تحقيق الكلام في واقعة تحريف نص إمام دعوة التوحيد في نجد

 

قلت من قبل أن هذا النص عن الإمام محمد بن عبد الوهاب مما حرفه المبتدعة الكذبة ، تلبيسا منهم على دعوته وأصولها ، فقلبوا عليها تكفيره لعباد الكواز وقبة عبد القادر وأحمد البدوي ، إلى عدم التكفير وأكثر بسبب ذلك الكلام والصد عن أهل الحق ، وتمموا بذلك جريمتهم الكبرى بإيراث هذا الباطل والكذب على هذا الشيخ الجليل ، لأتباع باتوا تائهين وحيارى ما بين عموم تقريرات الشيخ رحمه الله تعالى وشبه مخالفيه ممن شن عليه الحرب وأدام به الطعن .

وهنا أحب زيادة التفصيل لتعريف القراء الكرام كيف أمكن هؤلاء التلاعب بكلام الشيخ رحمه الله تعالى وتحريف نص كلامه وقلبه من أن يكون ضد عباد الأضرحة والقبب ، لأن يكون عذرا لهم بل سبة أو عكازة لؤم بصدر كل من يقول ويعتقد حقيقة ما كان عليه الشيخ رحمه الله تعالى ، من براءة وإعلان عداوة لهؤلاء المشركين ، وهذا لا شك ضد مراد الشيخ وعكس المقصد من صحيح كلامه ذاك .

نص كلام الشيخ الصحيح :

وأما الكذب والبهتان : أنا نكفر بالعموم ، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ، وأنا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل ، ومثل هذا وأضعاف أضعافه . فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصد به ورثة أبي جهل من سدنة الأصنام وأئمة الكفر الناس عن دين الله ورسوله ، وإنا لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله ، من المشركين عباد الأصنام كالذين يعبدون الصنم الذي على قبر عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما ، أما الذين آمنوا بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر وجاهدوا في الله حق جهاده فهم إخواننا في الدين وإن لم يهاجروا إلينا . فكيف نكفر هؤلاء ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم اهـ (1) .

نص الكلام بعد التحريف : وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم أنا نكفر بالعموم ، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه وأنا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل ، ومثل هذا وأضعاف أضعافه .

فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به عن دين الله ورسوله . وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل ؟ ، سبحانك هذا بهتان عظيم اهـ (2) .

ومن المفارقات العجيبة ما وقع به الشيخ الهندي ( السهسواني ) حين نقل هذا النص المحرف ثم أعقبه بنقل قول الشيخ رحمه الله تعالى في رسالة أخرى : فمن جعل الأنبياء أو غيرهم كابن عباس أو المحجوب أو أبي طالب وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ، بمعنى أن المخلوق يسألهم وهم يسألون الله ، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم ، والناس يسألونهم أدبا منهم أن يباشروا سؤال الملك ، أو لكونهم أقرب إلى الملك ، فمن جعلهم وسائط على هذا الوجه فهو مشرك حلال الدم والمال اهـ (3) .

ولم يفطن الهندي مدى التناقض ما بين النص المحرف وما تلاه ، واستمر بسرد ذلك بسياق واحد موقعا الإشكالية الدائمة على دعوة الشيخ عند من لم يدرك سر هذا الخلط ، بتضارب الأقوال المنقولة عن الشيخ ما بين تكفير وامتناع ، ما أورث حيرة وبلبلة في فكر أكثر المتلقين لتراث الشيخ رحمه الله تعالى ، وهذا المرمى الذي أراده أعداء دعوته رحمه الله تعالى حين حرفوا نصه ذلك ليبقوا هذا التشويه دائم في طريق دعوة وأقوال هذا الإمام الفذ .

ومن المرجح عندي والله أعلم أن هذا الشيخ الهندي وهو بطريقه لمكة حين قابل الموسوس دحلان الذي يعد من أبرز أعداء دعوة الشيخ ومن أكثرهم حربا له في مكة ، وناظره للذب عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، أنه مما تلقى من رسائل الشيخ في تلك الرحلة هذه الرسالة التي وقع عليها التحريف ، فقد كان أصل الرسالة جوابا من الشيخ رحمه الله تعالى لشريف مكة ، ومن المرجح أنها من هناك تسربت لأيدي المحرفة ثم انتهت لمثل هذا الشيخ الهندي ولغيره ، حتى بلغت ابن قاسم نفسه جامع رسائل علماء الدعوة النجدية وعلى رأسهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فثبت النص المحرف عند هؤلاء وغيرهم ، إلا أن الله تعالى لطف ويسر الكشف عن فضيحة هؤلاء بما كشف عنه النقاب في هذا الكتاب بتوفيق الرحمن لعبده الفقير ناصر الموحدين .

