الفصل الثالث

التعليق على الحديث الثاني في تبويب صاحب السنة المذكور

 

ثم يسوق صاحب كتاب السنة ابن أبي عاصم ببابه هناك في إثبات التعجب صفة لله عز وجل ، الحديث الثاني المختلف على لفظه هو الآخر ولو روي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا ولفظه : " لقد عجب الله تعالى بصنيعك بضيفك ، أو ضحك بصنيعك بضيفك " اهـ .

 

ولفظه في البخاري : ضحك الله الليلة - أو عجب - من فعلكما اهـ . ورغم أنه على الشك كما ترون يأخذونه ويعتمدون به صفة لله تعالى وأي صفة ؟!

 

عجب المولى عز وجل عندهم من ذلك كما يعجب الذين لا يعلمون ، فسبحانه وتعالى عما يجهلون .

 

وسبق لي ذكر تعليق الأعمى ابن باز على هذا الحديث ضمن تعليقاته على شرح الحافظ ابن حجر وأزيد هنا فأقول بخصوص هذا الحديث بأنه :

 

صحيح أنه روي من وجه عند مسلم على عدم الشك وفيه : ( قد عجب الله ) . لكن ذكر الحافظ ابن حجر أنه : عند ابن أبي الدنيا في حديث أنس " ضحك " بغير شك اهـ . " راجع كتاب التفسير من صحيح البخاري باب : ( ويؤثرون على أنفسهم ) 9/622 "

 

ولما كان ذاك الأعمى الهالك من المقلدة والنقلة من غير وعي ولا تثبت ، ففوق أنه لم يعر بالا لرواية الشك في صحيح البخاري عن أبي هريرة وهو بذلك التعليق مجرد مقلد لمثل ابن أبي عاصم في تبويبه ، هو زيادة على ذلك لم يعر بالا أيضا إلى أن الرواية عن أنس لذاك الخبر من وجه آخر إنما فيها إثبات الضحك من ذلك لا التعجب مرجحة للضحك المشكوك فيه في الرواية عن أبي هريرة في صحيح البخاري ، فإن يُعتقد بصحة اتفاق صحابيان على خبر أولى من الإعتماد على رواية فرد منهم وهي على الشك ، وباتفاقهم يتم ترجيح اللفظة التي اتفقوا عليها على الراوية المفردة بخلافهم كما في صحيح مسلم وغيره .

 

وفي هذا ما يثبت ما قررته في عدم جواز أخذ اثبات صفة لله تعالى مما يختلف فيه على الصحابة وما دونهم على ما ذكرت في تقسيمي قبل ، فالخبر عن أبي هريرة كما ترون في رواية البخاري على الشك من بعضهم ومن البعض عدم الشك كما في مسلم ، ثم يروى الخبر من وجه آخر عن صحابي آخر على الجزم والخلاف مع ما جزم به من وجه آخر ، فرواية عن الخبر ترجح التعجب ، وأخرى عن صحابي آخر ترجح الضحك ، وثالثة على الشك ، وإذا كان بالترجيح العدل فالرواية عن أبي هريرة بالضحك هي الأرجح لأنها مروية عن صحابي آخر على ذلك الوجه ، لكن كما قيل بالمثل حبك الشيء يعمي ويصم ، والحب إذا لم يوزن بالحق والعدل والصدق ولو كان بدعوى حب الإنسان لربه فهو سيجر حتما لخلل في دعوى ذلك الحب من مثل كذب الألباني وتجاهله هناك وتجاهل الأعمى الإختلاف في رواية أبي هريرة في الصحيح وما يرجح في ذلك عن أنس رضي الله تعالى عنه .

 

وخبط الملحد ابن جبرين في شرح الواسطية ومثله ابن عثيمين كلهم على ذلك خلطوا خلطا لا يليق وهم بصدد اثبات صفة لله تعالى وكل من يتلفظ في ذلك يعد مسؤولا عن الأمانة التي يؤدون بها العلم للناس أمام الله عز وجل .

 

وليت أنها اقتصرت على تجاهل ابن باز وخلط كل من الملحد ابن جبرين والعثيمين والفوزان وغيرهم كثير في ذلك ، بل سأثبت إن شاء الله على أعماهم الآخر الألباني أنه كذب في تحقيقه لحديث آخر لأبي هريرة في هذا الخصوص وأخل بأمانة التحقيق والتخريج كما سيمر معنا تقرير ذلك والتفصيل في بيان كيف حصل ذلك ، فالأول أخل بأمانته العلمية وهو يعترض شارح صحيح البخاري ، والآخر أطم منه قرر كذبا هناك مع تجاهل تام لذكر الروايات المخالفة ، وعليه لا تلوموا من قال قبل ( حسبي الله عليكم يا أهل الحديث ) ، فكم من رواية أفسدوها بمثل هذا التلاعب والتشهي حتى بلغوا بمثل كبيرهم هذا الهالك للكذب والعياذ بالله تعالى .

