتداء أول سفرة لي خارج البلاد , بقصد التمتع بالدنيا والتوسع بملذاتها , وكان سفري لألمانيا الغربية والمقرر جولة أوروبية , وهناك لم يمضِ علي ليالي معدودة قليلة إلا وأنا أقيم الليل من صاحبي الهامس ! أخشى الموت في ديار الخناس منشأ الأرجاس , وأشد ما كنت أخشاه أن أموت في ديار الصلبان فينقطع الجثمان على غير ما يرضي الرحمن .
وما كنت أرى إلا طلائع الخيل تطل من مدينة المصطفى وكلي تشوق لمعرفة كيف هي عليه المنازل في تلك الأزمان , وكيف أحد شامخ وهي ساكنة بجانبه . هناك في ألمانيا ما كنت أدري هذا الحديث ولم أقف بحياتي ولا لحظة على حديث ياسين العجلي هذا , وأما اليوم فله شهادة مني لا تزحزح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك في ذلك , ولعن الله تعالى كل من زاد عليه ما زاد هذا الرجل المدعو بـ( أمين ) .