والأشنع والأفظع ما فعله سلطان بن عبد العزيز وطغمته الضالة الذين هم من أبعد الناس عن نصرة دعوة الشيخ والعمل على إحياء تراثها وتطبيق ما جاء فيها ، حين حرفوا النص نفسه مثل ما فعل الملاعين في مكة بنص رسالة الشيخ رحمه الله تعالى لشريف مكة ، فسلطان آل سعود ومن أُمر بتنفيذ تلك الجريمة فعلوا نظير ما فعله أولئك بنص رسالة الشيخ استقلالا أقول لا تقليدا ، أو مجرد نقل من غير وعي بحقيقة ما فعلوه ، بل أقول استقلالا إذ عمدوا لنص كلام الشيخ المنقول بيد حفيده عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن فحرفوه مثل ما فعل برسالته لشريف مكة تماما ، في حين أن حفيد الشيخ تم عنه نقل النص سالما من التحريف في نسخة كتاب آخر له ، غير الكتاب الذي عبثت به هذه الطغمة الضالة عدوة التوحيد وسلطانها .

وإليكم النص المحرف على نقل الشيخ ( عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ) عن جده في كتابه " مصباح الظلام " وهو على النحو التالي :

وقال رحمه الله تعالى في رسالته للشريف : وأما الكذب والبهتان مثل قولهم : أنا نكفر بالعموم ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ، وأنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل ، ومثل هذا وأضعاف أضعافه ، وكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله .

وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا ولم يكفر ويقاتل ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم اهـ .

قال عبد اللطيف : فإذا كان كلام الشيخ رحمه الله فيمن عبد الصنم الذي على القبور إذا لم يتيسر له من يعلمه ويبلغه الحجة ، فكيف يطلق على الحرمين أنها بلاد كفر ، والشيخ على منهاج نبوي وصراط مستقيم ، يعطي كل مقام ما يناسبه من الإجمال والتفصيل اهـ (4) .

ولا يخفى عبث الأيدي الآثمة هنا بنص كلام الشيخ وحفيده على السواء ، والدليل على هذا أن الحفيد نفسه وهو ممن يعد المقدم بالتحقيق والنباهة في علماء الدعوة النجدية ، حتى أنه ثبت أنه أكثرهم تصنيفا وتفصيلا لأصول جده عليهم رحمة الله تعالى ، وأكثرهم ردا لمفتريات الخصوم وتفنيدا لشبه القوم .

أقول الدليل هو أن هذا الحفيد هو نفسه من نقل نص كلام جده سالما من التحريف بخصوص هذه المسألة وهي تكفير عباد القبور ، ذلك في كتابه الآخر " منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس " ، والذي سبق ذكره في هذا الفصل والذي قبله .

ومن غير المعقول أن يقول هنا بهذا القول تعليقا على ذات النص المحرف عن جده وهو بخصوص من كفرهم في موضع آخر ، وهو من نقل ذلك عنه وقرره وقرر ما هو ضد قوله هذا في كتابه الثاني ، كما لا يصح القول عليه بالنسيان كذلك أو التوهم هنا ، فالأمر فيه تناقض وخلل بالبيان وتعارض .

كما لا يصح الدعوى عليه بالقول : لعله كتب هذا قبل ما يقف على نص رسالة جده السالمة من التحريف ثم لما وقع على النص السالم قال عكس ما قاله هنا بكتابه الآخر ! .

وهذا مستبعد جدا :

أولا : لأن هذا الحفيد لا بد أن يكون وهو محقق وعالم أولى الناس على الحصول من الابتداء على النص الكامل لرسالة جده لشريف مكة ، بل جزما سيكون عنده الأصل عن جده ووالده رحمهم الله تعالى .

ثانيا : أنه من المحققين المتقنين والخلط هذا وتضارب الأصول من المستبعد أن يكون منه وهو بهذه المثابة ، فهو في ذلك يعد مضطربا جدا لحد بعيد في تقرير أصول التوحيد وما يتعلق به حتى أنه يقول القول بكتاب ، ثم ينقلب لنقيضه في كتابه الآخر ، من غير الإشارة لوجه هذا التقلب والاضطراب .

بل أجزم لو أنه مما حصل له هذا لتعين عليه دينا أن يبين وجه هذا اللبس وأن هناك تلاعبا بكلام جده رحمه الله تعالى ، وتنبه لهذا اللازم فهو في الأمر حازم .