 

وأقول أيضا بأن : لأحد تلاميذ الأعمى ابن باز خلط عجيب هو الآخر فيما يزعم أنه جمع لتعليقات له ولشيخه على شرح ابن حجر وهو يعلن بكتيبه " التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري " أن شيخه أقره على ذلك الجمع وأجاز طبعه وإعلانه للناس . فينقل تعليق له على ما قرره ابن حجر في كتاب التفسير في قصة إيثار الأنصاري ضيفه على نفسه وأهله تلك الرواية التي وقع فيها الشك ، فيقول هناك :

 

هذا كله تأويل لصفتي العجب والضحك الثابتتين لله ، وصرف لهما عن ظاهرهما . والواجب ! اثباتهما حقيقة لله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل كسائر الأسماء والصفات ، وهو قول أهل السنة والجماعة اهـ . " ص 63 "

 

وفي هذا ما فيه من خلط وجهل مبين وإن كان هذا مما يقره ذاك الأعمى وهو بما وضحت من درجته في التحقيق وحسن النظر ، فقد أتى عليه تلميذه هذا بفضيحة لا يجوز السكوت عنها بحال ، إذ كيف مع كل هذا الخلط في إثبات تلك الصفة هم مع ذلك يوجبون على الخلق صحة اعتقادهم في ذلك وأعني صفة " التعجب " ونسبتها لله عز وجل كسائر الصفات التي يؤمنون بإثباتها على الوجه الذي علم عنهم ، فإن خلط هذا الجاهل هنا فيما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات صفة الضحك لله تعالى مع ما توهموا فيه بصفة التعجب ونسبتها لله عز وجل باطلا وكذبا لهو من أعجب الأمور عندي ، إذ كيف وهذا الجاهل كما شيخه قبل يرون رواية البخاري عن أبي هريرة على الشك ثم هم يأتون بكل ذلك من غير اعتبار لذلك الإختلاف والرواية على الشك من وجه ومن وجه على افراد صفة دون أخرى ، وهذا مما يدل على جهلهم وتقليدهم ، ولا بد من التمييز في ذلك فما ثبت في صفة الضحك ونسبته لله عز وجل لا يخلط بسواه أثبت ذلك بما صح في بابه أما أن تخلط وبكل ثقة من نفسك وأنت بالحقيقة مخلط وبتزييف أيضا فهذا لا يجوز إلا عند أولئك زمرة المقلدة واتباع كل ناعق على مذهبهم وجمهور فرقتهم ، واترك الصفة الأخرى لما تراه قد صح في اثباتها في بابها الخاص ، ولم يصح في إثبات صفة العجب عن الله تعالى أي رواية فلهذا ترونهم يشدون بعضا ببعض ويخلطون هذا على ذاك لتحصيل التقرير النهائي على وفق قناعاتهم المبنية عند التحقيق على الأكاذيب والتخاليط كما هي مهمة نقضي هذا وتحقيقيي على إثباته عليهم .

 

فكل ما روي في ذلك داخله الخلط أما على الشك كما في الصحيح ، أو الضعف في السند ، أو الخلط والتدليس وإيقاع الكذب في ذلك كما هو مبين بتقريري هذا وما سيعلن إن شاء الله تعالى بكتابي في العقيدة " القاعدة الذهبية " وهي رد ونقض لتخليط أهل الحديث في كل ذلك .

 

وما أشبه فعل الملحد ابن جبرين والفوزان وابن عثيمين على ما قرره ابن تيمية رحمه الله تعالى في الواسطية ، بما فعله هناك تلميذ ابن باز بجمعه على نص رواية أبي هريرة في صحيح البخاري ما بين الضحك والتعجب ، بما فعله أولئك الجهلة المقلدة على ظهر الواسطية لإبن تيمية ، كما سيمر معنا لاحقا إيضاح ذلك إن شاء الله تعالى .