ناهيكم عن أن هذا الحفيد هو من تعقب كلام جده بكتابه الذي نقل فيه كلام جده السالم من التحريف ، حين سئل عن مثل هؤلاء الجهال ـ يريد بعض عباد القبور ـ ، فقرر جده القول : أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها أنه يكفر بعبادة القبور .

فتعقبه بقوله : مع أن ابن القيم جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته وتأهلوا لذلك ، فأعرضوا ولم يلتفتوا ! .

ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن لم تبلغه دعوة رسول من الرسل ، وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين ، حتى عند من لم يكفر بعضهم ، والشرك يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله ؟ ، وقاعدته الكبرى : شهادة أن لا إله إلا الله ، وبقاء الإسلام ومسماه مع بعض ما ذكر الفقهاء في باب حكم المرتد أظهر من بقائه مع عبادة الصالحين ودعائهم .

وفي حديث المنتفق : ( ما مررت عليه من قبر دوسي أو قرشي فقل له : إن محمدا يبشرك بالنار ) . هذا وهم أهل فترة ، فكيف بمن نشأ من هذه الأمة وهو يسمع الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، والأحكام الفقهية في إيجاب التوحيد والأمر به ، وتحريم الشرك والنهي عنه ، فإن كان ممن يقرأ القرآن فالأمر أعظم وأطم ، لاسيما إن عاند في إباحة الشرك ودعا إلى عبادة الصالحين والأولياء ، وزعم أنها مستحبة ، وأن القرآن دل عليها ، فهذا كفره أوضح من الشمس في الظهيرة ، ولا يتوقف في تكفيره من عرف الإسلام وأحكامه وقواعده وتحريره اهـ (5) .

فانظروا لمن هذا تقريره وتعقيبه على ابن عبد الوهاب ، هل يصح بعده عبث سلطان بن سعود وطغمته بما في كتابه مصباح الظلام ؟! ، لا شك لا يقول بهذا إلا من لا يدري العلم ولا يعرف أصول التوحيد والتفريع عليها .

وهو القائل أيضا في كتابه الذي نقل فيه نص كلام جده السالم من التحريف في تقريرات الرد على تلبيسات وشبه العراقي ابن جرجيس حين زعم على ابن تيمية أنه كان كثيرا ما ينهى عن تكفير المسلمين ، فقال هناك : عبارات الشيخ ـ يريد ابن تيمية ـ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين ، كما سننقل لك جملة من عباراته في الحكم عليهم بأنهم لا يدخلون في المسلمين في مثل هذا الكلام اهـ (6) .

فانظر كيف أنه اختار كلام ابن القيم ومنع من اعتبار من يعبد القبر من المسلمين ، وما زال رحمه الله يكرر في عدة مواضع من ردوده في أن اعتقاد جده رحمه الله تعالى في عباد القبور الجهلة هو التوقف عن التكفير لا أنهم في عداد المسلمين فقال : ( والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفا وإحجاما عن إطلاق الكفر ) اهـ .

وقال في موضع آخر : وشيخنا رحمه الله لم يكفر أحدا ابتداء بمجرد فعله وشركه ، بل يتوقف في ذلك حتى يعلم قيام الحجة التي يكفر تاركها ، وهذا صريح في كلامه في غير موضع ، و رسائله في ذلك معروفة اهـ (7) .

وقال : كلام الشيخين ـ يريد جده وابن تيمية رحمهم الله تعالى ـ في كل موضع فيه البيان الشافي أن نفي التكفير بالمكفرات قولها وفعلها فيما يخفى دليله ولم تقم الحجة على فاعله ، وأن النفي يراد به نفي تكفير الفاعل وعقابه ! قبل قيام الحجة ، وأن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة .

وأما دعاء الصالحين والإستغاثة بهم وقصدهم في الملمات الشدائد ، فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه ، أو الحكم بأنه من الشرك الأكبر ، وتقدم عن الشيخ ـ ابن تيمية ـ أن فاعله يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، كما في عبارة الرسالة السنية ، وتقدم قوله : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم ، كفر إجماعا .

كما تقدم قوله في الرد على المنطقيين : وهذا إذا كان في المسائل الخفية ، فقد يقال إنه خفى عليهم ، ولكنه يقع منه في مسائل يعلم الخاصة والعامة أن الرسول قد جاء بها .. إلخ .  وهذا عين كلام شيخنا ـ يريد جده ـ ضاعف الله لنا وله الثواب ، وأدخلنا وإياه الجنة بغير حساب ، على رغم كل مبير وكذاب . 

والعراقي لم يفقه هذا ، لغلظ فهمه وعدم علمه ، بل هو يعتقد أن كلام أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة ، ينفي اسم الكفر والشرك والفجور ونحو ذلك من الأفعال والأقوال ، التي سـمَّاها الشارع بتلك الأسماء ، بل ويعتقد أن من لم تقم عليه الحجة يثاب على خطأه مطلقا ، وهذه من الأعاجيب التي يضحك منها اللبيب ، فعدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية ، بل يسمي ما سماه الشارع كفرا أو شركا أو فسقا باسمه الشرعي ، ولا ينفيه عنه وإن لم يعاقب فاعله إذ لم تقم عليه الحجة ولم تبلغه الدعوة ، وفرق بين كون الذنب كفرا وبين تكفير فاعله ، فافهم هذا واستصحبه معك فيما مر وما يأتي من الأبحاث ، فإن القوم زلت أقدامهم ولم يعقلوا عن الله ولا عن رسوله ، ولا عن أهل العلم والإيمان ما يراد من الكلام في هذه المباحث اهـ (8) .

ومما قال أيضا في اعتقاد جده :  أن أكثر العلماء يسلمون في الجملة بأن الشرائع لا تلزم قبل بلوغها ، ومن بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله ووجوب الإسلام له ، وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم وترك عبادة الله ، وهذا هو الذي يجزم بتكفيره إذا عبد غير الله وجعل معه الأنداد والآلهة . والشيخ ـ يريد جده ـ وغيره من المسلمين لا يتوقفون في هذا ـ أي بتكفيرهم ـ ، وشيخنا رحمه الله قد قرر هذا وبينه وفاقا لعلماء الأمة واقتداء بهم ، ولم يكفر إلا بعد قيام الحجة وظهور الدليل ، حتى أنه رحمه الله توقف في تكفير الجاهل من عباد القبور إذا لم يتيسر له من ينبهه .

وهذا هو المراد بقول ابن تيمية : حتى يبين لهم ما جاء به الرسول . فإذا حصل البيان الذي يفهمه المخاطب ويعقله فقد تبين له ، وليس بين بيّن وتبين فرق بهذا الاعتبار ، لأن كل من بين له ما جاء به الرسول وأصر وعاند فهو غير مستجيب والحجة قائمة عليه سواء كان إصراره لشبهة عرضت كما وقع للنصارى وبعض المشركين من العرب أو كان ذلك عن عناد وجحود واستكبار كما جرى من فرعون وقومه وكثير من مشركي العرب ، فالصنفان يحكم بكفرهم إذا قامت الحجة التي يجب إتباعها ، ولا يلزم أن يعرف الحق في نفس الأمر كما عرفته اليهود وأمثالهم ، بل يكفي في التكفير رد الحجة وعدم قبول ما جاءت به الرسل اهـ (9) .

وهذه بعض النقولات عنه ، وهو من يعد من أعرف الناس باعتقاد جده وأنه يتوقف في عباد القبور الجهلة ابتداءً لحين علمه ويقينه بأن الحجة قامت عليهم ليعتقد حل دماءهم وأموالهم ، لا أنهم في الأصل مسلمين ، فالشيخ لم يكن هذا من عقيدته على ما توهمه الحمقى المتأصلين بالجهالة ، المتطفلين على مباحث العلماء في أبواب العقيدة والتوحيد .

ولا أطيل في هذا الفصل بيان كيف حصل هذا التحريف وسيمر معنا وقفات غير هذه في إثبات حصول التحريف على كلامه رحمه الله تعالى ، فالأمر أظهر من أن أتكلف ببيانه ، وجميع نسخ الكتب المشار إليها مطبوعة قد تداولها الناس ، فلا مجال للإخفاء أو الكتمان هنا ، وهي فضيحة حلت على رؤوس الظالمين ، وخيبة أنزلها الله بفضله على أصول الجاهلين ، والله يتولى الصالحين ويتم نعمته على الموحدين .

-----------

(1) منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس ص 89 .

(2) أورده الشيخ الهندي ( محمد بشير السهسواني ) في كتابه " صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان  " ص 331 .

(3) المرجع السابق ص 331 .

(4) كتاب مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ص 43 .

(5) تأسيس التقديس ص 99 .

(6) المرجع السابق ص 97 .

(7) مصباح الظلام ص 337 .

(8) منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس ص 315 .

(9) مصباح الظلام ص 324 .