 

ولا يستغرب على مثل ذلك التلميذ الجاهل المقلد ولا على شيخه كبير المقلدة في بلاد آل طرطور ولا على من ذكرنا ومن لم نذكر من جهلتهم أن يجري منهم هذا التخليط ، فمن يثبت لله تعالى صفة الإستهزاء بالكفرة الأشرار صفة ذات لا فعل متعدي على ما أشرت قبل بكلامي ، فمثل من يثبت هذا صفة ذات لله عز وجل لا يعجب المرء حين يوجبون على الناس اثبات تعجب الرب صفة ذات هي الأخرى وأصبعين للرحمان عز وجل هي أيضا من صفات الذات في اعتقادهم يقلب بهما الرب عز وجل قلب كل إنسان وهم يحسبون بقاعدتهم الحمقاء " نثبت ذلك من غير تمثيل ولا تعطيل " أنهم بلغوا الغاية باثبات الحق ونفي التشبيه بذلك ، وهم جهلة يبنون باطلا على باطل لا يفيد معه لا اثبات خيالي ولا نفي تشبيه والعقل الذي لا يدرك الكلام على وجه التمثيل من الكلام على وجه الحقيقة فهذا لمن له سلطة أن يحجر عليه فلا يفسد على الناس دينهم ويحركهم للشبه والخيالات على ربهم حتى يحقق بهم الشيطان النفرة القلبية من ذات الإله العظيم المحبوب بالحق المعبود بالفطرة ، وذلك كله من جهلهم ومغبة تقليدهم لما يجدونه مسطورا بصحف المتقدمين من غير تمييز ولا تحقيق ، وإلا من قلد من يبوب بكتابه ويدعي أنه كتاب في السنة ، مثل ذاك الباب في إثبات صفة التعجب وينسبها لله تعالى وهو يروي قبل مباشرة عن الله تعالى أنه لما قضى خلقه استلقى ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى وقال : لا ينبغي أن يفعل مثل هذا اهـ .

 

هذا مع دعواه أن : جميع ما في كتابنا كتاب السنة من الأخبار توجب العلم ، يجب التسليم لها على ظاهرها اهـ . " راجع كتاب العلو للذهبي 2/1192 "

فهو يقول بالجمع لا يستثني ليخرج ما روى بالاستلقاء ، وأيضا يوجب التسليم لكل ذلك ، ومن هذه منزلته وهو إمام كبير في السنة ، فلا شك أن تلك صرخة مدوية على خلل في أصول هؤلاء واضطراب قد آن الوقت لفضحه وكشف عواره .

 

فهؤلاء شعب الأصابع والإستراحة مصيبتهم مصيبة وخلل عقولهم يأتي بالطامات في ذات الله عز وجل في بعض ما يقررونه في عقيدتهم ، ومثل ما راج على ابن مسعود تشبيه ذلك اليهودي الكذاب بالأصابع وحملها للسماوات والشجر والحجر والمياه ، قد راج على صاحب السنة مثل هذا السخف ولا حتى اليهود بلغوه رغم شدة جهلهم وضلالهم في الله تعالى ، لكن للأسف ذلك لم يروج عندهم وهم واضعوا أصله ، لكن عند مثل ابن ابي عاصم والدارمي أيضا راج وقبل وضمنوه كتبهم في السنة في إثبات الصفات للمولى عز وجل على وفق تلك الأفهام والعقول التي اعتراها النقص والخلل .

 

وأصل تلك الأكذوبة من وضع أحد كتاب العهد القديم وكهنتهم الكذبة جامعي المشويات والدريهمات من فقراء الناس ، ولأجل أن يعظموا السبت وعطل السبت وقرابين السبت وما تعلق بنسك السبت عموما ، زعموا على الله تعالى ما يلي من الكذب ، وهم أهل غلو لا يتورعون من الكذب على الله عز وجل وهم بسبيل ارهاب أتباعهم بما يزعمون تعظيمه :

 

" اذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ ، سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَقُومُ بِجَمِيعِ مَشَاغِلِكَ ، أَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَتَجْعَلُهُ سَبْتاً لِلرَّبِّ إِلَهِكَ ، فَلاَ تَقُمْ فِيهِ بِأَيِّ عَمَلٍ أَنْتَ أَوِ ابْنُكَ أَوْ ابْنَتُكَ أَوِ عَبْدُكَ أَوْ أَمَتُكَ أَوْ بَهِيمَتُكَ أَوِ النَّزِيلُ الْمُقِيمُ دَاخِلَ أَبْوَابِكَ ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ صَنَعَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ، ثُمَّ اسْتَراحَ فِي الْيَوْمِ الْسَّابِعِ ، لِهَذَا بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَجَعَلَهُ مُقَدَّساً " ( الخروج )

 

وكما ترون عند صاحب السنة زيد على ذلك بما لم يقدر على وضعه كاتب العهد القديم هذا فيما زعمه من استراحة الله تعالى وهو القائل بكتابه :

 

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ . وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ . فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ . وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾

 

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

 

واليهود يقولون استراح ، والطامة الكبرى تقول استلقى على ظهره واضعا قدم على أخرى ، تعالى الله العزيز القوي عن جهلهم وضلال عقولهم علوا كبيرا .

 

على العموم بالنسبة لتلميذ الأعمى ابن باز ذاك المقلد فلي تعليقات على كتيبه المذكور وليس هنا محل إيراد جملتها والرد على ما قاله في الصفات ، ففي كتابي المذكور إن شاء الله تعالى سيكون ردي عليهم جميعا قديمهم وحديثهم ، وهنا عرجت على ذكره بسبب اختلاط تعليقاته بتعليقات شيخه فيما ردوا به على شارح صحيح البخاري الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، ما اضطرني لذكر ما قاله مثل ما رددت على ما قاله شيخه والذي مما قاله كما في أحد الهوامش على شرح الحافظ في الفتح لحديث أبي هريرة رفعه : " يضحك الله إلى رجلين يقتلُ أحدهما الآخر يدخلان الجنة ، يقتل هذا في سبيل الله فيقتل ، ثم يتوبُ الله على القاتل فيستشهد " اهـ . " كتاب الجهاد باب : الكافر يقتل المسلم .. "

 

فقال ابن حجر ما يلي : في رواية النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد " إن الله يعجب من رجلين " !!

 

ثم ذكر ما قاله الخطابي في تأويله لصفة الضحك وقول ابن الجوزي وما نسبه الخطابي للبخاري في تأويله صفة الضحك . وابن باز في تعليقته بالهامش هناك خص ما قاله ابن الجوزي التالي : أكثر السلف يمتنعون من تأول مثل هذا ويمرّونه كما جاء وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق ، ومعنى الإمرار عدم العلم بالمراد منه مع اعتقاد التنزيه اهـ .

 

وعند قوله ( ويمرونه كما جاء ) علق الأعمى بالقول : وهذا هو الصواب الذي جرت عليه الملة وعمل به أئمتها من العصر النبوي إلى زمن الأئمة المتبوعين ، والخروج عن هذه الطريقة إلى التأويل عدول عن طريقة الصحابة والتابعين والتابعين لهم بحسان اهـ .

 

أقول : إنما العدول عن طريقتهم بما يغفل هذا الجاهل الأعمى من اختلافهم برواية التعجب وينسبه لله عز وجل منهم من ينسبه ، ثم يخالف من يخالف ويرويه على صفة أخرى ، ثم يأتي هذا الضال ويهمل التمييز في ذلك مثل ما أهمله بتعليقه على حديث أبي هريرة الآخر في منقبة الأنصاري نظير ما فعل شقيقه في الضلال الألباني حين اهمل ذكر ذلك بالنسبة لحديث ابن مسعود المروي في ترجمة صاحب السنة ، وكل ذلك لعله حصل من أولئك الجهلة بحكم أن كل ذلك مما اتفق عليه واعتقده مثل ابن أبي عاصم في كتابه السنة وابن تيمية في واسطيتهم ، وهذا لا يجوز وهو باطل من التلبيس ولو لم يكن ذلك الأعمى بتلك المنزلة من الجهل والتقليد لم تسمح له نفسه بإهمال ذكر ذلك وتمريره لمن يقلده من بعده ولو أن يكون المنع من ذلك باسم حسن التحقيق وضرورة التمييز بين كل ذلك ليكون مقلدتهم على بصيرة أقله فيما يعتقدون بصفات الله عز وجل وأسماءه وما يليق بحقه وما لا يليق نسبته له عز وجل ، ولا أن يفاجأوا يوما بمن يوقفهم على ذلك الإختلاف المتواصل وأنه ثابت ، ثم يحقق عقيدتهم على وفق ذلك ثم يحارون لا يستطيعون لذلك جوابا ، والمختلف عليه شيء والمتفق عليه شيء آخر في إثبات الصفات للباري عز وجل ، لكن هذا الجاهل المقلد ومن قلده هو نفسه لا تمييز بعقولهم في ذلك ولا يستطيعونه .

 

وأنتم كما ترون عادت بنا رواية أبي هريرة هنا وهي من الروايات الثابتة في الصحيحين وتلك أرفع درجات الصحيح إلى أن تقلب برواية النسائي كما قاله شارح البخاري من صفة الضحك للتعجب ، على ما عادت إليه جل تلك الروايات التي فيها ذكر التعجب ونسبته لله عز وجل ، فتارة يأتي من يروي مرويته على صفة الضحك ، وآخر يخالف ويروي ذلك على صفة التعجب ما يثبت ما قلته قبل باختلاط الضحك بالتعجب عليهم في إثبات صفات المولى عز وجل ، وكل هذا مما يثبت صحة اعتقادنا ببطلان نسبة ذلك لله عز وجل صفة ذات وما روي في ذلك هو بتلك المنزلة من الإختلاف المطرد ، والعقيدة الراسخة من الحق إنما تبنى على ما صح وثبت عن الله عز وجل ورسوله ، لا على المختلفات المتناقضات أو الضعيفات روايات من وقع بالخرف .